فى أمريكا أجرى العلماء دراسة حول تأثير الضحك على الشرايين.. اكتشفوا أن النكد يقلص الغشاء المبطن للشرايين فيعوق تدفق الدم ويساعد على التمهيد للإصابة بالتصلب ومن بعده الجلطات والذبحات الصدرية.. وفى الدراسة التى قادها البروفيسور مايكل ميلر مدير الوقاية من أمراض القلب فى المركز الطبى لجامعة ميريلاند انتهت إلى أن الغشاء المبطن للأوعية الدموية هو الخط الأول فى تطور تصلب الشرايين، وأن هذه الحقيقة تفسر تأثير الضحك الواقى من الأزمات القلبية والتصلبات الشريانية.. فهو يساعد على تمدد هذا الغشاء ويقلل من تقلصه أو انكماشه وباختصار يحافظ عليه ويبقيه فى حالة صحية جيدة وبالتالى يقلل من احتمالات الإصابة بأمراض القلب والشرايين.
«على أقل تقدير، يقلل الضحك من تأثير التوتر الذهني، الذى يضر بالغشاء المبطن للأوعية الدموية».. هذا ما قاله صاحب الدراسة أو المشرف عليها.. ولكنه يستطرد بسرعة أن الضحك وحده لا يكفي.. لابد من عوامل مساعدة أخري.. وينهى تعليقه بوصفة مختلفة وغريبة للوقاية من أمراض القلب والشرايين: عليك بالضحك لمدة 15 دقيقة يوميا.. وممارسة التمارين الرياضية بمعدل ثلاث مرات أسبوعيا على اقل تقدير.
عندما قرأت تفاصيل هذه الدراسة شعرت بأنها غير مقنعة.. من الصعب أن نصدق أن مشاهدة فيلم «دكتور بين» يوسع الشرايين ويمنع تصلبها ويحمى القلب ويقى الدماغ.. ومن غير المعقول أن مشاهدة فيلم «جامع العظام» مثلا يصيب الشرايين بالتصلب والشيخوخة ويطلق كل أمراض العصر.
تخيلوا معى شخصا ما عائدا من العمل بعد «دش» ساخن تعرض فيه لكل أنواع التأنيب التهديد من رئيسه بسبب وشاية ظالمة أو لأن رئيسه لا يعرف شيئا عن العمل الذى يديره ولا عن مرؤوسيه.. تخيلوا حجم ما يحمله من مشاعر القهر أو الانكسار أو الإحباط أو التشاؤم أو القلق أو حتى الخوف من المجهول والتوجس من المستقبل.. تخيلوا شرايينه وهى تئن تحت وطأة كل هذه المشاعر السلبية المخيفة.. وما أن يشاهد الدكتور بين أو حتى إسماعيل ياسين والقصرى وزينات صدقى حتى تستلقى الشرايين من الضحك وتتوسع وتتمدد وتغلق أبواب التصلب والانسداد. ما أعنيه هو أن الضحك لمدة 15 دقيقة يوميا لا يمكن أن يقاوم تأثير الاكتئاب والتوتر والقلق والخوف وكل المشاعر السلبية لمدة 23 ساعة و45 دقيقة.. ما أعنيه هو أن الإنسان المتألم أو الموجوع نفسيا لا يمكن أن يضحك من القلب وهو تعبير مجازى المقصود به الضحك الحقيقى الذى يعكس حالة من الرضا والسكون أو الهدوء النفسى الداخلي.. إذن الدراسة الامريكية تناولت المظهر وتركت الجوهر.. حدثتنا عن أهمية الضحك ولم تصف لنا طريقة تجعلنا نضحك ضحكا حقيقيا يعبر عن بهجة صادقة وفرح منطقى له ما يبرره.
البروفيسور أندرو ستيبتوي، أستاذ علم النفس بجامعة لندن وعضو جمعية القلب البريطانية توصل إلى نفس الاستنتاج تقريبا وعبر عنه بقوله إن نتائج هذه الدراسة مثيرة لكنها لم تكن مستبعدة.. والسبب هو أن الضحك مرتبط أو هو احد مظاهر المشاعر الإيجابية.. وهناك اهتمام علمى متزايد بتأثير المشاعر الإيجابية على الصحة.. السر إذن فى المشاعر الإيجابية بشكل عام وليس فى الضحك منفردا أو منعزلا أو منفصلا عن هذه المشاعر.