إعلان رفح الفلسطينية مدينة منكوبة
فى النهاية رضخ الاحتلال الإسرائيلى لجهود الوسطاء ـ مصر وقطر والولايات المتحدة ـ وأعلن قبوله اتفاق وقف إطلاق النار فى قطاع غزة الذى دخل اتفاق حيز التنفيذ، بعد 15 شهرًا من حرب إبادة خلفَّت أكثر من 157 ألف شهيدٍ وجريحٍ، معظمهم أطفال ونساء، وما يزيد على 11 ألف مفقود، وسط دمار هائل ومجاعة قتلت عشرات الأطفال والمسنين، فى إحدى أسوأ الكوارث الإنسانية بالعالم حتى أن مدينة رفح الفلسطينية أصبحت منكوبة بلا كهرباء أو ماء أو طرق.
رغم مرارة الأيام وقسوة ما تعرض له سكان القطاع خلال حرب إبادة كانت تبث على مرأى ومسمع العالم أكمل، ارتسمت على وجوههم الشاحبة ابتسامة أمل لدى عودتهم إلى بقايا منازلهم التى دمرتها قوات الاحتلال.
بدأ سريان اتفاق وقف إطلاق النار بقطاع غزة وصفقة تبادل المحتجزين والأسرى الذى تبلغ المرحلة الأولى منه 42 يومًا. وكان من المقرر بدء تنفيذ الاتفاق فى الثامنة والنصف من صباح أمس، إلا أن إسرائيل أعلنت أن الهدنة لن تدخل حيز التنفيذ إلا بعد تسليمها قائمة بأسماء المحتجزات الثلاث ليتم التأجيل حتى الساعة الحادية عشرة والربع.
قالت حركة حماس إنها تؤكد التزامها ببنود الاتفاق، مُشيرة إلى أن تأخر تسليم الأسماء يعود لأسباب فنية ميدانية.
أصدرت حركة حماس بيانا قالت فيه «نتوجَّه إلى شعبنا العظيم فى غزَّة البطولة والصمود بأسمى عبارات التحيَّة والفخر، ونجدّد عهدنا معه، بأن نكون الأمناء على حقوقه والمدافعين عنها، حتّى التحرير الكامل للأرض والمقدسات»
جاء فى البيان: «أسرانا الأبطال على موعدٍ مع الحرية ابتداءً من اليوم، وهو عهدُنا الثابت معهم دوماً، حتّى يكسروا أغلال السجَّان ويتنسموا الحريَّة فى سماء فلسطين».
فور سريان الهدنة، بدأ النازحون الفلسطينيون فى العودة إلى منازلهم المدمرة فى قطاع غزة تغمرهم السعادة، حيث تسبب عدوان الاحتلال الإسرائيلى فى تهجير أكثر من 85 ٪ من سكان قطاع غزة ـ أى ما يزيد على 1.93 مليون من أصل 2.2 مليون مواطن ـ من منازلهم بعد تدميرها، كما غادر القطاع نحو 100 ألف مواطن.
أظهرت مقاطع وصور متداولة عودة النازحين إلى منازلهم المدمرة شمال مخيم النصيرات، وبدأ سكان غزة بالتوجه إلى الأجزاء الشمالية من القطاع، حسب صحيفة «جيروزاليم بوست» الإسرائيلية. كما أظهرت المشاهد طوابير من الفلسطينيين الذين هرعوا إلى منازلهم التى دمرت معظمها وأصبحت ركاما جراء القصف الإسرائيلى على القطاع.
من جانبه، أعلن رئيس بلدية رفح الفلسطينية أحمد الصوفى أن مدينة رفح أصبحت رسميا مدينة منكوبة نتيجة الدمار الهائل الذى خلفته العمليات العسكرية الإسرائيلية. وأكد الصوفي، أن حجم الأضرار الكارثية يتجاوز إمكانات البلدية والمجتمع المحلي، مشيرا إلى أن «العدوان دمر جزءا كبيرا من البنية التحتية، بما فى ذلك شبكات المياه والكهرباء والطرق، إلى جانب تدمير آلاف المنازل والمرافق العامة» .
أضاف: «تواجه رفح مأساة إنسانية تتطلب استجابة عاجلة. نناشد المجتمع الدولى والمؤسسات الإغاثية بالتحرك الفورى لتوفير الاحتياجات الأساسية من مأوى وغذاء ومياه نظيفة وخدمات صحية للمنكوبين». ودعا الصوفى إلى إطلاق خطة طوارئ شاملة لإعادة إعمار المدينة وإصلاح البنية التحتية المتضررة، مؤكدا أن بلدية رفح ستواصل العمل بكل طاقاتها للتخفيف من معاناة المواطنين، رغم الظروف القاسية.
أكدت بلدية رفح ولجنة الطوارئ، أن المأساة الحالية تتطلب تضافر الجهود المحلية والدولية على وجه السرعة، لضمان توفير الدعم الإنسانى اللازم وتمكين المدينة من التعافى والعودة إلى حياتها الطبيعية.
من جانبه، يدرس مبعوث الرئيس الأمريكى المنتخب دونالد ترامب إلى الشرق الأوسط ستيف ويتكوف زيارة قطاع غزة، كجزء من جهوده للحفاظ على اتفاق وقف إطلاق النار وفق ما أوردته شبكة ان بى سى نيوز الأمريكية.
وقال مسئول مُطلع بشكل مباشر على عملية وقف إطلاق النار: «يجب أن تكون مستعداً لإخماد أى مشكلة حال وقوعها»، إذ يعمل ويتكوف فى الوقت ذاته على تحقيق الاستقرار الطويل الأمد بين الجانبين الإسرائيلى والفلسطيني، وهو المسار الذى يمر عبر المراحل الثلاث للاتفاق الذى تم التوصل إليه الأسبوع الماضي.
أضاف المسئول أن «زيارة غزة ستسمح لويتكوف برؤية الديناميكيات هناك بنفسه، بدلاً من تصديق كلام إسرائيل أو الفلسطينيين»، مردفاً: «عليك أن ترى ذلك، عليك أن تشعر به. وتابع المسئول الأمريكي: «إذا لم نساعد سكان غزة، إذا لم نجعل حياتهم أفضل، إذا لم نمنحهم شعوراً بالأمل، فسيكون هناك تمرد.
ووفقاً للمسئول، يخطط ويتكوف أيضاً للتواجد بشكل شبه دائم فى المنطقة على مدى الأسابيع والأشهر المقبلة لحل المشاكل التى قد تندلع على الأرض، والتى يعتقد أنها قد تؤدى إلى انهيار الاتفاق ووقف إطلاق سراح الرهائن المحتجزين لدى حركة «حماس» فى أى لحظة.
على صعيد الأوضاع الميدانية، كان الاحتلال الاسرائيلى قد استبق دخول وقف اطلاق النار حيز التنفيذ وشن عدة غارات فى الساعات الأولى من صباح أمس، فقد أفاد الدفاع المدنى فى غزة، بارتفاع عدد ضحايا الهجمات الإسرائيلية على مناطق مختلفة فى القطاع إلى 19 فلسطينياً، كما أصيب 36 آخرون..
ارتكب الاحتلال الإسرائيلى ثلاث مجازر خلال الـ 24 ساعة الماضية ضد العائلات فى قطاع غزة وصل منها 23 شهيدا و83 مصاباً، وارتفعت حصيلة العدوان الإسرائيلى إلى 46899 شهيدا و110725 إصابة منذ السابع من أكتوبر 2023.