>> ماذا يحدث فى الشرق الأوسط؟!
.. لا.. بل ماذا يحدث فى هذا العالم؟!
.. كيف أصيب العالم بكل هذا الجنون.. جنون الاحداث.. وجنون الازمات والصراعات.. وجنون الحرب؟! لم نعد نرى فى هذا العالم سوى جنون الفعل.. ورد الفعل الأكثر جنونا.. جنون القتل وجرائم الابادة الجماعية والانتقام… وجنون من يحاولون اغتيال الحياة ذاتها من يقتل طفلا بريئا فإنه يغتال الحياة ويقتل زهورها قبل أن تتفتح كما تفعل إسرائيل يوميا مع الأطفال فى غزة وحتى مع النساء والابرياء من ابناء الشعب الفلسطينى لا يمكن ان توصف اسرائيل حاليا إلا بأنها دولة فى حالة عداء مع الحياة ذاتها وليس فقط فى حالة عداء مع الحق والعدل وعداء للحقوق المشروعة للشعب الفلسطيني.
من الواضح ان اسرائيل تعانى حاليا من تداعيات وآثار الهزيمة الاستراتيجية الشاملة فى غزة ويتساءلون فى إسرائيل حاليا.. إلى متى يمكن ان تتحمل اسرائيل سلسلة الهزائم المتوالية التى تعرضت لها فى الشرق الاوسط منذ حرب أكتوبر 1973 إلى اليوم إسرائيل فى حالة حرب دائمة مع الشعب الفلسطينى فى الضفة الغربية وغزة والقدس ومع جيرانها العرب.
**
«فيرجسون»: بايدن.. يشعر بالزعر من بوتين وإيران
«واشنطن» لم تستعد للحرب.. ولن تحصل على السلام
الصحف الأمريكية: الحرب العالمية قد تكون «أقرب مما نتصور»
هناك احساس عميق جدا بالهزيمة يسود اسرائيل حاليا والحزن والاكتئاب يغمر سكان إسرائيل حاليا ويقول بائير لابين.. رئيس وزراء اسرائيل السابق إننى لم أعرف هذا الحزن الاسود الذى يسود اسرائيل حاليا لم أشهد مشاهد البكاء والحزن والاكتئاب التى تسكن حياة كل انسان فى اسرائيل حاليا.
انتعشت عيادات الطب النفسى فى تل أبيب على نطاق واسع بعد اصابة الرجال والشباب والنساء والاطفال بالذعر والحزن والخوف وانعدام الامن بين الجميع بعد زلزال هجوم حماس المفاجئ فى 7 اكتوبر 2023.
وهناك ما يشبه الاجماع فى اسرائيل حاليا أن زمن الامن والامان فى تل أبيب قد انتهى وتبددت الثقة تماما فى قدرة الجيش الاسرائيلى على حماية الدولة وضمان بقائها وفرض الاعتراف الدائم بوجودها على جيرانها وسقط جهاز المخابرات الاسرائيلى الموساد فى عيون الجميع.
ظاهرة الشياطين السوداء انتشرت فى حجرات النوم لدى الإسرائيليين أصبحت تسرق النوم من عيون النساء والاطفال والرجال وتبددت كل أحلام الحياة الطبيعية فى اسرائيل.
ويؤكد الواقع التاريخى أن دولة اسرائيل اقيمت بالمؤامرة الكبرى وبالعنف والحرب والغزو واراقة دماء الأبرياء.
هى الخطر
اليوم يسود اقتناع واسع حول العالم حتى فى واشنطن ولندن وباريس وبرلين بأن اسرائيل اصبحت تشكل خطرا لا يهدد السلام الاقليمى فى الشرق الاوسط فقط ولكن السلام فى العالم كله.
ويقول الأمريكى حوشوا كيتنج إن فترة السلام الطويل التى سادت العالم بعد الحرب العالمية الثانية فى 1945 قد انتهت.
ان مشاهد الرعب وحقول القتل واراقة الدماء فى قطاع غزة وأوكرانيا ومشاهد الحرب الاهلية والضياع فى السودان كل ذلك يؤكد ان العالم يحترق بالنار وأن دول وشعوب العالم فى الطريق إلى حرب كبرى ربما تبدأ حرب عالمية ثالثة وقد تكون الشرارة الاولى فى الشرق الأوسط.. لكن الغرب مازال يرفض السماح لروسيا بالانتصار فى اوكرانيا وهذا ايضا يفتح الابواب واسعة امام اشتعال الحرب العالمية الثالثة.
ولن ينسى التاريخ أن صراعات وحروباً صغيرة أشعلت الحرب العالمية الاولى فى 1914 كما ان صعود وسقوط الدول الكبرى فى اوروبا اشعل نيران الحرب العالمية الثانية فى 1939.. ويشهد العالم حاليا صعود قوة الصين فى مواجهة التراجع الواضح للامبراطورية الأمريكية.
وأكد وزير الخارجية الإسرائيلى اسرائيل كاتز فى أوائل يناير الماضى إن اسرائيل اصبحت فعلا فى قلب الحرب العالمية الثالثة ضد إيران وضد الإسلام المتطرف وهذا يعنى ان اسرائيل تدافع عن الجميع.
ولن يلتفت أحد فى واشنطن او لندن لتصريحات وزير الخارجية الاسرائيلى بل وتم استبعادها باعتبارها مبالغة اسرائيلية فارغة لكن الواقع التاريخى يؤكد ان الحروب والصراعات الاقليمية تشكل نذر حروب واسعة واشد عنفا فهل الحرب الإسرائيلية البربرية على غزة بداية لصراع وحرب عالمية أوسع؟!
الحرب على 4 جبهات
وقد تساءلت الصحف الامريكية بوضوح وقالت هل يمكن ان تتورط أمريكا فى الحرب على 4 جهات فى 2024؟!
قد لا يحدث ذلك اليوم أو غدا لكنه يمكن ان يحدث فقد وصل العالم إلى «نقطة.. انقسام» خطيرة لم يسبق لها مثيل لكن على مدى التاريخ الإنسانى كله لم يحدث أبدا أن مرت مرحلة كان فيها العالم موحدا.. لكن خلال الفترة من 2022- 2024 شهد العالم صدمات وزلازل سياسية كبرى وبدلا من التجارة والاستثمار والعولمة والاسواق المفتوحة.. اشتعلت الحرب فى اوكرانيا.
والآن مازالت حرب الابادة الاسرائيلية مشتعلة ضد الشعب الفلسطينى فى غزة.
الأسئلة تتردد فى واشنطن بوضوح وتحذر من مخاطر تورط الولايات المتحدة بجيوشها فى الحرب على أربع جبهات فى العالم وفى توقيت واحد ولن يكون لذلك معنى سوى انها الحرب العالمية الثالثة.
العلام يسوده الآن حالة من الانقسام المفاجئ المشتعل بنيران الصراعات والمنافسة الاستراتيجية الساخنة بين امريكا وحلفائها فى اوروبا من جهة والصين وروسيا وإيران وكوريا الشمالية من جهة أخري.
ويرى صانع القرار الامريكى فى واشنطن ان مجرد صعود الصين على الساح العالمية يعتبر تهديدا طويل الامد لانفراد الولايات المتحدة بالنفوذ والهيمنة فى هذا العالم.
ويقولون إن التحالف غير المعلن للقوى البرية فى الصين وروسيا وإيران وكوريا الشمالية قد دخلت فى صراعات مفتوحة مع القوة البحرية العظمى لأمريكا.
حرب واحدة
ويقولون إن الحرب يمكن ان تشتعل على 4 جبهات فى وقت واحد او هى حرب واحدة الحرب فى اوكرانيا والحرب فى غزة وهجمات ميليشيات الحوثى فى البحر الأحمر وهجمات الميلشيات الايرانية ضد القواعد الامريكية فى العراق وسوريا كل هذه الحروب تؤكد وجود صراعات دموية متعددة الجبهات فهل تمت هذه الحروب بالتنسيق أم بالتسلسل ام بانتهاز الفرص؟! هذه قضية سوف يحسمها المؤرخون فيما بعد من المنظور الاميركى الخاصة بالإمبراطورية الاميريكية.. هناك أعداء يرون أن الوقت قد حان لاستغلال ضعف الغرب الامريكى والاوروبى بالدخول فى مواجهة مباشرة والانقلاب الشامل على النظام الدولى الذى تنفرد أمريكا بالهيمنة عليه.
ويقولون إن حروب الجبهات الاربع هى فى الواقع مظاهر متعددة لحرب واحدة فهل حان الوقت كى تقوم الصين بحصار او غزو تايوان حتى تكتمل حلقة جبهات الحرب الأربع؟!
لكن القضية فى واشنطن تأخذ ابعاداً اخرى واسعة تماما فقد اشتعلت الصراعات العالمية والحروب الاقليمية ليست فقط فى عام انتخابات الرئاسة الامريكية و لكن ايضا فى توقيت تعانى فيه الولايات المتحدة من انقسامات وصراعات داخلية لم يسبق لها مثيل منذ الحرب الاهلية الامريكية فى 1861 وهناك من يتوقعون فعلا احتمالات ان تتجدد نيران الحرب الاهلية الامريكية وتشتعل بمجرد اعلان نتائج انتخابات الرئاسة الامريكية.
الرئيس المذعور
الأسوأ من كل ذلك ان الرئيس الامريكى جو بايدن يتعرض الان للاتهام من جانب كبار المفكرين الاستراتيجيين فى واشنطن بأنه يشعر بالخوف والفزع من الرئيس الروسى فلاديمير بوتين ويخشى التورط فى الحرب والمواجهة المباشرة مع ايران ومن هؤلاء المفكر الاستراتيجى نايل فيرجسون الذى يؤكد ان الرئيس بايدن يتصور انه بالخوف من بوتين ويتجنب الحرب والصدام المباشر مع ايران فإنه يتجنب تورط امريكا فى نيران الحرب العالمية الثالثة.
لكن سياسات بايدن هذه تجعل الحرب العالمية الثالثة اقرب مما يتخيل او يتصور ويدفيرجسون الرئيس بايدن إلى ضرورة فهم استيعاب دروس التاريخ الكبرى وأهم دروس التاريخ الكبرى هو انك إذا لم تستعد للحرب فلن تحصل على السلام.
ويؤكد فيرجسون ان الشعب الامريكى يدفع حاليا الثمن غاليا.. ثمن الفشل الامريكى فى توفير الاسس الحقيقية للدفاع عن الامبراطورية الامريكية وهذا كان السبب المباشر لسقوط الامبراطوريات فى الماضي.
ويروى قصة جنرال بريطانى سابق يدعى ألان بروك كتب فى مذكراته عام 1942 اثناء الحرب العالمية الثانية يبكى وينعى سقوط الامبراطورية البريطانية وهو يقول لم يعد لدينا الان بريطانيا الامبراطورية العظمي.. بريطانيا العظمى أصبحت الآن مجرد دولة مثل أى دولة تدعى المملكة المتحدة.
فقد خسرت بريطانيا مستعمراتها حول العالم بل ان الجزر البريطانية ذاتها اصبحت مهددة باحتمالات قيام الزعيم الالمانى هتلر بإصدار الأوامر لقواته فى فرنسا بعبور بحر المانش والقيام بغزو الجزر البريطانية ذاتها!!
ويتساءل فيرجسون هل يمكن ان تواجه الامبراطورية الأمريكية فى 2024 مصير الامبراطورية البريطانية؟!
ويؤكد انه من السهل استبعاد الحديث عن احتمالات اشتعال حرب عالمية ثالثة لكن الواقع يؤكد انه من خلال الضعف وانعدام الكفاءة نجد ان الرئيس جو بايدن يدفع بأمريكا إلى حافة الحرب العالمية الثالثة!!
ما قبل الحرب الثالثة
اليوم أمريكا وبريطانيا وحلفاء الناتو يواجهون التحالف العالمى الجديد غير المعلن بين الصين وروسيا وإيران وكوريا الشمالية وهذه الدول الاربع تشكل تهديدا معاديا لأمريكا وبريطانية والعالم الغربى كله فقد انتقلنا من فترة ما بعد الحرب العالمية الثانية إلى فترة ما قبل الحرب العالمية الثالثة.
ولذلك لابد ان يقوم الرئيس الأمريكى بايدن وقادة دول حلف الناتو بتحويل جيوش دول الحلف إلى قوات مقاتلة قادرة على خوض الحرب.
ويقول ويليام بيرنز مدير وكالة المخابرات المركزية الامريكية إن صعود الصين وروسيا يمثل تحديات استراتيجية كبرى للولايات المتحدة فى هذا العالم فلم تعد امريكا هى قوة الهيمنة الوحيدة فى العالم والتكنولوجيا الجديدة للذكاء الصناعى والروبوت تعطى وتوفر اسلحة وادوت قوية جدا للصين وروسيا بما يجعلهما قادرتين على التجسس على امريكا وارباك الدفاعات الامريكية فى اى مكان وفى اى وقت.
ويشعر جنرالات الجيش الامريكى بالقلق الحقيقى بعد ان تفوقت الصين فى معدلات صناعة وانتاج الاسلحة الحديثة والذخائر وتفوقت روسيا فى انتاج الاسلحة القوية القادرة على تحييد وتدمير الاسلحة الامريكية والاوروبية فى ساحة الحرب فى اوكرانيا.
الواقع العسكرى يؤكد حاليا من واقع الحرب فى اوكرانيا ومن واقع هجوم حماس المفاجئ على اسرائيل ان التفوق التكنولوجى للسلاح الامريكى لم يعد له وجود وقد كانت امريكا دائما هى التى تقود حلف الناتو وهى ترسانة السلاح الكبرى للغرب لكنها الان تتخلف عن الصين فى معدلات انتاج الاسلحة والذخائر.
ومن حكم التاريخ القديم فى عهد الرومان أن من يريد السلام لابد ان يستعد للحرب.
2024.. عام الصدمة
إن قادة امريكا واوروبا فى حلف الناتو يعيشون الان صدمة الاوضاع الجيوسياسية الخطيرة فى 2024 وهى تشبه إلى حد كبير الاوضاع التى عاشها العالم قبل الحرب العالمية الثانية فى 1939 الآن أمريكا تواجه خطر أن يعيد التاريخ نفسه وتكون هذه الصراعات العالمية مقدمة لحرب العالمية الثالثة واصبحت سياسات بايدن الخارجية سلسلة لا تنقطع من الفشل العظيم.
فقد فشل بايدن فى ردع الرئيس الروسى بوتين ومنعه من الهجوم على اوكرانيا فى فبراير 2022 وفشل بايدن فى ردع ايران ومنع الميليشيات التابعة لها من مهاجمة اسرائيل – هجوم حماس.. وفى جنوب شرقى اسيا لا يوجد ما يمنع الصين من غزو تايوان فى اية لحظة والاسلحة النووية لدى كوريا الشمالية قادرة على تدمير واشنطن قبل ان تدمر مدينة سول عاصمة كوريا الجنوبية باختصار هناك ما يدعو إلى الخوف والفزع من مخاطر اشتعال حرب نووية.
الحروب الاقليمية
الحروب العالمية فى النهاية ليست إلا سلسلة من الصراعات والحروب الاقليمية و»معظم النار من مستصغر الشرر».. الصراعات واضحة التهديد الايرانى لاسرائيل والحرب الروسية فى اوكرانيا وتهديد الصين لتايوان.
ان خوف بايدن وفزعه من بوتين وحتى ايران اصبح واضحا ولذلك نجده يحذر من ان اى تصعيد امريكى سوف يؤدى لحرب عالمية ثالثة وهذا الخوف والفزع.. هو الذى سوف يعجل فعلاً بنشوب هذه الحرب.
ويقول نايل فيرجون إن دروس التاريخ ليست من علوم الصواريخ والذكاء الصناعى الرهيب.. ليس ضرورياً لفهم دروس التاريخ. فلو لم تستعد أمريكا للحرب.. لن تحصل على السلام.. والزمن يمضى ويمر سريعاً.. وخلال أقل من ٢١ شهراً قادمة.. يمكن أن تتعرض إسرائيل وأوكرانيا للهزيمة.
بين الخوف وادعاء الخوف
.. لكن الخوف.. أدعونا نقولها بصراحة.. ادعاء الخوف من الحرب العالمية الثالثة لا يوجد فى واشنطن فقط.. لكنه يوجد أيضاً فى لندن.. حيث ارتفعت الأصوات تصرخ وتحذر من أن بريطانيا يمكن أن تتعرض للهزيمة خلال الحرب العالمية الثالثة.. حتى قبل أن تنطلق فيها رصاصة واحدة.
فقد اتضح أن بريطانيا تواجه كارثة.. فقد تعرضت الملاحة فى البحر الأحمر للخطر.. وحين حاولت بريطانيا التدخل اكتشفت أن ما لديها من حاملات الطائرات والمدمرات عاجزة عن التدخل.. بسبب بسيط للغاية وهى أنها بريطانيا لم تعد توجد لديها سفن لإمداد وتزويد سفن أسطولها البحرى بالوقود والذخائر.. بعد أن قامت ببيع ما لديها من سفن الإمداد والتموين لمصر.
هكذا.. تشتعل الحرب فى أوكرانيا.. وأمامنا الشرق الأوسط على وشك الانفجار الواسع.. من طهران إلى تل أبيب والصين تواصل الضغط على تايوان.
ويؤكد آريس روسينوس أن الصراع العالمى الكبير على وشك الانفجار.. والجيش البريطانى ليس مستعداً.. حتى للدفاع عن بريطانيا.. وقد أصبح من الصعب العودة للتجنيد الإجباري.. وكل جيوش العالم تتفوق على الجيش البريطاني.
لن يدافع عنها أحد
وإذا حدث صراع مسلح فعلاً مع روسيا.. فسوف تواجه بريطانيا الهزيمة.. قبل أن تبدأ الحرب.. ورغم أن بريطانيا ليست لها أى حدود مشتركة مع روسيا.. لكنها تريد التطوع بالحرب ضد روسيا فى أوكرانيا.. لأنها لا تطيق أن تنتهى الحرب فى أوكرانيا بانتصار حاسم لروسيا.. وقد أصبحت بريطانيا مجتمعاً مليئاً بالمهاجرين الأجانب.. وأصبح من الصعب جداً تطبيق التجنيد الإجباري.. وهناك من يقولون فى لندن بأصوات عالية جداً إن بريطانيا فى عام ٤٢٠٢.. لا تستحق أن يدافع عنها أحد.
.. وفى النهاية.. لم يعد هناك سلاح أمريكى سحرى يضمن لأوكرانيا البقاء والنصر فى الحرب. فقد تمكنت روسيا من تدمير جميع أنواع الأسلحة الأمريكية والبريطانية والألمانية فى أوكرانيا ولا يوجد معنى لكل ما يحدث الآن سوى أن الغرب يتلاعب بمصير أوكرانيا.
ثورة السلاح
.. ويحدث كل ذلك.. فى وقت يشهد فيه العالم ثورة كبرى فى تكنولوجيا السلاح.. أحدثت انقلابات وتحولات كبرى فى فنون الحرب والقتال.. والمدهش أن تكنولوجيا الأسلحة الجديدة رخيصة الثمن.. شديدة الفعالية وشديدة التدمير.
.. والصورة واضحة تماماً فى مشاهد الحرب فى أوكرانيا. فقد تفوقت روسيا على كل الأسلحة الأمريكية.. وتفوقت فى تكنولوجيا الطائرات المسيرة التى تطير بدون طيار.
.. وكانت المفاجأة التكتيكية الخطيرة أن ميليشيات الحوثى فى اليمن استخدمت أحدث الصواريخ الباليستية المضادة للسفن فى جنوب البحر الأحمر. وهذه التكنولوجيا الفريدة.. لا توجد إلا فى الصين.. فكيف حصلت عليها ميليشيات الحوثي؟!
لكن إيران تتفوق أيضاً فى صناعة وإنتاج الطائرات المسيرة.. وقبل هجوم حماس بعام كامل.. اعترفت الولايات المتحدة الأمريكية بأن إيران تمكنت من تحقيق التوازن مع إسرائيل فى أى حرب جوية قادمة.. وأن إسرائيل لا يمكنها ادعاء التفوق الجوى على إيران.. رغم أن إيران رسمياً حتى الآن لم تحصل على طائرة مقاتلة واحدة حديثة. وكل ما لديها من طائرات من إنتاج سنوات السبعينيات والثمانينات.
وقد حققت إيران هذا التفوق الجوى بفضل صناعة الطائرات المسيرة المزدهرة لديها بشدة.
بـ ٠٢ ألف دولار
وأثبتت الهجمات بالطائرات المسيرة الإيرانية فعالية مدمرة حين استخدمتها روسيا فى أوكرانيا. وفى الشرق الأوسط.. تعرضت القواعد الأمريكية فى العراق وسوريا لـ ٥٦١ هجوماً بالصواريخ والطائرات المسيرة الإيرانية منذ ٧ أكتوبر الماضي.
.. واليوم يعترف خبراء الحرب فى واشنطن بأن الطائرات المسيرة الإيرانية قادرة على تغيير المسار فى أى حرب أو ساحة قتال فقد ظهر أجيال من الطائرات المسيرة الانتحارية الإيرانية.. صغيرة الحجم وشديدة التدمير.. وبعيدة المدي.. فقد تعرض الجنود الأمريكيون مؤخراً للقصف فى قاعدة التنف بطائرات مسيرة انتحارية إيرانية الصنع من طراز «شاهد ١٣١».. يزيد مداها على ٠٠٧ كيلو متر.. ولا يزيد ثمنها على ٠٢ ألف دولار.. وقد فشلت الصواريخ الأمريكية فى إسقاط هذه الطائرات المسيرة.. رغم أن تكلفة الصاروخ الأمريكى الواحد تزيد على ٢ مليون دولار.
وهناك طائرات مسيرة إيرانية جديدة من طراز شاهد ٦٣١ يزيد مداها على ألف و٠٠٥ ميل قادرة على الوصول من طهران إلى أى مكان فى إسرائيل.. ولن نتحدث عن القواعد الأمريكية فى الخليج العربى التى يوجد فيها أكثر من ٥٤ ألف جندى أمريكي.
ويحذر خبراء البنتاجون أن هذه الطائرات المسيرة الإيرانية مع صواريخ كروز الإيرانية يمكن أن تنهمر مثل المطر على إسرائيل وعلى القواعد الأمريكية فى الشرق الأوسط. ولا يجب أن ينسى أحد ترسانة إيران من الصواريخ الباليتسية وليس من المستبعد أن يظهر لدى إيران السلاح النووي.. فى أى ساعة مريرة للحقيقة فى الحرب والصراع.
من هنا يتهمون الرئيس الأمريكى بايدن بالخوف والفزع من الرئيس الروسى بوتين ومن إيران.. والصين هى التحدى الأعظم كما يقول وليام بيرنز مدير المخابرات المركزية الأمريكية فى مجلة فوريم أنيرز مؤخراً.
ماذا يحدث
.. ومرة أخرى يطرح السؤال نفسه.. ماذا يحدث فى الشرق الأوسط.. وماذا يحدث فى هذا العالم.. وكيف وصلنا إلى الطريق إلى الحرب العالمية الثالثة بهذه السرعة؟!
.. فى الشرق الأوسط.. تؤكد صحيفة جيروزاليم بوست فى تل أبيب أن إسرائيل تحترق حالياً بنيران الهزيمة فى غزة.. وأن آلة الحرب الإسرائيلية ترتكب المذابح ضد الشعب الفلسطينى من شدة اليأس والعجز الاستراتيجى فى مواجهة الشعب الفلسطينى الأعزل.
إسرائيل من الآن تعانى آثار الهزيمة الاستراتيجية العميقة فى قطاع غزة.. والضحايا من أبناء الشعب الفلسطينى هناك.. يختصرون فى الواقع طريق النصر.. لهذا الشعب العظيم وكفاحه الخالد من أجل الوجود والبقاء والسيادة بين أمم العالم.
.. ومهما كانت النهاية للحرب فى غزة.. سواء بالإفراج عن الرهائن ووقف الحرب.. أو حتى بإعدام كل الرهائن واستمرار الحرب.. هناك حقائق أخرى فى هذا الصراع الفلسطينى الإسرائيلى الذى لن يمتد طويلاً.. لأن هذا الصراع اقترب من نهايته.. ولا توجد نهاية لهذا الصراع.. إلا نهاية واحدة.. هى انتصار الشعب الفلسطينى وحقوقه فى الأرض والوجود والسيادة.
إسرائيل تبحث من الآن عن خليفة «لقائد الهزيمة» بنيامين نتنياهو.. رئيس الوزراء الحالي.
.. وبمجرد وقف الحرب فى غزة.. وربما قبلها.. سوف تبدأ حرب أخرى من نوع جديد فى إسرائيل.. وهى الحرب السياسية الطويلة لاختيار خليفة نتنياهو.
رحلة معقدة
ويقول ياكوف كاتز فى تل أبيب إن إسرائيل تتجه نحو فترة معقدة جداً فى تاريخ المشروع الصهيونى فى فلسطين المحتلة.. فقد تنتهى الحرب فى غزة بوقف لإطلاق النار.. لكن الحرب الحقيقية سوف تبدأ بعدها فوراً فى تل أبيب.. فقد قامت وحدة من القوات الخاصة الإسرائيلية بهجوم خاطف على مستشفى ابن سينا فى جنين بالضفة الغربية وقامت باغتيال ٣ من المواطنين الفلسطينيين داخل المستشفى فى عملية سينمائية استغرقت ٠١ دقائق بالضبط.. وما حدث فى جنين.. هو النموذج القادم فى غزة بعد الحرب ووقف إطلاق النار.. وسوف يقوم الجيش الإسرائيلى بعمليات قتل واغتيال سابقة التجهيز ضد أبناء الشعب الفلسطينى فى غزة والقدس والضفة الغربية.
فقد اكتشفت إسرائيل أنه من المستحيل القضاء على حماس أو على حركة المقاومة الفلسطينية. إسرائيل بدأت تسعى وراء الأهداف الواقعية الصغيرة.. بعد المذبحة الرهيبة فى غزة.. مثل الإفراج عن الرهائن.. وحرمان حماس من السلطة والحكم فى قطاع غزة.
لكن النصر الحاسم فى غزة الذى تحدث عنه نتنياهو طويلاً.. لن يتحقق.
فى اتنظار صفقة
.. وفى النهاية من خلال صفقة ما يتم التفاوض والإعداد لها فى واشنطن.. قد يتم الإفراج عن الرهائن.. وسوف تتوقف الحرب.. ولن تنتهى الاغتيالات الإسرائيلية ضد الفلسطينيين.
لكن عند هذه النقطة سوف تبدأ الحرب السياسية داخل إسرائيل. بعد الحرب سوف يقوم الجنرال بينى جانتس رئيس الأركان الإسرائيلى الأسبق بالاستقالة من حكومة الحرب بقيادة نتنياهو وسوف يستقيل معه.. الجنرال جادى إيزنكوث.
وهذه هى بداية المعركة السياسية القادمة والفاصلة فى إسرائيل.. ببساطة لأن بنيامين نتنياهو لن يقبل الاستقالة من الحكومة وتحمل مسئولية هزيمة إسرائيل القاسية فى مواجهة حماس يوم ٧ أكتوبر.. ولن يتحمل تشكيل لجنة تحقيق شاملة فى أسباب هزيمة إسرائيل.
وهذه هى المعركة السياسية الفاصلة فى تاريخ إسرائيل ويقولون فى تل أبيب.. إنه حتى لو تم وقف مؤقت لإطلاق النار فى غزة طوال شهر رمضان.. فإن المسلمين سوف يحتفلون بأيام الصيام.. ويحتفل يهود إسرائيل بالحرب ضد نتنياهو.. وشرارة البداية مظاهرات شعبية حاشدة فى كل مكان ضد نتنياهو.. قد تتصاعد لاستخدام العنف وإراقة الدماء.. ما سوف يحدث فى إسرائيل بعد حرب غزة لن يكون له مثيل على الإطلاق.. ولا أحد يعرف متى يمكن أن تنتهى هذه الحرب السياسية أو الأهلية.. أو كيف.. لكن هناك إجماع فى تل أبيب على أن الجنرال بيتى جانتس هو رئيس وزراء إسرائيل بعد الحرب.
الأوراق بيد من
.. لكن كل الأوراق ليست فى تل أبيب.. أمريكا مازالت بأيديها أوراق.. ولاشك أن الرئيس الأمريكى بايدن يحاول تنفيذ خطة حل الدولتين.. لأن أمريكا لم تعد تتحمل الحروب التى لا تنتهى أبداً.. إلى الأبد.
ولذلك يتمسك بالدعوة إلى حل الدولتين.. ووقف الحرب.. بما يفتح الطريق لإعلان الاستقلال الفلسطيني.. وبايدن لديه سلطة الاعتراف بالدولة الفلسطينية.. حتى بدون العودة إلى الكونجرس أو انتظار موافقة إسرائيل. وقد رفعت بريطانيا أيضاً ورقة الاعتراف بالدولة الفلسطينية.
لكن إحساس إسرائيل بالهزيمة الاستراتيجية فى غزة أصبح أمراً لا يقبل الشك. ما يثير القلق أن هذه التحولات تجرى فى عام القلق الأمريكى العظيم.. عام الانتخابات الرئاسية فى نوفمبر ٤٢٠٢.. ويبقى السؤال.. الشرق الأوسط إلى أين.. وإسرائيل ذاتها.. إلى أين.. هذا ما يقال حالياً فى تل أبيب.
لكن حاخام إسرائيل لديهم ولع شديد بنبؤات نهاية الزمان كما جاءت فى التوراة.. وكيف يمكن أن تنتهى دولة إسرائيل؟!
.. وفى التسعينات من القرن الماضى تحدث العرافون عن قرب نهاية دولة إسرائيل.. وتحدثت لوفيجارو الفرنسية عن ذلك وأكدت أن دولة إسرائيل بحسابات النجوم.. لا يجب أن يكون لها وجود بحلول شهر ابريل عام ٢٢٠٢.
.. وقد انتهى شهر ابريل كاملاً ومضى عام ٢٢٠٢ كاملاً.. ومازالت إسرائيل فى مكانها.
.. وفجأة ظهر كولونيل أمريكى سابق يدعى لورانس ويلكرسون المستشار السابق للجنرال الأمريكى كولين باول.. وطرح على الأمريكيين آراء جديدة.. لم يسمع عنها أحد.
أكد ويلكرسون أولاً أن أمريكا تشعر بالإرهاق من التورط فى الحرب فى أوكرانيا.. وأن روسيا سوف تنتصر فى الحرب.. والفوضى أصبحت شاملة فى العالم.. أمريكا تسير وهى نائمة فى الطريق إلى كارثة رهيبة.
ومن جديد قال ويلكرسون إننى أقول منذ ١٢٠٢.. وقبل كل هذه الصراعات والحروب الدموية.. أن دولة إسرائيل لن يكون لها وجود خلال العشرين عاماً القادمة.. ومازال ويلكرسون يتمسك بنبوءة نهاية إسرائيل حتى اليوم.