والله عفارم على القيادات الإعلامية والتى استنفرت فى الأيام الأخيرة من أجل التصدى لموجة الانفلات الأخلاقى الذى تفشى فى بعض وسائل الإعلام خلال الفترة القريبة الماضية.. أسأنا فيه استخدام الكاميرات والشاشات والميكروفونات وحتى الألسن.. نسينا المباديء ونسينا القيم التى نتميز ونفتخر بها.. ونسينا أولادنا وهم يتجرعون الفساد والانحلال أمام أعيننا وهم يشاهدون ويسمعون ويتعايشون مع العري.. وقبح الكلام والألفاظ.. وكأننا نغتال براءتهم.. أعتقد أن هذه المواجهة سوف تتعاظم مع تعيين رؤساء الهيئات الإعلامية الجديدة
فعلاً لقد فلت زمام أمور القيم والخلق فى الفترة القليلة الماضية عند البعض.. ليس فى وسائل التواصل فقط.. بل امتد إلى الشارع والبيت والنوادى والقهاوي.. وكأننا فرحنا.. وكأن هذا مايرضينا ويتناسب مع المباديء التى تربينا عليها.. تماماً كما حدث فى مجتمعات أخرى كانت متحفظة ولكن أصابها الشر فتخلت عن قيمها ففسدت.. لدى أصدقاء من الهند.. وأراهم فخورين للأسف بما يحدث فى مجتمعاتهم من تحرر سريع ومؤسف من القيم التراثية العريقة للمجتمع الهندي.. والذى هو مجتمع حضارة وقيم والتزام على مدى تاريخ طويل.. ولكن الأصدقاء أصبحوا فخورين بأن المرأة الهندية أصبحت تكشف عما هو أكثر من بطنها.. يقولون ذلك وأعينهم منبهرة بما يحدث فى المجتمعات التى نسوا ربهم.. ونسوا آدميتهم.. واختلط لديهم الحابل بالنابل.. ساد الفسوق بينهم بكل أشكاله.. وباتوا يعانون من العلل والأمراض والتفكك الأسرى والعلاقات الغريبة الشاذة..
أتذكر منذ أكثر من أربعين عاماً.. استضافتنى الإعلامية الرائعة كاميليا الشنواني.. أرجو من الله أن تكون بخير.. فى حلقة من «مجلة المرأة» والتى كانت تذاع تليفزيونياً بعد صلاة الجمعة.. تحدثنا يومها عن وسائل منع الحمل.. ونطقت يومها كلمة «مصطلح علمى مرتبط بمنع الحمل».. ولا أنسى ملامح عدم الارتياح الذى بدا على وجه الأستاذه كاميليا.. وبعد الحلقة.. قالت لي.. «أرجو إن تمر هذه الكلمة بسلام».. نعم كانت القيم والخلق الطيب النهج والأسلوب والهدف لكل كلمة تطرح إعلامياً.. وكان هناك من يلتزم بفرض ذلك ومراقبة أى خروج عن هذه المباديء..
موجة الانحراف عن المباديء والقيم تضمن استخدام لكلمات نابية وإيحائيات جنسية وعرض قصص الفساد والانحلال.. وتقلصت ملابس النساء وانكمشت.. وانكشفت الصدور والأرجل ولم تصبح عورة.. وأصبحنا نطلق على من تمشى شبه عارية «اطلالة جريئة».. وأصبحت بعض النساء تتبارى وتتفنن فى ارتداء ما قل وما كشف من الملابس.. وسمعنا الراقصات يقلن «والله بنتعب قوي..» والزوجات يعترفن بخيانتهن لأزواجهم علنا.. وفتيات يسألن عن أمور جنسية وقحة.. يجاوبون عليها بوقاحة أكبر.. وتطلع علينا طبيبة منقبة على الهواء لتقول إنه لا يوجد أنبياء.. وطبيبات أخريات يتخذن من مناقشة الأمور الجنسية على الهواء مهنة لهم .. وما خفى كان أعظم.. حفيدتى التحقت بجامعة خاصة هذا العام.. وذهبت يوما إلى دورة المياه.. وجدت زميلتين لها تدخنان سيجارة.. عرضا عليها مشاركتهما.. قالت شكراً.. فقالت واحدة منهما طب تاخدى واحدة عادية..؟.. ماذا كنا ننتظر ؟
هذه الموجة الانحلالية.. موجهة لكل المجتمعات المتحفظة والمتمسكة بتراثها ونهج حياتها الملتزم.. سواء من «الجهات» التى تسعى إلى فرض سمومها الساعية إلى الفساد فى الأرض.. وأيضاً تلك التى تدعى أنها راعية لنصرة الدين من أجل أن يسود الخراب.. ثم تطلع علينا بأن لديها هى الحل.. وأنها هى التى تستطيع أن تعود بنا إلى الهدي.. وللأسف الشديد قاموا بتجنيد مجموعات من الشباب الذين اندسوا بين طبقات متعددة من الشعب من أجل تدمير قيمنا الاجتماعية التى نفخر بها.. وزعزعة التماسك الأسرى الذى حرموا منه والذى هو صمام الأمان لمجتمعنا.. بعض هؤلاء الشباب يستغل بعض الخطوط «الساخنة» والتى تجيب عن تساؤلات الشباب عن الأمور الجنسية.. بعضها ملتزم.. ولكن الأكثر ليس كذلك.. بل يروج لمفاهيم غير السوية والتوجهات الشاذة والمفاهيم التى لا تتناسب اطلاقاً مع طبيعة ومعتقدات ومفاهيم مجتمعنا والتى كانت الدرع الحامية لشبابنا على مر العصور.. هؤلاء هم شياطين الأنس.. ويجب التصدى لهم بكل حزم.