فى القاهرة لمع اسم جورج ابيض كممثل لبنانى مسرحى وسينمائى ولم يتوقف الأمر عند ذلك بل اختير كأول نقيب للممثلين المصريين والذى كان أمراً مثيراً الدهشة، ولد جورج ابيض فى بيروت بلبنان ونشأ فى اسرة تهتم بالعلم والثقافة حيث الحقه والده بمدرسة (الفرير) ببيروت لينتقل منها إلى مدرسة (الحكمة) وتعلم أصول اللغة العربية وبرع فى إلقاء النثر والشعر. اعتلى خشبة المسرح لأول مرة فى حفل مدرسته السنوى للخريجين وادى دوراً بمسرحية (القروش الحمراء) حيث شاهده الممثل الفرنسى (جان فريج) الذى كان من بين الحضور، والذى كان يؤدى نفس الدور على مسارح باريس فأعجب به وأثنى على موهبته الأمر الذى كان له أثر عميق لم يفارقه وحفزه على الدخول عالم الأضواء والشهرة. استمر فى تعليمه ببيروت حتى حصل على دبلوم التلغراف من معهد اللاسلكى حيث عين فى شركة السكة الحديد ببيروت ليقدم استقالته بعد شهور قليلة ويتخذ قراراً بالهجرة إلى مصر عام 1898 وكان عمره وقتها 18 عاماً.. وكأن القدر يعده لرحلة التفوق والإبداع فى القاهرة حيث صعد على ظهر باخرة ولم يكن يملك ثمن تذكرتها وعندما اكتشف امره كانت الباخرة قد ابتعدت عن بيروت وتمضى فى طريقها وسط الامواج، وتعاطف الربان مع الفتى الصغير بعد ان استمع لقصته مع التمثيل وثناء الممثل الفرنسى على دوره فى مسرحية القروش الحمراء فسمح له بأداء ادوار تمثيلية يومية لتسلية الركاب فذاع صيته بين الركاب وكان كل ليلة يرتجل استكشاف مسرحية فى قاعة تمتلئ بالجمهور. وعند وصول الباخرة التحق بوظيفة فى الإسكندرية فى السكة الحديد وانضم لعضوية نادى كلية سان مارك واستعاد نجاح مسرحية القروش الحمراء وعرضها للمرة الثانية على مسرح النادي. وقد كلفته ادارة النادى بتكوين فرقة مسرحية من الاعضاء عام 1902 وأرسل للخديو عباس الثانى مكتوباً عن اهمية المسرح ودوره إلا ان الخديو لم يرد حيث كانت القاهرة تستأثر بأضواء المسارح وتتجه الأنظار إلى نجومها فى العلم والأدب والفنون المختلفة. واستمر نشاطه المسرحى بالإسكندرية وتولى مسئولية فرقة نادى سان مارك وعمره لم يتجاوز الـ 24 عاماً، وظل يقدم عروضه كممثل ومخرج واستقطب جمهوراً من المثقفين وصفوة المجتمع واتسعت دائرة انتشاره وحقق نجاحاً كبيراً بعروض خارج أسوار النادى فى مسارح الإسكندرية. وارسل جورج ابيض دعوة إلى الخديو لحضور عرض على مسرح زيزينيا عام 1904 فوافق الخديو وجعل المسرحية تحت إشرافه واختار مسرحية (البرج الهائل) للكاتب اللبنانى فرح انطون، اعجب الخديوى بالمسرحية وقرر إرسال ابيض إلى باريس لدراسة الفن وهناك التحق بالكونسرفتوار ودرس التمثيل والإخراج والموسيقى وتتلمذ على يد ممثل فرنسى كبير يدعى (سيلفان) من مدرسة الرومانسية فى الاداء المسرحي. وعاد جورج ابيض عام 1910 ومعه فرقة مسرحية فرنسية تحمل اسمه وقد اعتاد وقتها تقديم مسرحيات باللغة الفرنسية. ونجحت فرقته وقدمت اكثر من 130 مسرحــــية مترجمــة على مــدار 20 عاماً ولم يكتف بالمسرح بل انطلق فى عالم السينما حيث قدم اول فيلم غنائى مصرى وهو فيلم أنشودة الفؤاد عام 1932 وقد انتخب عام 1943 نقيباً للممثلين المصريين وافتتح معهد الفنون المسرحية وظل يدرس به حتى وفاته عام 1959.. وتزوج من الفنانة الكبيرة دولت ابيض وحصل على رتبة البكاوية من الدرجة الاولى عام 1945. وكان له الفضل فى قيام عشر جمعيات مسرحية بعد ظهوره فى مصر اذ لم يكن لسابقيه تأثير جوهرى على تقدم الحركة المسرحية فلم يصمد ويستمر سواه. وفى عام 1921 دعته الحكومة التونسية ليشرف على تأسيس فرقتها القومية كما كلف فى مصر بإنشاء الفرقة القومية المصرية التى اصبح من ابرز نجومها هو وزوجته دولت ابيض التى شاركته العديد من البطولات. وكان من رواد التمثيل السينمائى ايضاً حيث قام عام 1932 ببطولة اول فيلم عربى غنائى ناطق اسمه أنشودة الفؤاد. وعندما افتتح المعهد العالى لفن التمثيل عام 1944 عين استاذاً للتمثيل والإخراج وفى عام 1952 عين مديراً للفرقة المصرية للتمثيل والموسيقي، وقد ظل يعمل بالتدريس فى معهد الفنون المسرحية إلى ان توفى عام 1959.