لم تعد أهداف ما يجرى على مدار السنوات الماضية من اضطرابات وصراعات وتثوير للمنطقة، ومحاولات لإثارة الفوضى وتحريك الشعوب، وتأجيج واشعال الجوار فى كل اتجاه، وإرهاب وأكاذيب وحصار وضغوط، خافيًا على أحد، بل إن المطالب والأهداف أصبحت علنية، على عينك يا عالم، تهجير الفلسطينيين لم يعد أمرًا يدور فى الكواليس، أو أن يتم بالإجبار من خلال إدارة حرب إبادة على شعب أعزل لا يكشفون عن أسباب هذه الإبادة لكن أهدافها معلومة، وهى «التهجير» كل شىء بات واضحًا ساطعًا مثل الشمس، لا يحتاج إلى اشارات أو تليمحات أو تفسيرات أو تحليلات واجتهادات، لكن الأمر العجيب والمبهر والعظيم والشريف، هو الموقف المصرى الثابت الراسخ الذى يرتكز على الوطنية، والأخلاقية والشرف.. الموقف المصرى وكافة تفاصيله كان ومازال سابقًا الإعلان الجهرى، لمطلب التهجير، أدركت مصر مبكرًا وفهمت حقيقة ما يدور فى رحى المنطقة من عدوان همجى، وحرب إبادة ضد الشعب الفلسطينى فى قطاع غزة، لكنها لم تسكت لم تصمت بل جاهرت بموقفها العظيم والشريف فى ثلاث لاءات، نحفظها عن ظهر قلب لا لتصفية القضية الفلسطينية، ولا تهجير لسكان غزة، ولا توطين لهم على حساب الأمن القومى المصرى، ولا مجال لا ستقبالهم فى أراضينا فى سيناء الحبيبة، لأنهم لو تركوا غزة فلن يعودوا إليها، كما أن فى ذلك خطرًا وتهديدًا لأمن مصر القومى، لأنه تصدير للمقاومة الفلسطينية، لتنطلق من سيناء وبالتالى فإن إسرائيل وحلفاءها، يصنعون لأنفسهم ذريعة وشماعة لخلق مواجهة مع مصر بالزعم أن سيناء مصر مصدر تهديد لأمن إسرائيل.. الموقف المصرى يجسد شرف هذه الأمة العظيمة وقيادتها الوطنية الشريفة، لأن فيه مبادئًا ومثلاً عليا وسامية، وخطوطًا حمراء، وثوابت ومقدسات لا يمكن تجاوزها بأى حال من الأحوال، وهذا الموقف لم يتغير أو يتزحزح، ليس فقط على مدار الـ15 شهرًا هى عمر العدوان الإسرائيلى على غزة ولكن على مدار السنوات الماضية وكيف قاومت مصر فكرة فرض الأمر الواقع ومحاولات اضعاف سيطرتها على سيناء من خلال الأداة الرخيصة وهى جماعة الإخوان المجرمين التى قادت الإرهاب فى سيناء، وحاولت تركيع الدولة المصرية، وفصل سيناء، لتقديمها على طبق من ذهب للمشروع «الصهيونى» لكن إرادة مصر انتصرت، ونجح الجيش العظيم والشرطة الوطنية فى القضاء على الإرهاب واستعادة كامل الأمن والاستقرار فى سيناء ومازالت جماعة الخيانة والعمالة، تقوم بدور رخيص لصالح المخطط الشيطانى، بترويج الأكاذيب والشائعات وحملات التشكيك والتشويه بعد إعلان الأهداف الخبيثة رسميًا بما هو متداول من اطروحات لتهجير سكان قطاع غزة إلى ســيناء، توهــج الموقف المصــرى وتصاعدت نبرته، وتوسعت تفاصيله فى رد حاسم وقاطع للرئيس عبدالفتاح السيسى خلال المؤتمر الصحفى الاربعاء الماضى مع الرئيس الكينى برفض كامل وقاطع وحاسم لمخطط التهجير أيا كانت أهدافه، فهو بالنسبة لنا خط أحمر لا يمكن التنازل أو التساهل فى حماية أمننا القومى لذلك هل آن الأوان لجماعة الإخوان الإرهابية والمتصهينين أذناب المشروع «الصهيو نى» أن يقدموا على الانتحار أو حتى الخجل من أنفسهم، وفساد بضاعتهم لكن هذا لن يحدث لأنهم أدمنوا الخيانة والعمالة والارتزاق.
الرئيس السيسى أكد الموقف المصرى الثابت والراسخ، أنه لا حل للقضية الفلسطينية والصراع العربى الإسرائيلى إلا بإقامة دولة فلسطينية مستقلة على حدود 4 يونيو 1967 عاصمتها القدس الشرقية حتى لا يتجدد الصراع، كل فترة، وأكد الرئيس السيسى ثوابت الموقف المصرى، التاريخى، أنه لا يمكن الحياد أو التنازل بأى شكل كان عن هذه الثوابت بإنشاء الدولة الفلسطينية والحفاظ على مقوماتها «دولة وشعب وإقليم».
الرئيس السيسى طمئن الشعب المصرى الذى انتفض كالمارد عندما سمع الاطروحات المتداولة على تهجير الفلسطينيين عن قطاع غزة إلى الحدود المصرية، بأنه لا يمكن التساهل أو السماح بالمساس بالأمن القومى المصرى وهذه رسالة مدوية، وحاسمة وحازمة وفاصلة لا لبس فيها، وتجديد لحديث الرئيس أن ذلك لن يحدث، وطرح الحل البديل بالعزم على العمل مع الرئيس الأمريكى دونالد ترامب للتوصل إلى السلام المنشود القائم على حل الدولتين، وهو أمر لا تحيد عنه مصر أبدًا.
ما حدث من عدوان استمر 15 شهرًا من الإبادة سببه هو غياب الحل الحاسم للقضية الفلسطينية والذى سيؤدى إلى تجدد ما حدث، واشتعال الصراعات والمواجهات، لذلك دائمًا تؤكد مصر على حل الدولتين، واقامة الدولة الفلسطينية بحقوق تاريخية لا يمكن تجاوزها، تضع فى الاعتبار الرأى العام العالمى، الذى يؤمن أن هناك ظلمًا تاريخيًا وقع على الشعب الفلسطينى على مدار 70 عامًا وهو الحل الذى يحقق الأمن والأمان والسلام للشعبين الفلسطينى والإسرائيلى.
ما شاهده العالم من عودة الفلسطينيين إلى ديارهم فى الشمال رغم أنها تحولت إلى ركام، يؤكد ما حذرت منه مصر مرارًا وتكرارًا، من هذا التدمير سوف يجعل الحياة مستحيلة فى قطاع غزة حتى يمكن تهجير الفلسطينيين وأن ما يحدث من عدوان واضطرابات وصراعات هو غياب لحل القضية الفلسطينية.. لذلك أقول إن الموقف المصرى تجاه التهجير هو موقف وطنى، يقدس السيادة والأرض والأمن القومى وهو أيضا موقف شريف وأخلاقى، فمعنى التخلى عن القضية الفلسطينية أو الموافقة على تهجير الشعب الفلسطينى أو استقبالهم فى الأراضى المصرية يعنى ضياع قضيتهم وأيضا هو خيانة لدماء وأرواح وتضحيات الشهداء والمصابين الفلسطينيين الذين تحملوا ما هو فوق طاقة البشر من قتل وإبادة وحصار وتجويع وتشريد وتدمير لكامل القطاع، وتحويل المنازل إلى مجرد اطلال وركام ورغم ذلك عادوا إليها، والموافقة على التهجير على حساب الأراضى المصرية، هو خيانة أيضا لدماء الشهداء والمصابين ونضال الشعب المصرى الذين استعادوا سيناء بالحرب والتضحيات والشهادة أو الذين طهروها من الإرهاب بأرواحهم ودمائهم الذكية.