تم فى المقال السابق إلقاء الضوء على أن القدرة على الإرغام أحد أهم أنواع القوة المستخدمة حديثاً بجانب القوة الصلبة والقوة الناعمة لإرغام الدول على الإمتثال للأهداف المعادية وكسر الإرادة وارخاء قبضة الدولة على زمام السلطة، واستطاع الاقتصاد المصرى برغم كل الازمات أن يعبر بسلام إلى مسار النمو المتوازن جغرافياً وقطاعيا، وتحقيق الإتزان المالى والتجاري، وضبط آليات السوق، وضمان الحياة الكريمة للمواطن المصري، مع زيادة مخصصات الدعم والمنح والمزايا الإجتماعية، مع زياده مخصصات قطاعى الصحة والتعليم بنسبة أكبر من 30 ٪ لتصل إلي1494 مليار جنيه فى موازنة العام القادم ، كتأكيد على أنهما من أهم أولويات الدولة لاستكمال استراتيجية بناء الإنسان المصرى خلال الموازنات المالية المقبلة، ولذا تدرك القيادة السياسية أن هناك مجموعة من المخاطر الدولية يجب مواجهتها، وهذه المخاطر قد تغيرت عبر السنوات الاخيرة ، فطبقا لتقرير المخاطر العالمية عام 2024 الصادر عن المنتدى الاقتصادى العالمي، تصدرت المخاطر الاقتصادية قائمة المخاطر فى نحو 80 ٪ من الدول التى شملها التقرير بواقع 90 دولة، وتشمل هذه المخاطر التغيرات فى أسعار العملات، والتضخم، والركود الاقتصادي، والتغيرات فى سياسات الحكومة والتشريعات الاقتصادية، والنزاعات الدولية والحروب التجارية، تلك المخاطر يمكن أن تؤدى إلى تدهور الاقتصاد والتأثير السلبى على الأعمال والوظائف والدخل والثروة.لذلك نرى أن المواجهة يجب أن تتم عبر مجموعة من الآليات لتعزيز الصمود الاقتصادى والحفاظ على إستقرار الأوضاع الاقتصادية والإجتماعية، عبر الأتي: تمكين القطاع الخاص، وبالتركيز على 4 برامج عمل أساسية، هى وثيقة سياسة ملكية الدولة، وإطلاق برنامج سنوى لتسييل الأصول، وتعزيز مبادئ الحياد التنافسي، وتهيئة مناخ أعمال داعم لتعميق مشاركة القطاع الخاص وخفض الدين العام والترشيد الدولارى، ووضع تصور متكامل لضمان تدفقات العملة الصعبة، وسد الفجوة الدولارية، والوصول بالمتحصلات الدولارية لأكثر من 160 مليار دولار تزداد لتصل إلى 220 مليار دولار بحلول عام 2030 لتكون المحصلة النهائية توسيع قاعدة المستفيدين من برامج الحماية الاجتماعية.إننا لا نعلم بعد كيف سيتغير اقتصادانا فى ظل زيادة حالة عدم اليقين العالمية، لكننا نعلم بالتأكيد أننا سنخرج من هذه الأزمة بهذه القيادة السياسية الواعية أكثر صلابة، ومرونة، عبر تحسن الوضع الاقتصادي، وتحسن مؤشرات الأداء الاقتصادى ، والحرص على مد مظلة الحماية الإجتماعية للأسر متوسطة ومنخفضة الدخل لتخفيف حدة الأعباء التضخمية، وكذلك الاستمرار فى الإصلاحات الهيكلية لتوسيع دور القطاع الخاص فى الاقتصاد المصري، مع وضع سقف للإستثمارات العامة فى العام المالى المقبل، بما يفتح مجالات واسعة للإستثمارات الخاصة.لتكون ثمرة الإصلاح الاقتصادى هو تحسن الوضع الاقتصادى عقب إتخاذ حزمة الإصلاحات المتكاملة، حيث سجلنا فائضاً أولياً بقيمة ٤١٦ مليار جنيه بمعدل ٣٪ من الناتج المحلى الإجمالى مقارنة بـ 50 مليار جنيه بمعدل ٥, ٪ فى نفس الفترة من العام المالى الماضي، بنسبة نمو سنوى أكثر من ٨ مرات ونصف، مع الحفاظ على إستقرار معدل العجز الكلى ليبلغ 5.42٪ من الناتج المحلى الإجمالى مقارنة بـ 5.40٪ عن نفس الفترة من العام الماضى رغم التأثيرات السلبية الضخمة للأزمات العالمية وإرتفاع أسعار الفائدة، وارتفاع الإيرادات الضريبية لأكثر من تريليون جنيه وبنسبة 41.2٪ نتيجة لأعمال الميكنة وتوسيع القاعدة الضريبية.لذا فإن ما نأمله فى السنة المالية المقبلة أن نحافظ على الانضباط المالى من خلال ترشيد الإنفاق العام، وتحقيق أكبر فائض أولى بنسبة 3.5٪ من إجمالى الناتج المحلى الإجمالى واستهداف معدلات أكثر استدامة فى المدى المتوسط لخفض عجز الموازنة لأقل من 6٪ والدين أقل 80٪ فى يونية 2027 وتعزيز الإيرادات العامة، خاصة الضريبية التى يجب مضاعفاتها من 2 تريليونات جنية إلى 4 تريليون جنية لتصل الى 25٪ من الناتج المحلى الإجمالى وهى النسبة المقبولة فى الاقتصاديات الصاعدة .