هذا السؤال أجابت عنه الكاتبة الأمريكية إليزابيث زيروفسكيى الأسبوع الماضى فى احد مقالاتها فى صحيفة نيويورك تايمز، حيث أشارت الكاتبة إلى أن الجدل الدائر حول ما يسمى «أيديولوجيا الجندر» أصبح ظاهرة عالمية، وتخطى حدود الدولة وأصبح عابراً للحدود ويميز الأنظمة المناهضة لليبرالية فى جميع أنحاء العالم من روسيا إلى رومانيا ومن بولندا إلى ايطاليا والآن فى العاصمة الأمريكية واشنطن كما تقول الكاتبة، لكن ماذا حدث حتى تتحول الصحافة الأمريكية بين عشية وضحاها إلى مناقشة علنية عنيفة واستقطابية وغير مسبوقة حول « الايدلوجية الجندرية»؟
>>>
بيد أن القرارات التنفيذية والأوامر الرئاسية التى اصدرها الرئيس ترامب هى السبب المباشر فى هذا الجدل الدائر والمستمر والذى خرج من واشنطن كقنبلة انشطرت ووصلت شظاياها إلى معظم دول العالم،فبعدما وجه ترامب وزارة الدفاع لتضع استراتيجية جديدة وقواعد صارمة بشأن افراد الجيش الامريكى المتحولين جنسيا وذلك خلال شهر على الأكثر ويكون المعيار الأساسى هو « الجاهزية العسكرية».
الأمر التنفيذى أكد على أن تحديد الجنس غير المتوافق مع الطبيعة البيولوجية المولود بها الإنسان يتعارض تماما مع «المحددات والمعايير الضرورية والمطلوبة للالتحاق بالخدمة العسكرية».
>>>
الرئيس الأمريكى أمر كذلك بطرد المتحولين جنسيا من الجيش الإمريكى فورا مهما كانت درجتهم ورتبهم وأهميتهم و قام بإلغاء سياسات التنوع والمساواة والشمولية فى الجيش والحكومة الفيدرالية ووصفها بأنها مخالفة للقانون وتستوجب التصحيح الفورى والصارم وكذلك محاسبة المخالفين والمتسببين فى هذه الفوضى التى ترقى لدرجة الفضيحة، ترامب لم يكتف بتلك التوجيهات لكنه أمر بإعادة النظر فى المناهج التى تدرس ايديولوجيا النوع الاجتماعى فى المدارس والأكاديميات العسكرية، ثم اتبع ذلك بقرارات اكثر صرامة حول هذا الموضوع وبشكل اصاب دول العالم الليبرالى والنيو ليبرالى بالهلع وليس القلق، لم يتوقف الأمر عند هذا الحد بل أصدرت وزارة الصحة الأمريكية الأسبوع الماضى «قرارات وزارية» ملزمة تنفيذا لتعليمات ترامب تعيد التأكيد على ان الأسرة مكونة من ذكر وأنثى فقط ولا يوجد شكل آخر للجنس البشرى وهذه هى الفطرة الإنسانية التى خُلقنا عليها.
>>>
فى هذا الإطار صرح وزير الصحة روبرت كنيدى الابن بقوله «ستعيد هذه الإدارة الفطرة السليمة وتعيد الحقيقة البيولوجية إلى الحكومة الاتحادية فسياسة الإدارة السابقة التى كانت تحاول إدخال أيديولوجية النوع الاجتماعى فى كل جانب من جوانب الحياة العامة قد انتهت وعلينا التذكير باختصار شديد «بأن الأنثى شخص ذو جهاز تناسلى وظيفته البيولوجية هى إنتاج البويضات أما الذكر فهو شخص ذو جهاز تناسلى وظيفته البيولوجية هى إنتاج الحيوانات المنوية، إن جنس الإنسان، سواء الأنثى أو الذكر، يُحدَد وراثيا عند الحمل ويمكن ملاحظته قبل الولادة وهناك خطوات جديدة تحظر وتجرم عمليات التشويه الكيميائى والجراحى للأطفال.
>>>
وهناك قرارات اتحادية بوقف جميع عمليات التمويل الاتحادى لعمليات تغيير الجنس وتشويه الفطرة الإنسانية، وهذا يقودنا إلى ضرورة وضع هذه التحولات فى سياقها الصحيح، يخيل إلى ان هناك معركة كبرى تدور رحاها بين قوى اليمين التى يتزعمها ترامب غربا وبوتين شرقا من ناحية وبين قوى اليسار الليبرالى الغارق فى فوضى الحرية والتى يتزعمها ماكرون وترودو ورفاقهما الأوروبيون، هذه الحرب هى حرب صفرية فيما يبدو،
لكن ما يجب الإشارة اليه هنا هو تأثير هذا التماثل الثقافى والأخلاقى او الدينى والعقيدى على التوجهات والقرارات السياسية، يدعم هذا الطرح سرعة التواصل والتوافق بين ترامب وبوتين والاتفاق حول التسوية الاوكرانية، يحدث هذا دون تشاور ترامب مع حلفائه الاوروبيين الذى يراهم غير جديرين بالاحترام نظرا لضعفهم الذى نتج عن عقيدتهم اليسارية الليبرالية الفاسدة التى تسمح بالهجرة والمساواة والتحول الجنسى وهذا كله على حساب الكفاءة.