المتأمل فى اللغة العربية يجدها شديدة التنوع والثراء، ولكن للأسف الشديد ضيعها أهلها، وخاصة الجيل الجديد من النشء، والذى نتج عن تخليه عن لغته العربية ضعف شديد فى فكره وثقافته، وإننى أعجب بسبب الاهتمام المبالغ به حاليا من كثير من الناس سعيا لإتقان اللغة الإنجليزية، التى هى كالفقير مهلهل الثياب، مقارنة باللغة العربية الجامعة كثير من الثراء والتنوع مقارنة باللغات الأخري، ولا يجب أن يغيب عن عقول المثقفين والمعنيين بأمر المستقبل والهوية أن التراخى فى الحفاظ على اللغة العربية يؤدى إلى نتيجة حتمية مضمونها ضياع الهوية، وأقول ذلك عن تجربة، فإننى قد تعلمت اللغة الفرنسية، وكنت كلما قرأتها أتعجب من التفاوت الكبير بينها وبين العربية، إلا أن الآخرين حريصون على الترويج للغاتهم والاعتزاز بها، فنجد مراكز تعليم الفرنسية والإنجليزية والألمانية فى كل مكان، على عكس مراكز تعليم العربية فهى قليلة ونادرة.
إن اللغة العربية فن، وفيها كل عناصر الجذب وخاصة للأجيال الصغيرة، ليس فقط لمضمون اللغة ولكن فيها جذب للثقافة والعادات والتقاليد، ومن يتعلم لغة من اللغات فإنه يتعلم معها ثقافة أهلها، والنبي– صلى الله عليه وسلم– قد شجعنا على تعلم اللغات بقوله: «من تعلم لغة قوم أمن شرهم»، لكن ليس معنى ذلك أن تطغى اللغة الأجنبية على اللغة الأم، وأن تكون هى السائدة، ولكن علينا أن نعلم أولادنا اللغة العربية أولا، ثم نعلمهم اللغات الأخري، وأن نُحَّفِظُهم القرآن صغاراً لأن فى ذلك تقويم للسان وإثراء للحس اللغوى عندهم.