هناك علاقة وثيقة بين الإيثار والسعى فى مصالح الناس وقضاء حوائجهم، فالإيثار هو دافع الأفراد للسعى فى مصالح الناس وقضاء حوائجهم، وهو من أخلاق النبى «صلى الله عليه وسلم»، حيث كان يربى عليه أصحابه منذ بدايات ظهور الإسلام، وبعد الهجرة، فقد ضرب الأنصار أروع أمثلة الإيثار والكرم عند تعاملهم مع المهاجرين، ولذلك فإن محبة المجتمع المصرى للكرم والإيثار والعطاء يعكس مدى حضور النموذج النبوى الموروث من رسولنا الكريم، فنجد طوائف كثيرة من المجتمع المصرى تجود بما تملك لتنفع به غيرها فى شهر رمضان وسائر شهور العام، فأبواب الخير كثيرة، ومن خصائص رمضان أنه شهر المواساة، حيث يتكافل فيه كافة أفراد المجتمع، وتَعمُر فيه البيوت والطرقات بموائد الطعام التى يجهزها المقتدرون ليحوزوا الفضل الذى بشَّر به النبى صلى الله عليه وسلم: «من فطَّر فيه صائمًا كان مغفرةً لذنوبه وعتق رقبته من النار، وكان له مثل أجره من غير أن ينتقص من أجره شيء..حتى قال : ومن سقى صائمًا سقاه الله من حوضى شربةً لا يظمأ بعدها، حتى يدخل الجنة»، كما أن الشرع الشريف لم يكتفِ بفرض الزكاة، وإنما وسَّع وجوه الإنفاق ونوَّع أبواب التكافل والتعاون على الخير والبِّر، حتى يتمَّ الاكتفاء المجتمعى وتوفير صور الدعم والعون فى الأزمات؛ وهذه الطوائف المحتاجة فى مجملها طوائف مستهلكة فكلما ملكت مالًا استهلكته، ومردود ذلك جيد عند الاقتصاديين لما يمثله من دوران عجلة الاقتصاد، فيرتد أثر ذلك على المجتمع بعمومه، ولهذا قال الرسول الكريم: «ما نقصت صدقة من مال»، فالمعطى وإن كان له فضل العطاء، فإن ثمرة الصدقة تعود إلى المتصدق بدَورها، عن طريق دوران عجلة الإنتاج وانتعاش الاقتصاد وحركة السوق، وذلك مقصد نظرية التشغيل التى نادى بها كبار الاقتصاديين لإعادة دوران عجلة الاقتصاد بعد الكساد الكبير، وثمرة نظرية الزكاة فى الإسلام، عن طريق تزويد الفقراء والمحتاجين بالصدقات بما يخلق لديهم القدرة على الاستهلاك ومن ثم تشغيل عجلة الإنتاج.