تتعانق قيمة «التعاون» مع قيمة «الرحمة»؛ باعتبار التعاون مظهرًا لحُبِّ الخير والنفع للآخرين، وهو ضرورة فطرية وظاهرة اجتماعية عرفها الإنسان من أجل تيسير العمل، وتوفير المصالح وتبادل المنافع والخدمات، وإظهار الاتحاد والنُصرة، وقصد التعاون ومبادلة المساعدة فى تحقيق النفع المشترك؛ وهى معانٍ حثت الأدلة الشرعيَّة عليها، ودعت الناس إلى التحلى بحقيقتها وضوابطها؛ «وَاللهُ فِى عَوْنِ الْعَبْدِ مَا كَانَ الْعَبْدُ فِى عَوْنِ أَخِيهِ»، وقد ضرب النبى «صلى الله عليه وسلم» القدوة العمليَّة العليا فى التخلق بهذه القيمة الفاضلة؛ حيث يروى سيدنا عثمان بن عفّان رضى الله عنه أخلاق سيدنا رسول الله صلى الله عليه وسلم فيقول: كان يعود مرضانا، ويتبع جنائزنا، ويغزو معنا، ويواسينا بالقليل والكثير، ومدح صلى الله عليه وسلم قبيلة الأشعريين لإظهارهم التعاون والمواساة فيما بينهم حالة فقر العيش وضيق الأحوال، بأنهم يجمعون ما كان عندهم فى ثوب واحد، ثم يقتسمونه بينهم فى إناء واحد بالسوية، لذا رأى رسول الله «صلى الله عليه وسلم» أنهم يستحقون ذلك الشرف العظيم والمنحة الكبرى فقال فى حقهم: «فَهُمْ مِنِّي، وَأَنَا مِنْهُمْ» طريقتى وطريقتهم واحدة فى التعاون والمحبة والإيثار.