ونتابع المشهد السياسى على الساحة الآن: هناك مطالبات ودعوات تنطلق داخل مصر بضرورة إعادة النظر فى معاهدة السلام الموقعة بين مصر وإسرائيل فى ضوء استمرار إسرائيل فى عملياتها فى غزة ورفضها لكل محاولات وقف إطلاق النار واحتلالها لمعبر رفح على الجانب الفلسطينى وهو ما يجعل كل العواقب الأخرى محتملة.
والحقيقة.. أن معاهدة السلام لم تكن عائقاً أمام اتخاذ القيادة المصرية لمواقف حازمة وقوية فى الأزمة منذ اندلاعها بعد هجمات السابع من أكتوبر الماضي.. ومصر لم تتوقف فى كل المحافل الدولية عن الدعوة لحقوق الشعب الفلسطيني.. سواء فى دولته المستقلة أو حقه المشروع فى الدفاع عن نفسه. ومصر بعثت وأكدت فى رسائل للإدارة الأمريكية أن استمرار الاعتداءات الإسرائيلية لا يمثل خطراً على معاهدة السلام المصرية ـ الإسرائيلية فحسب ولكنه سيؤثر على أمن واستقرار المنطقة بأسرها فى ظل تصاعد الغضب العربى العارم ضد إسرائيل.
ونقول أيضاً إن الحديث عن إلغاء معاهدة السلام لا يخدم الجهود المصرية المبذولة للتوصل لاتفاق لوقف إطلاق النار، وهو حديث يدفع فى اتجاه التصعيد دون البحث عن حلول للتهدئة وهو أيضاً حديث انفعالى عاطفى بعيد عن الحسابات والقراءة العميقة لأبعاد العملية العسكرية الإسرائيلية فى غزة.
>>>
ويحيرنا ويدهشنا الموقف الأمريكى تجاه تطورات الأحداث فى غزة، فستظل الإدارة الأمريكية تؤكد لنا أنه لا توجد مؤشرات على عملية عسكرية إسرائيلية واسعة النطاق فى غزة إلى أن نجد أن إسرائيل قد اجتاحت رفح الفلسطينية وأن العلم الإسرائيلى قد ارتفع هناك.. فالمتحدث باسم مجلس الأمن القومى الأمريكى جون كيربى يقول ويؤكد أن «البيت الأبيض لا يرى أى مؤشرات على عملية إسرائيلية واسعة النطاق لمدينة رفح» لافتاً إلى أن الإدارة الأمريكية تراقب الوضع عن «كثب وبقلق»..!
ويبدو فى هذا أن البيت الأبيض ربما لم يعد يعلم بنوايا نتنياهو أو أنه يريد تخدير العالم إلى أن يصبح الاجتياح أمراً واقعاً وكأنه قد جاء مفاجئاً.
إن إسرائيل التى رفضت التوصل لاتفاق حول وقف دائم لإطلاق النار فى غزة وطالبت بعودة المحتجزين مع هدنة محدودة لا توقف القتال بشكل نهائى قد حددت بهذا المطلب موقفها.. إنهم لن يتراجعوا عن اقتحام رفح الفلسطينية وعن تهجير أعداد كبيرة من الفلسطينيين.. هم يريدون أن يعلن قطاع غزة خضوعه واستسلامه ولا شيء آخر..!
>>>
ونعود للتاريخ.. وفى التاريخ كل الأسف والألم على ضياع الفرص التى لن تتكرر، فهيلارى كلينتون زوجة الرئيس الأمريكى الأسبق بيل كلينتون تقول إنه قبل أربعة وعشرين عاماً من الآن فإن زوجها عرض على ياسر عرفات الزعيم الفلسطينى التاريخى وقائد منظمة التحرير الفلسطينية أن يحصل عرفات على ستة وتسعين فى المائة من الأراضى المحتلة لإقامة الدولة الفلسطينية ولكن عرفات لم يستطع أن يقول نعم ورفض العرض الأمريكى الذى لو كان قد قبله كما تقول هيلارى لكانت القضية قد انتهت ولكانت هناك دولة فلسطينية الآن..!
وقبل العرض الأمريكى الذى تتحدث عنه والذى رفضه عرفات كان هناك العرض المصرى فى ديسمبر من عام 7791 عندما وجه الرئيس الراحل أنور السادات الدعوة إلى الفلسطينيين لحضور المؤتمر الذى عقد فى فندق مينا هاوس إلى جانب مصر وإسرائيل وأمريكا ولبنان وسوريا والأردن والاتحاد السوفيتى وكانت فرصة تاريخية لأول مباحثات سلام مباشر بين الفلسطينيين وإسرائيل ولكن ياسر عرفات انسحب من الحضور فى اللحظات الأخيرة بضغوط من دول الرفض وضاعت أكبر فرصة لحلم الدولة الفلسطينية المستقلة كان ممكناً أن تتحقق فى ظل هجوم السلام الذى قاده أنور السادات فى لحظات القوة والفخار التى أعقبت الانتصار العظيم فى حرب أكتوبر المجيدة!! وسنظل دائماً رغم كل دروس التاريخ نهدر الفرص التى قد تحقق لنا جزءاً من الكل وننتظر الكل الذى قد لا يأتى أبداً، مع أن أول دروس السياسة هو أن تأخذ ثم تطالب بالمزيد..!
>>>
وقال عضو المجلس الوطنى الفلسطينى أسامة العلى لدبلوماسى إيرانى سابق فى حوار تليفزيونى «ردكم الهزيل على هجمات إسرائيل كان يشبه (زفة العروسة فى مصر)».. ونسى العلى أن يحدد أى زفة للعروسة.. الزفة فى قبلى أو فى بحري.. هناك فارق.. وفارق كبير..!
>>>
ونعود للشأن المحلي.. وفى الحوار الدائر حول مؤسسة «تكوين الفكر العربي» والتى وصل الأمر فيها إلى تقديم بلاغات للنائب العام فإن القضية لا تتعلق بأهداف المؤسسة أو بالأفكار التى يمكن الرد عليها بالأفكار ولكنها قضية وجود بعض الشخصيات الجدلية فى المؤسسة والتى يثير وجودها الريبة والشكوك خاصة أن أحدهم قد نال حكماً قضائياً أدانه قبل ذلك.. والحوار مطلوب دائماً.. ولكن من هم أطراف الحوار..!
>>>
وكلما طلب أحد منك المساعدة، فاعلم أنه طلب العون من الله وأعطاه الله عنوانك فلا ترده.
فما أتاك إلا ليزيل عنك جزءاً من سيئاتك، فأنت المنتفع فلا تظن أن الوقت الذى يمضى فى نفعه هو له، بل هو لك.
>>>
ويأت بها الله.. يأت بها دائماً مثلما تريد.. بل وأحسن مما تريد.. يأت بها وإن تأخرت لسبب يعلمه ولا تعلمه.. يأت بها فى الوقت المناسب تماماً وبالطريقة التى اختارها لنا ولم تخطر لنا على البال.. ولسوف يعطينا ربنا، فنرضى ونسعد.
>>>
وأخيراً:
>> لا يغرك صمت المظلوم، فحين يقول
حسبى الله، تهتز السماء لشكواه.
>>>
>> وعزلة تعزنا.. ولا قرب يذلنا.
>>>
>> وسلاماً على من يدخلون البهجة
بداخلنا دون مقابل.