مصر والسعودية هما صمام أمان الأمة العربية والإسلامية وبين القاهرة والرياض علاقات تاريخية عميقة سواء على المستوى الشعبى أو الحكومي.. وفى السعودية أكبر جالية مصرية فى الخارج عاشوا هناك منذ عشرات السنين وصاروا جزءاً من الأمة السعودية وهم محل تقدير وحب واحترام كل الأشقاء السعوديين.. ومهما حاول الاعداء بث روح الفرقة بين الدولتين الشقيقتين فان العلاقات بين البلدين ستظل أقوى من ذى قبل وأكثر تماسكاً ورسوخا وثراء.
الأسبوع الماضى شهد أحداثاً مهمة تصب في هذا المعنى الإستراتيجى وتدعم العلاقات المشتركة أكثر من أى وقت مضي.. فقد استقبلنا جميعا بكل سعادة وارتياح القرار الجمهورى للرئيس عبدالفتاح السيسي بالموافقة على محضر تشكيل مجلس التنسيق الأعلى المصرى السعودى انطلاقًا من الروابط التاريخية التى تجمع جمهورية مصر العربية والمملكة العربية السعودية ونظراً لأهمية المجلس يتولى رئاسة الجانب المصرى فيه رئيس جمهورية مصر العربية ويتولى رئاسة الجانب السعودى فيه ولى العهد رئيس مجلس الوزراء ويضم عدداً من الوزراء والمسئولين من البلدين فى المجالات ذات الصلة بالمهمات المسندة إليه.
المجلس الأعلى المصرى – السعودى يهدف إلى تعزيز العلاقات الثنائية بين البلدين الشقيقين فى جميع المجالات، بخاصة السياسية والأمنية، والاقتصادية، والتجارية، والاستثمارية والتعليمية والصحية، والزراعية والبيئية، والثقافية والصناعية، والتقنية، والاتصالات، والنقل، والتعاون الرقمي، والبنى التحتية، والطاقة.
قبل أيام من صدور القرار الجمهورى كنا على موعد مع حدث مهم آخر يدعم هذا التوجه بقوة.. حيث استقبل الدكتور عمرو طلعت وزير الاتصالات وتكنولوجيا المعلومات سفير خادم الحرمين الشريفين لدى مصر صالح بن عيد الحصيني.. وكان العنوان الأبرز للمباحثات التى دارت بين الجانبين «فتح آفاق جديدة للتعاون بين مصر – والسعودية فى مجالات الاتصالات وتكنولوجيا المعلومات».. الدكتور عمرو طلعت أكد على عمق العلاقات بين مصر والسعودية وتعدد مجالات التعاون المشترك بين البلدين من بينها بناء القدرات الرقمية، ودعم الابتكار وريادة الأعمال، والذكاء الاصطناعي، والتحول الرقمي. إلى جانب التعاون فى تطوير البنية التحتية للاتصالات، بما يُسهم فى تعزيز التكامل الرقمى بين البلدين.
كان لقاء الأشقاء فرصة لاستعراض جهود وزارة الاتصالات لبناء مجتمع معلوماتى متكامل فى مدينة المعرفة بالعاصمة الإدارية الجديدة والتى تضم معهد تكنولوجيا المعلومات والمعهد القومى للاتصالات، وجامعة مصر للمعلوماتية، ومركز إمحوتب للإبداع والتطوير، والأكاديمية الوطنية لتكنولوجيا المعلومات للأشخاص ذوى الإعاقة.. ورحب السفيرالسعودى بدعوة وزير الاتصالات لزيارة مدينة المعرفة للاطلاع على الأنشطة والبرامج التى يتم تنفيذها بها والتى تستهدف تحفيز الابتكار الرقمى وريادة الأعمال، ودعم أنشطة التصميم الإلكتروني، واعداد كوادر رقمية متميزة بالتعاون مع الجامعات الدولية، والشركات العالمية الرائدة، ودفع الجهود المعنية بدعم وتوطين صناعة التكنولوجيات المساعدة، وتعزيز البحوث التطبيقية فى مجال الذكاء الاصطناعي.
الاجتماع لم يقتصر فحسب على دعم التعاون المشترك وتعزير العلاقات الثنائية فى مختلف المجالات التكنولوجية والمعلوماتية.. ولكنه تطرق أيضاً إلى التأكيد على أهمية تعزيز التعاون بين البلدين على المستوى الإقليمى من أجل تنسيق المواقف بما يدعم القضايا ذات الأولوية فى قطاع الاتصالات وتكنولوجيا المعلومات على مستوى المنطقة. والعمل المشترك من أجل توحيد الرؤى والمواقف العربية فى المنصات الدولية.
سفير خادم الحرمين الشريفين طرح خلال اللقاء مبادرة مهمة عندما دعا إلى تعزيز التعاون المشترك بين وزارة الاتصالات ومدينة الملك عبدالعزيز للعلوم والتقنية فى مجال دعم الإبداع التكنولوجى وريادة الأعمال مشدداً على أن العلاقات بين البلدين راسخة على المستويين الشعبى والحكومي؛ معرباً عن حماسه الشديد لزيارة مدينة المعرفة قريبا والتعرف عن كثب على أنشطة وزارة الاتصالات وتكنولوجيا المعلومات المعنية ببناء القدرات الرقمية ودعم ريادة الأعمال من خلال زيارة مدينة المعرفة ومراكز إبداع مصر الرقمية.
نتوقع ان تشهد المرحلة المقبلة مزيداً من اللقاءات والقرارات والإجراءات التى تدعم وتعزز العلاقات المصرية السعودية على كافة الأصعدة والمستويات وان كنت أراهن على قطاع الاتصالات وتكنولوجيا المعلومات فى تحقيق طفرة كبيرة فى التعاون الإستراتيجى بين البلدين الشقيقين بما يمتلكان من مقومات وطموحات عظيمة تؤهلهما للسبق والريادة التكنولوجية إقليمياً وعالمياً.