مصر.. لم تغب يوماً عن الزمن أو التاريخ.. ولم تكن مصر يوماً فى «اجازة» من الزمن أو التاريخ.. كما يتصور الأعداء والمتآمرون.. وكما تتصور الجماعة الإرهابية والأجهزة السرية العالمية التى تقف وراء وجودها الإجرامى فى السوق الرخيص للخيانة والمؤامرات وصناعة الأزمات فى الشرق الأوسط.
> مصر على مدى وجودها الخالد.. كانت تمثل دائماً موقع قوة وقوة موقع حاكم ومتحكم ومسيطر فى هذا الجزء الحيوى من خريطة العالم. والواقع الجغرافى لا يقبل التغيير مطلقاً.
> منذ فجر الوجود والزمن.. عرفت مصر كيف تصعد.. كقوة كبرى مركزية تصنع التاريخ.. وشعب عظيم يصنع الحضارة والتقدم.
> منذ العصور الأولى للحضارة.. عرفت مصر قيمة السلام والأمن والاستقرار.. وتعلمت كيف تقيم مجتمع الأمن والسلام فى وادى النيل.. فقد تعلم المصريون أن مجتمع السلام ضرورى للتحكم فى مياه النهر الجامح.. وزراعة الأرض وإنتاج المحاصيل.. هكذا صنع المصريون الأوائل الأمن والسلام فى بلادهم.. وصنعوا الأمن والسلام مع جيرانهم.. كما فعل الملك رمسيس الثانى مع الحيثيين قديماً.
> منذ فجر التاريخ.. امتلكت مصر الجيش القوي.. والقوة العسكرية الكبيرة.. القادرة على تأمين الوطن والأرض.. وتأمين الوجود والحدود لأول «دولة قومية».. أقيمت فوق كوكب الأرض.
> ويسجل خبراء الإستراتيجية فى «معهد الحرب الحديثة» فى واشنطن أن ملك مصر تحتمس الثالث.. هو القائد العسكرى العظيم.. أول من خطط وابتكر معارك وحروب الأسلحة المشتركة فى التاريخ.
> ومـــن الطــبيعى والمنــطقى أن تمتلـــك مصــر اليوم.. تحت قيادة الرئيس عبدالفتاح السيسى.. الجيش القوي.. والقوات المسلحة القادرة على حماية الأرض والوطن.. وحدوده ووجوده.
> وتؤكد الأحداث هذه الأيام أن مصر.. مازالت هى القوة الإقليمية المركزية.. والقوة الدبلوماسية الكبري.. القادرة على التحرك السريع.. ومواجهة التحديات.. وتقديم المبادرات.. وابتكار الحل للأزمات.. وقد تحركت مصر فعلاً.. وقام وزير الخارجية د.بدر عبدالعاطى بزيارة كل من واشنطن وباريس لطرح رؤية مصر الواضحة الرافضة لمخطط تهجير وترحيل سكان غزة من أراضيهم.. مهما كانت الظروف.. ومصر لن تشارك فى جريمة تطهير عرقى ضد الشعب الفلسطينى فى قطاع غزة.. تضاف إلى جرائم الحرب الإسرائيلية على مدى 16 شهراً من الحرب الدموية وإراقة الدماء.
العولمة المفقودة
> هنا لابد أن ندرك أن هذا العالم يعيش فى حالة أزمة دائمة.. تتفاقم من مكان إلى مكان.. من أوكرانيا فى قلب أوروبا.. حتى حروب إسرائيل فى الشرق الأوسط.. وحتى الصراع على «تايوان» فى أقصى جنوب شرق آسيا.
> وقام الرئيس الأمريكى ترامب بإشعال الحرب التجارية العالمية.. ضد الجميع.. ضد حلفاء أمريكا وشركائها وأصدقائها.. وحتى ضد الأعداء.
> هكذا يطرح الرئيس ترامب إستراتيجية جديدة لهذا العالم الذى يعانى من أزمات وصراعات وحروب متفاقمة لا تتوقف ولا تنتهي.
> بذلك أصبحت «أمريكا أولاً» كما يقول ترامب.. أمريكا أصبحت وحدها.. أمريكا ضد الجميع والشركاء والأصدقاء.. وحتى الأعداء.. وقديماً قال هنرى كيسنجر إن على أعداء أمريكا الحذر منها.. وعلى حلفاء أمريكا أن يحذروها ألف مرة.
> فى النهاية نجد أن الرسوم الجمركية الأمريكية التى فرضها ترامب.. قد أنهت عصر العولمة والأسواق المفتوحة وقضت على التجارة الحرة بين الدول.. وهذه أزمة عالمية جديدة.. أو هى حرب عالمية تجارية.. تكشف أوهام العولمة المفقودة.. والأسواق الحرة الضائعة.
الأمن القومى العربى
> القصة كبيرة جداً فى أزمات العالم.. وما فيه من صراعات وحروب متشعبة ومتشابكة.. والقصة مفتوحة تماماً.. لاشتعال المزيد من الحروب والأزمات والصراعات.
> بذلك نكتشف أن إسرائيل هى «دولة الحرب» الوحيدة فى الشرق الأوسط.. بما يؤكد وجود صراعات كبرى فى الشرق الأوسط.. وصراعات كبرى على الشرق الأوسط.
> وخطة ترامب لترحيل وتهجير الشعب الفلسطينى من أرضه فى قطاع غزة.. جزء من مخطط الحروب والصراعات فى الشرق الأوسط.. والصراعات على الشرق الأوسط.
> لكن التحركات المصرية والاتصالات والمشاورات العربية تؤكد الاتجاه إلى بلورة موقف عربى موحد تجاه قضية العرب المركزية.. وهى القضية الفلسطينية.. بما يؤكد أن مصالح الأمن القومى العربى واحدة فى مرحلة دقيقة من تاريخ العلاقات العربية ـ الأمريكية.
> وقد قام الرئيس عبدالفتاح السيسى بتأجيل زيارته لأمريكا.
> ورفض أن تكون خطة التهجير على مائدة المباحثات فى واشنطن.
> وأمس الأول بدأت معدات الإعمار الدخول إلى غزة كما دخلت المنازل الجاهزة تأكيدا على ان الاعمار دون تهجير هو موقف مصر الواضح الذى لا تنازل عنه والطريق الذى لا بديل له، فمصر لديها خطة متكاملة لإعادة الإعمار فى قطاع غزة.. بدون تهجير أو ترحيل أبناء الشعب الفلسطينى من أراضيهم.
> وتؤكد مصر دائماً أن التهجير خط أحمر لن تقبله تحت أى ظرف.. لأنه يمس الأمن القومى لمصر.. وسيادتها على كل شبر من أراضيها.
> وهناك القمة العربية الطارئة بالقاهرة فى 4 مارس.. وكل ذلك يؤكد أن العالم العربى قادر على التحرك الدبلوماسى الواسع وطرح البدائل التى تخدم الأمن القومى العربي.. وتخدم القضية الفلسطينية.. وحق الشعب الفلسطينى فى إقامة دولته المستقلة فى القدس والضفة الغربية وقطاع غزة حسب حدود الرابع من يونيو 1967.
> لكن جولة وزير الخارجية الأمريكى مارك روبيو بالمنطقة تؤكد على دخول معدات الاعمار إلى غزة تأكيد على أن هذا هو الطريق الذى لا بديل له.
> فلم يصل مارك روبيو إلى إسرائيل بأيد فارغة.. فقد سبقته إلى إسرائيل بساعات طائرات شحن عسكرية أمريكية تحمل شحنات أسلحة جديدة لإسرائيل.. خصوصاً القنابل الثقيلة زنة ألفى رطل.. المضادة للخنادق العميقة والأنفاق.. وبهذه المناسبة.. جدد رئيس الوزراء الإسرائيلى نتنياهو تهديداته بمواصلة جحيم الحرب على غزة إذا لم يتم الإفراج عن بقية الرهائن.. كما أن إسرائيل تواصل تهديداتها ضد إيران وبرنامجها النووي.. وهذه القنابل الذكية الثقيلة الجديدة.. مخصصة لتدمير المنشآت النووية الإيرانية الموجودة تحت الأرض فى الأعماق.
قوة الجيش المصرى
> صفقات وشحنات الأسلحة الأمريكية الجديدة.. تبدو بوضوح جزءاً من أوراق الضغط الأمريكية ـ الإسرائيلية قبل التفاوض حول المرحلة الثانية من اتفاق وقف النار وإطلاق الرهائن فى غزة.. وقبل بدء أى محاولة للتفاوض مع إيران.
> وقد أشاد نتنياهو بالرئيس الأمريكى ترامب بأنه أعظم أصدقاء إسرائيل فى التاريخ.
> لكن إسرائيل تواصل الحديث عن القوات المسلحة المصرية.. وذكر الإسرائيلى ديفيد بن باسات فى الجيروزاليم بوست منذ أيام أن السلام القائم بين مصر وإسرائيل مستقر.. وتساءل قائلاً.. ولكن إلى متي؟!
وقال إن مصر وقعت اتفاقية للسلام مع إسرائيل فى 9791.. وأدت هذه المعاهدة لإقامة علاقات دبلوماسية بين الجانبين.
الكيان الصهيونى
> وقال إن مصر تتوسع فى قوتها العسكرية.. مما يثير الشكوك فى تل أبيب حول نوايا مصر على المدى البعيد.. ومصر لا تواجه تهديدات خارجية كبري.. مصر اليوم تواصل تعزيز قواتها المسلحة بأسلحة متطورة ومتقدمة.. دبابات أمريكية حديثة وطائرات مقاتلة.. كما حصلت مصر على سفن حربية متطورة وطائرات هليكوبتر هجومية وطائرات مقاتلة فرنسية من طراز رافال.. وصواريخ دفاع جوى متقدمة من روسيا من طراز إس-300.. وهذه الأسلحة المصرية لا يمكن أن يقال إن الهدف منها محاربة الإرهاب وداعش والجماعات الإرهابية الأخري.
> يقول ديفيد بن باسات.. إنه بما أن إسرائيل هى القوة العسكرية الرئيسية بالمنطقة فإنه من الطبيعى أن يتساءل المسئولون فى تل أبيب فى شك ويقولون.. هل يمكن أن تصبح مصر هى العدو على المدى البعيد؟!
> فقد اعترفت مصر بدولة إسرائيل رسمياً فى معاهدة السلام.. لكنها لم تعترف مطلقاً بإسرائيل كدولة يهودية.. والكتب المدرسية والصحف المصرية تتحدث عن إسرائيل باعتبارها الكيان الصهيوني.. ورغم التزام حكومة مصر رسمياً باتفاقية السلام.. إلا أن المشاعر المعادية لإسرائيل تبقى قوية جداً فى مصر.
السلام.. مصلحة مشتركة
> يعترف ديفيد بن باسات بأنه رغم معاهدة السلام.. إلا أن العلاقات بين مصر وإسرائيل تبقى قائمة على المصلحة المشتركة فى السلام.. وليس على أساس الدفء الدبلوماسى الحقيقي.. بل إن مصر تتحدث دائماً عن إسرائيل باعتبارها دولة احتلال.
> الصحف الإسرائيلية تتحدث كثيراً هذه الأيام عن قوة مصر العسكرية المتزايدة.. وحتى عن الحشد والنشاط العسكرى المصرى فى سيناء. لكن صحيفة واشنطن بوست الأمريكية اعترفت بأن السبب الحقيقى لذلك يعود إلى مخاطر واحتمالات تهجير أبناء الشعب الفلسطينى من قطاع غزة. وهذا خط أحمر بالنسبة لمصر ومرفوض تماماً ونهائياً.. رسمياً وشعبياً.
> وذكرت جيروزاليم بوست أن مصر حصلت على أسلحة أمريكية تزيد قيمتها على 80 مليار دولار منذ 1967.. مما يجعل القوات المصرية من أفضل الجيوش وأقواها فى الشرق الأوسط.
> وكل ذلك يكشف أن إسرائيل.. «دولة الحرب» وآلة العدوان تلقى «بقنابل الدخان» فى كل اتجاه فى الشرق الأوسط.. بهدف إخفاء نواياها العدوانية الحقيقية.. صحف تل أبيب تتحدث عن القلق الإسرائيلى المتزايد من قوة الجيش المصري.. ومن امتلاك قواتنا المسلحة.. لأحدث الأسلحة والطائرات والغواصات.
ما هى نوايا إسرائيل؟!
> وهذا يعنى أن إسرائيل تلوح وتهدد بالحرب فى كل اتجاه فى الشرق الأوسط.. وتصاعدت التهديدات الإسرائيلية مؤخراً بعد إعلان الرئيس الأمريكى ترامب خطته لترحيل وتهجير الشعب الفلسطينى بالقوة من غزة لإقامة ريفيرا الشرق الأوسط.. تحت حماية وسلطة الولايات المتحدة.
> قد لا يعلم أحد بالضبط ما هى نوايا إسرائيل الحقيقية.. لكننا نعلم جيداً أن أطماع صهاينة تل أبيب التوسعية لا تنتهي.. وليس لها حدود.
> مع ذلك فقد أعلنت مصر رسمياً أنه «لا يوجد لديها أجندة خفية» للحرب أو للعدوان على أى أحد.. ومصر دولة سلام.. وصانعة للسلام.. والسلام المصرى الإسرائيلى تم بمبادرة مصرية. لكن مصر لا تقبل مطلقاً أى مساس بأمنها القومي.. أو بسيادتها المطلقة على كل شبر من أراضيها.. وهنا تقف مصر.. قيادة وشعباً على قلب رجل واحد ضد كل مخططات العدوان.. وضد مخططات تهجير الشعب الفلسطينى وتصفية القضية الفلسطينية.
> فى النهاية.. فإن مصر.. قوة إقليمية وسكانية كبري.. ومن الطبيعى أن تمتلك قوات مسلحة قوية وكافية لردع العدوان وحماية الأمن القومى الشامل لمصر.
فشلت قبل أن تبدأ
> وتعترف الصحف الإسرائيلية بأن خطة ترامب لإقامة ريفيرا الشرق الأوسط فى غزة قد فشلت قبل أن تبدأ.
ويؤكد الإسرائيلى إسكيف ديل إن خطة ترامب سوف تكون لها نهاية واحدة.. هى توريط أمريكا فى حرب جديدة إلى الأبد فى الشرق الأوسط.. فمن المؤكد أن تؤدى هذه الخطة إلى اشتعال عملية تمرد مسلح فلسطينى كبرى ضد الاحتلال الإسرائيلى وضد محاولات أمريكا للاستيلاء على أرض قطاع غزة.. ويؤكد أن هذه فى الواقع هى خطة ترامب للفشل الأمريكى فى الشرق الأوسط فى 2025.
> وقال إسكيف ديل إن ترامب يتصور خطأ أنه يمكنه تغيير مسار التاريخ.. لكنه ينسى دروس أمريكا المريرة فى حرب فيتنام وفى احتلال العراق وأفغانستان.
> ترامب يتصور أنه يمكنه إعادة تشكيل النظام العالمى بالصفقات وصناعة الصفقات.. لكن صفقات ترامب يمكن أن تؤدى لتوريط فى الحروب.. التى لن تتحقق فيها لأمريكا أية أهداف سياسية.
> إسرائيل تتصور حالياً أن أمامها فرصة تاريخية لإعادة رسم وتشكيل خريطة الشرق الأوسط.. حسب أهدافها وأطماعها. لكن هذه الفرصة الوهمية سوف تنتهى وتسقط.. من تلقاء نفسها فى أجواء الرفض العربى الشامل والكامل لهذا المخطط الصهيونى الجديد.
> وهناك كلمة عربية موحدة.. سوف تنطلق من القمة العربية الطارئة فى القاهرة.. بما يؤكد التمسك العربى الثابت بالحقوق المشروعة للشعب الفلسطينى فى أرضه وسيادته وفى الدولة المستقلة فى حدود الرابع من يونيو 1967.
وكما يقولون حالياً فى واشنطن.. إن الساكن الجديد فى البيت الأبيض قد يتمكن من ضم كندا لأمريكا أو شراء جزيرة جرينلاند.. لكنه لن يتمكن من الاستيلاء على قطاع غزة.. ولن يتمكن من تجاوز القضية الفلسطينية.. وحق الشعب الفلسطينى فى الدولة والسيادة.