المجتمع حجم أنشطتها الإرهابية فى المساجد والزوايا
ربما تتخذ الظاهرة الإرهابية فى عام 2025 أشكالاً تختلف بحسب التطورات الجيوسياسية عن واقع 2024
يسدل ستار عام 2024 تاركا وراءه مرحلة جديدة نستطيع ان نطلق عليها «هندسة الإسلام السياسى» وإعادة ما يسمى اعادة تموضع الجماعات المسلحة فى العالم العربى، يرى مراقبون ان ما حدث فى سوريا مؤخرًا كان مفاجأة كبيرة للجميع بمن فيهم الامريكان والغرب وتم الإعداد له من قبل فصائل سوريا المقاتلة عبر عامين بعناية وبدأ التنفيذ مع طوفان الاقصى، ويرى اخرون ان الظهور المفاجئ لاحمد الشرع ورجاله كان معداً سابقًا وبترتيب مع القوى الغربية والأمريكية وخاصة اليمين المتطرف فى اوروبا وامريكا.
لقد كان عام 2024 عام الرؤوس الطائرة فى عالم الإسلام السياسى فقد قتل صالح العرورى فى يناير، واسماعيل هنية يوليو ثم قتل خليفته فى غزة يحى السنوار فى أكتوبر، ومحمد الضيف فى فى يوليو و عباس نيرفانورشان قائد عمليات الحرس الثورى وحسن نصر الله وعلى كركى فى سبتمبر، بالإضافة إلى 56 الف من الشهداء فى غزة وتدمير 58 ٪ من البنية التحتية الفلسطينية .
ومع نجاح الفصائل السورية فى خلع نظام الرئيس السابق بشار الإسد بدت المنطقة فى شكل هندسى جديد لقوى الإسلام السياسى من جديد .
من خلال خبرة التاريخ فالملاحظ ان هناك تغيراً فى هندسة الإسلام السياسى كل عشر سنوات فخلال الثلاثين عاما الماضية حدثت تغيرات جوهرية فى خريطة العمليات الإرهابية وصعود وقيام جماعات وانهيار واضمحلال أخرى، خريطة الإسلام السياسى بدأت فى أفغانستان عام 1979م بعد الغزو الروسى لأفغانستان تبلورت على اثرها ظهور كبرى الجماعات الجهادية المعاصرة وهى القاعدة، ومع تنامى الظاهرة فى افغانستان ظهر جيل جديد ينتمى للجماعات فى أوروبا وامريكا بعد خروج عمر عبد الرحمن إلى افغانستان هربا من عدة قضايا جنائية فى مصر فى عام 1989، ومع تفجير سفارات الولايات المتحدة فى كل من دار السلام (تانزانيا) ونيروبى (كينيا)؛ فى وقت واحد وذلك فى أغسطس 1998 تشكل جيل جديد قام بهجمات الحادى عشر من سبتمر لتنتقل لمرحلة جديدة فى العراق وظهور الطبعة الثانية لتظيم القاعدة هناك، ليحدث الربيع العربى واقتحام سجن صدنايا فى عام 2011 ليصدر الرئيس السابق بشار الاسد حالة الإسلام السياسى للغرب باعتبارهم الإرهاب القادم إليهم ليظهر جيل جديد فى 2012 و2013 ليقود دفة الجهاد العالمى لفترة و عشرية سوداء اخرى حتى 2021 وتضمحل القاعدة بعد مقتل معظم قياداتها فى العراق واليمن والجزائر، لتظهر سوريا وطن القاعدة الجديد فى المنطقة ويدير هذه الفصائل القتالية الجديدة جبهة تحرير الشام بعد صراع مرير وفك ارتباط مع القاعدة وداعش لتخرج طبعة جديدة منقحة لتنظيم القاعدة ـ لو اجزنا المصطلح لتخلص القاعدة من البندقية ولمة الحرب وترتدى القبة والبدلة الإفرنجية، وتخرج نسخة احمد الشرع الجولانى سابقا . المرحلة الأخيرة هى افراز لتجارب اسلام سياسى عبر عشر سنوات فى مصر والعراق والاردن وفلسطين وايران بجانب تجربة الحكم الفاشلة لهم فى مصر .
أمريكا والغرب ومستقبل الإسلام السياسى
فى المنطقة العربية
منذ هجمات الحادى عشر من سبتمبر احتل ملف الإرهاب أولوية كبيرة فى التعامل من الإدارة الامريكية مع الامن القومى العربى والإقليمى، واعتبرت الولايات المتحدة الأمريكية حدود امنها القومى كل ما يتعلق بالسيادة الامركية حول العالم، وهنا اعتبرت تنظيم القاعدة ثم تنظيم داعش من اهم التنظيمات العالمية التى تراها أمريكا اعدى اعدائها فى العالم، وكانت القاعدة وداعش أيضا ترى ان اولى أولوياتها هى ضرب القواعد الامريكية فى أى مكان فى العالم .
كانت صياغة التعامل مع الإسلام السياسى فى المنطقة العربية والعالم الإسلامى حصيلة نقاشات اكادمية وفكرية على مدار العقود الثلاثة الماضية، فقد تفرغت نخبة مختارة من المفكرية والأكادميين والخبراء لصياغة السياسية الامريكية تجاة هذه النوعية من الجماعات .
وهنا تكمن التساؤلات التى تثار عند كل موجة لصعود تيار من الإسلام السياسى ليكون له غلبة وقدرة على التجاوب وسوف نلحظ أن هناك مواقف متعددة فى هذا القضية وهناك أكاديميون يتبنون الصدام ومواجهة الإسلام السياسى فى المنطقة العربية على خلفية ان حدود الامن القومى الأمريكى، ومنهم برنارد لويس و دنيال بايبس وجودث ميلر ومارتن كريمر وايفان حداد وجيمس بيسكاتورى و جون فول وكل هؤلاء يبحثون فى الظاهرة الإسلامية ويتساءلون هل هناك معتدلون ام كل الإسلاميين إرهابيون وما هى طريقة تعامل الإدارات الأمركية المختلفة معهم بل والسياسة الغربية عموما.
كثير من رجال السياسة الامريكيين يرون ان الإسلام السياسى يعكس رؤية دينية داخل الدين، وان المؤسسات الدينية تفرغ هذه النوعية من الشخصيات المتطرفةوالتى ادت إلى احتجاز الرهائن فى طهران وكذلك قيام الثورة فى ايران بالإضافة إلى اغتيال الرئيس الراحل انور السادات وتفجيرات مركز التجارة العالمى.
وتعد دراسة الزميل فواز جرجس « أمريكا والإسلام السياسى صراع الحضارات وتضارب المصالح» من أهم من سجل هذه النقاشات التى دارت لعقود داخل الاروقة الامريكية إزاء من يعتقد ان التهديد الإسلامى خرافة ومن يعتقد انه حقيقة وانعكاس هذه التظريات على ارض الواقع .
واقيمت السياسة الامريكية على نظريتين رئيسيتين فى التعامل مع التكوينات الإرهابية التابعة لمنظومة الإسلام السياسى فى العالم العربى والإسلامى :
النظرية الاولى : نظرية الدمينو وهى انتقال الفعل الجهادى إلى أكثر من دولة، فإذا نجح هؤلاء فى الوثوب إلى السلطة وتعبر القارات نحو أمة اكبر « والمطلوب فى هذه المعركة سيكون سنى عربى قادر على تحريك الجماهير، شخص له لحية ذو قوى سياسية ومعه بقايا اى جيش عربى كما يرى تنظيم الجهاد المصرى «نحتاج رجلا وليس سلاحاً « ونغير على العدو ونسرق سلاحهم وهنا تبرز نظرية « الدمينو» هذه فى كل موجات الحركات والكيانات الإرهابية الحديثة .
النظرية الثانية : نظرية التنافر المعرفى وهى النظرية التى صاغها عالم الأجتماع الامريكى ليون فسينجر سنة 1957 وهى أن المرء عندما يعيش صراعًا بين ما يعتقد وبين ما يحدث فى الواقع فإن أحد الحلول المتاحة لتجاوز ذلك الوضع يتمثل فى تغيير سلوكه ويقبل بالامر الواقع، وفى حالة التنظيمات والجماعات فإنها تعزز ضبط افكارها وفق منظومة دفاعية جديدة تدفعها للتعايش، وهيو ما يعرفة فسينجر بمصطلح «انقشاع الوهم الكبير» فنعيد الجماعة والتنظيم النظر فى الأفكار وفق آليات ومحددات جديدة .
الإرهاب فى 2024 انحسار حذر وتوقعات بهجمات قادمة
يعد تقريرمعهد الاقتصاد والسلام الدولى النسخة الحادية عشرة من مُؤشر الإرهاب العالمى لعام 2024، من اهم التقارير الدولية السنوية التى ترصد حالة العنف والتطرف والإرهاب فى الشرق الاوسط وهو تقرير سنوى يُصدره المعهد باللغة الإنجليزية منذُ عام 2012.
فيرى التقرير انخفاض أعداد الهجمات الإرهابية حول العالم مقابل ارتفاع شدة تأثيرها فقد شهدت العديد من دول العالم خلال عام 2023 زيادة فى الهجمات الإرهابية شديدة الفتك، رغم انخفاض المُستوى الإجمالى للنشاط الإرهابى فى عام 2024؛ حيثُ ارتفعت الوفيات الناجمة عن الإرهاب بنسبة 22 ٪ لتصل إلى 8352 حالة وفاة، وهو أعلى مُستوى لها منذُ عام 2017. كما انخفض عدد البلدان التى شهدت هجومًا إرهابيًا واحدًا على الأقل من 60 هجومًا خلال عام 2022 إلى 50 هجومًا عام 2023.
ويوضح التقرير أن خطر الإرهاب فى الساحل الأفريقى قد ازداد هذا العام فقد سّجلت منطقة جنوب الصحراء الكبرى فى أفريقيا للعام السابع على التوالى أكبر عدد من الوفيات الناجمة عن الإرهاب على مستوى العالم بزيادة قدرها 21 ٪ مقارنةً بعام 2022،
وتتركز غالبية التأثيرات المُرتبطة بالنشاط الإرهابى هذا العام فى منطقة الساحل الأفريقى، حيثُ تقع خمس من الدول العشر الأكثر تأثرًا بالإرهاب خلال عام 2023 فى هذه المنطقة، وثمة دلائل على أن عدوى التهديدات الإرهابية بدأت تنتشر إلى البلدان المُجاورة، إذ سجلت كل من بنين وتوجو لأول مرة أكثر من 40 حالة وفاة بسبب الإرهاب. ويوضح الشكل التالى الدول الخمس التى سجّلت أكبر عدد من الوفيّات الناجمة عن الإرهاب خلال عام 2023:
الدول الأكثر تضررا من الإرهاب فى عام 2024
تعد بركينا فاسو و مالى والنيجر ونيجيريا وافغانستان وباكستان والصومال وميانمار واخيرا سوريا من اكثر الدول التى عانت من الهجمات الإرهابية خلال العام الماضى و أصبحت دول غرب أفريقيا الدولة الأكثر تضرراً من الإرهاب لأول مرة حيث ارتفعت الوفيات الناجمة عن الإرهاب بنسبة 68 فى المائة عن 53 فى المائة على الرغم من انخفاض الهجمات بنسبة 17 فى المائة.
بوركينا فاسو
و تعد بوركينا فاسو بها ربع الوفيات الناجمة عن الإرهاب على مستوى العالم، التى تحدها مالى من الشمال والغرب، ومن الجنوب كوت ديفوار وغانا وتوج، ومن الشرق بنين والنيجر.
مالى
كانت مالى موطنًا لثامن أعنف هجوم إرهابى هذا العام، والذى وقع فى منطقة جاو بمالى، عندما اشتبك مقاتلو تنظيم داعش الإرهابى وجماعة نصرة الإسلام والمسلمين (JNIM) بالقرب من قرية تين فاديماتا، دائرة جاو، منطقة جاو ليلة 1 مارس من العام الماضى .
باكستان
كما شهدت باكستان رابع أعنف هجوم إرهابى هذا العام، والذى وقع فى إقليم خيبر بختونخوا، عندما قتل إرهابى ما لا يقل عن 84 شخصًا وأصاب ما لا يقل عن 200 آخرين فى مسجد خطوط الشرطة فى بيشاور، فى وقت مبكر من بعد ظهر يوم 30 يناير. وورد أن عدة مئات من ضباط الشرطة كانوا فى مكان الحادث عندما انفجرت العبوة الناسفة ولم تعلن أى جماعة مسؤوليتها عن الهجوم، ولكن بناءً على الهدف والموقع، من المرجح قيام عناصر تنظيم داعش الإرهابى بالعملية .
سوريا
وقد وقع ثالث أعنف هجوم إرهابى هذا العام فى منطقة حمص فى سوريا قبل الاحداث الأخيرة، حيث قتلت عدة طائرات بدون طيار محملة بالمتفجرات ما يقرب من 100 جندى ومدنى وأصابت ما لا يقل عن 240 آخرين فى هجوم على حفل تخرج الكلية العسكرية فى الأكاديمية العسكرية فى حمص، محافظة حمص فى 5 أكتوبر ولم تعلن أى جهة مسئوليتها عن الهجوم، ولكن معظم الفصائل المسلحة كانت تعمل فى المنطقة.
أخطر ما يشكله الإرهاب فى المنطقة كمون فى الظاهرة؛ وهو لا يعنى أنها انتهت، فالإرهاب يعيد نفسه مرة أخرى فى غرب إفريقيا. وما زالت أزمة مخيم الهول فى شمال سوريا معلقة دون حسم رغم ما حدث فى سوريا من تغير النظام السياسى ؛ وهو المخيم الذى يضم ما بين 20 إلى 50 ألفاً من زوجات وأبناء العناصر الإرهابية بداعش، وبعضهم من جنسيات عديدة. فماذا لو استمرت هذه الحالة؟ وماذا لو استطاعوا الهرب؟ وماذا لو استيقظت القاعدة وداعش بعد أحداث غزة المدمرة ؟ وما شهدته سوريا وخاصة وقد دخل مخاوف شديدة بهذا الشأن فى الوقت الذى يواجه فيه الشباب فى العالم نوعاً من العدمية السياسية التى أفرزتها صدمات تلقى الأخبار والتقلبات السياسية الجارية و انهيار كثير من قيم حقوق الأنسان فى فلسطين، وغيرها فى حالة السيولة التى يشهدها العالم الآن.
أن الإرهاب والتطرف لم يعدا يعملان بشكل تقليدى بل من خلال أدوات مختلفة منها الألعاب الإلكترونية التى تتضمن قيم تحض على الكراهية ورفض الآخر والعبارات التى تستخدمها التنظيمات الإرهابية وتوظيفها لتحقيق أهدافها.
الحقيقة أن مصر لم يسجل بها اى حوادث إرهابية تذكر فى عام 2024 فمنظومة الإرهاب قد عجزت على اختراقها، و تمتلك مصر تجربة مهمة فى مكافحة الإرهاب، وكل الدول العربية الدول العربية لديها وعى بهذه التجربة ومصر لديها مصلحة فى تحويل تجربتها لنموذج يمكن الاستفادة منه فى المنطقة لأنه سينعكس على مواجهة الإرهاب فى منطقة الشرق الأوسط بشكل عام.
الوضع الإقليمى واستقرار مصر
لم يكن الوضع الإقليمى يحتاج التدهور أكثر فبعد الاحداث السورية ووصول الفصائل السورية للحكم وظهور أحمد الشرع «محمد الجولانى سابقًا» طبعة القاعدة المعدلة، بما تحملة اشارته السياسية من دلالات تخص الأمن القومى العربى، وخاصة قيام إسرائيل بتدمير سمعة وموارد الجيش السورى، وقيام روسيا بنقل تواجدها العسكرى المكثف إلى ليبيا، فقد كان الوضع العربى مأزوم سياسياً وباتت مصر محاطة بالأخطار من كل جانب، غزة وما يجرى فيها، سوريا وما وصلت إليه، السودان وما يعيشه من مخاطر وأزمات وحروب وتهديدات بالتهجير، وأخيرا ليبيا فقد تضاعف همها عند مصر مضاعفات كثيرة بعد وصول النفوذ الروسى إليها، ما يعنى أن هذه المنطقة ستجتذب مزيدا من الفواعل الدولية وربما جماعات اخرى إرهابية باسماء جديدة و انشطة مختلفة، الأمر الذى جعل مصر تكون واضحة فأمنها الإقليمى خط احمر (أمن مصر يبدأ من الشام) كما ذكر الجغرافى المصرى جمال حمدان، ومن هنا فاستقرار الدولة المصرية عامل من عوامل نجاح المنطقة باسرها .
كل هذا ما دفع جماعة الإخوان الإرهابية من اللعب على الدعاية والتحريض والمقارنة السريعة بين الوضع فى سوريا والوضع فى مصر.
قد تكون العوامل السابقة سواء التى تتعلق بمصر بصورة مباشرة خاصة بقضية فلسطين وامنها القومى أو ما يحدث فى سوريا هوما دفع الرئيس عبد الفتاح السيسى إلى عقد لقاء رفيع المستوى مع قيادات القوات المسلحة المصرية حرصت الجهات المسئولية عليه أن توجه منه رسائل مقصودة من حيث المشاركين ومكان عقد الاجتماع وموضوعات الاجتماع، بل لم يكتف الرئيس بذلك بل عقد لقاء مع الإعلاميين عقب لقائه المسئولون العسكريين ووجه رسائل واضحة أكد من خلالها أن الشعب هو الضمان وهو الحماية وهو رد قوى وحاسم لمن يفكر فى غير ذلك .
والرسالة الثانية هى قوة ومهابة الجيش المصرى وقدرته على حسم كثير من الصراعات الإقليمية والدولية رغم حالة التحريض الدائم عليه من المجموعات الإخوانية الإرهابية والتى تسعى للنيل من استقرار مصر .
وهنا يجب التوضيح فقد فقدت التحركات المتسارعة والمتسرعة من هذه المجموعات ثقة الحكم الجديد فى سوريا وخاصة من بعض الشخصيات التافهة التى تعمل على التقاط الصور واطلاق التصريحات العنترية المتفاخرة بالانتصارات الكاذبة، بدون رصيد لهم على الأرض مثل الهارب محمود فتحى الذى التقط بعض الصور مع احمد الشرع مستغلاً عدم معرفة الرجل به كما انه لا يبدو أن هناك أفقا للاستفادة من النظام السورى بشكله الحالى من هذه المعارضة سوى دعم بعض المليشياتات او شخصيات اخوانية فى الحكومة السورية الجديدة إن وجدت لتنفيذ اجندتها الإخوانية فيما بعد.
وهو ما ظهر على سطح ما يسمى المعارضة من غياب للإدراك السياسى فتشجيع الثورة السورية كانت البداية ومحاولات استلهامها الان وتصديرها، وفى المستقبل القريب سنرى الهجوم عليها، مثل بيان جماعة الإخوان الارهابية المكتب العام والذى دعا الشباب إلى الالتفات واستلهام نموذج الثورة السورية بعتبرها وصلت للحكم بقوة المسلحة، أو تغريدات لبعض الهاربين فى الخارج مثل ـ الهارب محمد إلهامى كل ذلك يؤكد على أن هؤلاء ينتهزون الفرصة وتهدر إمكانيتهم فى ما لا طائل منه ـ ولم يعد لهم سوى الإعلام فقط ولم تستفد من حالة ترقب واقع سوريا الجديد المهيمنة على المجتمع الدولى الحالى والتعمق فى قراءة المشهد الدولى .
السيناريوهات المستقبلية للظاهرة الإرهابية فى عام 2025
نعنى بالسيناريوهات المستقبلية فى مجال الأمن الفكرى هى تحليل استشرافى وتوقع استباقى لتهديدات المحتملة لظاهرة العنف والإرهاب والتحديات المستقبلية التى قد تواجهها الدول والمجتمعات العربية والإسلامية، بحيث يتم استشراف هذه السيناريوهات من اجل فهم الظاهرة والحد منها وتطوير استراتيجيات واتخاذ القرارات المناسبة لمواجهتها .
وفيما يلى بعض السيناريوهات الاستشرافية الممكنة فى هذا المجال :
– انتشار التطرف عبر وسائل التواصل الاجتماعى: قد يزداد استخدام المنصات الرقمية ووسائل التواصل الاجتماعى لنشر الأفكار المتطرفة والتضليل الإعلامى، قد يستغل المتطرفون هذه الوسائل لتجنيد المؤيدين وترويج العنف والتأثير على الشباب.
– ظهور فئة الخوارج الرقميين: ونعنى بالخوارج الرقميين « المرجفون فى المدينة « وهم فئة من المتطرفين الذين يعملون بشكل فردى ومستقل عن التنظيمات التقليدية، ويستخدمون وسائل التواصل الاجتماعى والإنترنت للترويج للأفكار المتطرفة ولتنفيذ الهجمات الإلكترونية الفردية.
– تطور أساليب التضليل والدعاية المضادة : وهنا يستحدث المتطرفون والمنحرفون فكريا بأساليب جديدة للتضليل والتلاعب بالمعلومات، مما يجعلها أكثر تطورًا وتعقيدا وصعوبة فى اكتشافها. يمكن أن يشمل ذلك استخدام تقنيات الذكاء الاصطناعى والتلاعب بالمحتوى والصور والفيديوهات.
– الانحراف الفكرى والتأثير النفسى: قد يزداد انتشار الأفكار المنحرفة والمعلومات المضللة فى عام 2025 التى تستهدف التأثير على الأفراد وتشجيع سلوكيات غير مقبولة، كما يمكن استخدام تقنيات الدعاية والتسويق الرقمى لتوجيه الأفراد نحو الانحراف الفكرى.
– الجريمة الإحادية : وهى ظهور فئة جديدة من فئات العمليات الإرهابية والتى عرفت مؤخرا فى المانيا بعملية جريمة الملحد والذى هاجم سوق عيد الميلاد بالمأنيا وهى عملية تستحق الدراسة والتوقف عندها لانها كانت بنفس بصمات تنظيم داعش الإرهابى . ومتوقع أن يحدث هذا من عناصر إرهابية ايضا وهو ما حذر منه الرئيس واعتبره احد التحديات المهمة وهو محاولة بعض الخلايا والعناصر تنفيذ عمليات ارهابية لكن مصر لديها القدرة على مواجهة هذا وجيشها وشرطتها قادرون على التصدى بقوة.
– الهجمات الإلكترونية المتطرفة: قد يقوم المتطرفون بتنفيذ هجمات إلكترونية مستهدفة لابتزاز وتخويف الأفراد أو لتعطيل المواقع والخدمات الحكومية والأعمال التجارية، يمكن أن تستخدم تقنيات التشويش والتشويه لإخفاء هوية المهاجمين.
– التحولات الدينية: قد تشهد التحولات الدينية فى إطار الجماعات المتطرفة تأثيرًا على الأمن الفكرى فى بعض الدول العربية . وقد يحدث تغير فى التفاعلات الاجتماعية والثقافية، مما قد يؤدى إلى ظهور تيارات جديدة أو زيادة فى التشدد الدينى عند اجيال zو y، كما يتطلب ذلك تعزيز مهارات الحوار وتعزيز الوعى الفكرى والتسامح لضمان الأمن الفكرى فى المرحلة القادمة.
– الذكاء الاصطناعى (AI) : يعد الذكاء الاصطناعى محورًا مهمًا فى مستقبل العمليات الإرهابية، كما يمكن استخدام التقنيات المتقدمة للذكاء الاصطناعى فى تحليل البيانات الضخمة وكشف الأنماط والتهديدات الأمنية الفكرية، ويمكن كذلك تطبيق الذكاء الاصطناعى فى تحديد المحتوى المشبوه عبر الإنترنت ورصد الأنشطة القائمة على الشبكات الاجتماعية وتحليل سلوك المستخدمين.
وربما تتخذ الظاهرة الإرهابية فى عام 2025 أشكالاً تختلف بحسب التطورات الجيوسياسية عن واقع 2024 نظرا لإنهاء الوجود الايرانى فى بلاد الشام وظهور لاعب جديد وهو الفصائل السورية المقاتلة والتى يترقب الجميع ادائها الوطنى داخل سوريا وعلاقتها بدول الجوارى وترتكز على الآتى:
من المُرجح أن تبقى سوريا تتصدر الدول المُستهدفة من تنظيم داعش وقد تدخل فى صراع مع بقايا القاعدة، خاصةً بمناطق سيطرة المليشيات لكن ستقتصرعلى معارك الكر والفر ونصب الكمائن وزرع العبوات الناسفة… إلخ. وفى المقابل، يُتوقع استمرار تراجع داعش بمنطقة «قوات سوريا الديمقراطية» (قسد) بفعل نشاط النظام الجديد فى سوريا .
فيما تبقى المخيمات التى تؤوى عناصر داعش وعائلاتهم من دون حل، وبالتالى استمرار القلق بشأن المشكلة بالمخيمات والتهريب والتجنيد، وفى العراق، ستواصل الحكومة نجاحها ضد الإرهاب لتكرس الإنجازات السابقة دون القضاء النهائى على تنظيم داعش. كما سيستمر الوجود العسكرى الأمريكى وفق الاتفاق القاضى باقتصاره على المهام الاستشارية، بحجة استمرار التهديد الإرهابى وفى نفس الوقت لحاجة العراق للدعم الأمريكى للجم التحركات الإيرانية.
هذه مجرد أمثلة للسيناريوهات المحتملة المتعلقة بالتطرف والانحراف الفكرى والتضليل، كما يجب مراعاة أن مجال الأمن الفكرى هو مجال ديناميكى ومتتطور، ومن المهم أن تتخذ المؤسسات التعليمية والحكومية التدابير اللازمة والاحتياطات الضرورية للتعامل مع هذه التحديات.