العمق الاستراتيجى مع الاتحاد الأوروبى خاصة فرنسا والمانيا اتجاه أدركته القيادة السياسية المصرية جيدًا منذ البداية ورسخت له على مدار الـ 11 سنة الماضية من خلال سياسات متوازنة عادلة قائمة على المصالح المشتركة، حيث نجحت الدولة المصرية فى وضع نظم وضوابط ثابتة للتعامل مع القارة الأوروبية على كافة الأصعدة أهمها السياسية والاقتصادية والأمنية، كان قوام هذه المعايير هو التنسيق والتكامل والاحترام المتبادل والندية فى العلاقات الدولية والتمثيل التجارى، كل تلك المبادئ ساهمت فى الوصول إلى ترفيع العلاقات المصرية الأوروبية إلى المستوى الاستراتيجى.
ويتضح بعمق فى الزيارة التاريخية للرئيس الفرنسى إيمانويل ماكرون لمصر والتى بدأت أول أمس وتنتهى اليوم وتحمل فى طياتها تفاصيل كثيرة تؤكد ميلاد تكتل جديد قوى يحقق التوازن فى المنطقة، هذه الزيارة الدقيقة والتى تأتى فى ظروف حرجة ودقيقة للغاية وسط منطقة ملتهبة كلها مشاحنات وتوترات كبيرة، هذا التحدى الكبير يبعث برسالة واضحة أهمها الفهم الجيد لهذا التحالف الاستراتيجى الذى يحقق المصالح المشتركة دون غيره مع أوروبا عامةً وفرنسا خاصةً.
إن هذه الزيارة تبعث برسائل عديدة أهمها أن مصر دولة كبيرة يسعى الكبار دائمًا للتحالف معها وأن الجميع يعمل لها ألف حساب، دولة شامخة ذات سيادة يقطنها شعب وطنى ويقودها قائد صاحب قرار حكيم، ومن الرسائل أيضًا أنها دولة آمنة ومستقرة، خاصة أن الزيارة تشمل جولات متعدة داخل القاهرة والجيزة مثل المتحف الكبير وجامعة القاهرة وخان الخليلى على مدار ثلاثة أيام تنتهى فى أطهر بقعة بمصر سيناء الحبيبة لتفقد الحدود المصرية الفلسطنية أمام معبر رفح بالعريش، الأمر الذى يؤكد أن سيناء آمنة وخالية تمامًا من الارهاب وتشهد طفرة كبيرة من البناء والتعمير والتطوير وإقامة المناطق الصناعية والزراعية والسياحية وعلى رأسها المنطقة الاقتصادية لقناة السويس الممتدة على مساحة 450 كيلو مترا مربعا، حقًا إنها زيارة الشموخ التى لا يفعلها إلا الكبار الأقوياء أصحاب الإرادة، زيارة إثبات الذات والمصالح المشتركة والدفاع الاستراتيجى.