فى وقت يواجه فيه قطاع غزة أسوأ أزمة إنسانية نتيجة للعدوان الإسرائيلى المستمر، جاء انعقاد مؤتمر القاهرة الوزارى لتعزيز الاستجابة الإنسانية فى غزة بمثابة خطوة حاسمة لإظهار التضامن الدولى مع الشعب الفلسطينى فى هذه الظروف الصعبة. فبعد أكثر من عام على بداية الهجوم الإسرائيلى فى أكتوبر 2023، أصبح من الواضح أن غزة، التى تحولت إلى ساحة حرب مفتوحة، بحاجة ماسة إلى الدعم الإنسانى العاجل.
يعيش سكان غزة اليوم فى ظل ظروف مدمرة، حيث تتعرض المدينة لحصار خانق واستخدام إسرائيل للجوع كسلاح ضد مئات الآلاف من المدنيين. هذا الواقع الأليم ألقى بظلاله على مستقبل القطاع الذى يواجه ملامح مجهولة، مما يزيد من تعقيد الأزمة الإنسانية. وقد دعا المشاركون فى مؤتمر القاهرة إلى تسريع إيصال المساعدات الإنسانية لمواكبة الاحتياجات المتزايدة للسكان الذين يعانون من الجوع والعطش. وقد تعهد عدد من الدول المشاركة بتقديم مئات الملايين من الدولارات لتوفير الغذاء والمساعدات الطبية، وهو ما يمثل خطوة مهمة نحو تخفيف وطأة المعاناة، رغم أن تنفيذ هذه الوعود سيظل رهناً بقدرة المجتمع الدولى على الضغط على إسرائيل لتحسين الوضع فى غزة.
تعد مصر فى طليعة الدول التى تدعم الشعب الفلسطيني، حيث لا تقتصر مساعداتها على تقديم المساعدات الإنسانية فحسب، بل تمتد إلى جهود دبلوماسية من خلال تحركاتها المستمرة فى مختلف المحافل الدولية. ومنذ بداية العدوان الإسرائيلي، كانت مصر من بين أولى الدول التى أرسلت مساعدات ضخمة إلى غزة، كما استضافت آلاف الجرحى الفلسطينيين ووفرت لهم الرعاية الصحية. وفى هذا السياق، سعت مصر لتسهيل دخول المعونات عبر مختلف الطرق البرية والجوية والبحرية.
ورغم كل هذه الجهود، فإن الوضع فى غزة يظل مرهونًا بتغيير المواقف الدولية وضغط المجتمع الدولى على إسرائيل لفتح المعابر الإنسانية والسماح بوصول المساعدات الضرورية إلى المدنيين. منذ بداية الهجوم الإسرائيلى على غزة، تم فرض العديد من العراقيل على إدخال المساعدات، وهو ما يعكس سياسة الاحتلال الرامية إلى تقويض عمل المنظمات الإنسانية، بما فى ذلك وكالة الأونروا، التى تُعتبر ركيزة أساسية فى تقديم الدعم للاجئين الفلسطينيين. فى هذا الإطار، أشار المشاركون فى المؤتمر إلى أن الضغط الدولى على إسرائيل هو السبيل الوحيد لتغيير الوضع الحالى وضمان وصول المساعدات بشكل فعال.
يواجه العاملون فى المجال الإنسانى تحديات كبيرة فى غزة، حيث يتعرضون للتهديدات المستمرة من قوات الاحتلال، مما يعطل جهود الإغاثة. كما أن السرقة والتخريب للمساعدات الإنسانية يزيد من صعوبة توصيل الإمدادات إلى المحتاجين. وفى ظل هذه الظروف، تبذل وكالة الأونروا جهودًا مضنية لتوزيع المساعدات، ولكن التحديات التى تواجهها تظل عقبة كبيرة فى سبيل توفير الإغاثة اللازمة للملايين من السكان المحاصرين.
فى إطار هذا الوضع المتأزم، شددت مصر خلال المؤتمر على ضرورة أن يتحمل الاحتلال الإسرائيلى كامل مسئولياته القانونية بموجب القانون الدولى الإنساني، بما فى ذلك فتح المعابر وتسهيل وصول المساعدات وقد أكدت مصر موقفها الثابت فى دعم حق الفلسطينيين فى تقرير مصيرهم وإقامة دولتهم المستقلة على كامل الأراضى المحتلة عام 1967 وعاصمتها القدس الشرقية.
لقد كان المؤتمر بمثابة صرخة دولية فى وجه الظلم الذى يعانيه الفلسطينيون فى غزة، ويعكس حشد الدعم الدولى المستمر لمساعدتهم فى هذه الأوقات العصيبة. ورغم التحديات الجمة، يبقى الأمل فى أن يتحمل المجتمع الدولى مسئوليته فى الضغط على إسرائيل لتحسين الوضع الإنساني، وضمان وصول المساعدات إلى أولئك الذين يحتاجون إليها بشكل عاجل. إن هذه الجهود ليست فقط مسألة إنسانية، بل هى أيضاً تأكيد على حقوق الشعب الفلسطينى فى الحرية والكرامة، وضمان مستقبله فى دولة مستقلة آمنة.