الاسبوع القادم وبالتحديد يوم 25 أبريل الجارى هو ذكرى الاحتفال بتحرير سيناء، ذلك اليوم الذى استردت فيه مصر عام 1982 أرض سيناء بعد انسحاب ما تبقى من قوات الاحتلال الإسرائيلى بها عقب نصر أكتوبر 1973 ووفقًا لمعاهدة السلام بين مصر وإسرائيل عام 1979.. وفى هذا اليوم تم استرداد سيناء كاملة ما عدا مدينة طابا التى استردت لاحقًا بالتحكيم الدولى فى 15 مارس 1989.. ورغم مضى نحو 43 عامًا على هذه الذكرى الغالية، إلا أن تحرير سيناء يظل تاريخًا غاليًا وعزيزًا على كل المصريين ليس فقط لأنها تمثل بوابة مصر الشرقية أو لأنها شهدت مئات الحروب والمعارك على مدار تاريخ مصر القديم والحديث، ولكن لأن سيناء تجسد عظمة المصريين فى التمسك بالأرض وقدرتهم على التغلب على الأزمات والمحن فى أصعب الأوقات والظروف.. أيضًا لأن تحرير شبه الجزيرة السيناوية يجسّد عظمة الجيش المصرى فى حماية الأرض والعرض والدفاع عن الوطن ومقدساته ومكتسباته.
>>>
أقول ذلك للأجيال الجديدة التى يغيب عن البعض منها أحداث مهمة فى تاريخ مصر، ربما لمرور السنوات والعقود وربما لأن مواقع التواصل الاجتماعى وثقافة «السندوتش» السريعة فرضت عادات وسلوكيات غريبة على مجتمعنا، جعلت الشباب وصغار السن يذهبون باهتماماتهم إلى أشياء أخرى تضير الوطن ولا تفيده، فليس من المعقول أن تكون بلادنا وسط كل هذه الأمواج المتلاطمة من التحديات الإقليمية والدولية ويكون تركيز «السوشيال ميديا» على لاعب كرة قدم وانه حصل على مئات الملايين من أجل الانتقال من ناد لآخر، أو تنشغل معظم المواقع بأخبار «الكامبوندات» بما قد تسفر عنه من تساؤلات واحباطات، أو أن يثار الجدل حول ممثل ارتدى بدلة رقص اثناء حفلة فى أمريكا، وغير ذلك من الوقائع غير المهمة و«التافهة» التى باتت تتصدر المشهد فى وقت يعرف الجميع أنه الأخطر فى تاريخ مصر، وأن الأولى بالأجيال الجديدة أن تتابع ما يحدث حولنا والمخططات التى تستهدف مصر وفى القلب منها سيناء باعتبارها شاهدة على ما يحدث من عدوان صهيونى سافر على قطاع غزة، يستهدف الأطفال والنساء والعجائز دون إنسانية أو ضمير أو رحمة.
>>>
لا بد أن يعرف الشباب وصغار السن أن احتلال سيناء هدف استعمارى قديم «متجدد»، وانه بين الحين والآخر تظهر المخططات التى تستهدف نزع سيناء من مصر، تارة بالحرب مثل ما حدث بعد مؤامرة 1967 وتارة بالإرهاب بعد احداث يناير 2011.. وأن المرحلة الراهنة تشهد محاولة التفاف إسرائيلية هدفها التهجير القسرى لسكان قطاع غزة إلى سيناء، فى إطار مخطط معروف يستهدف تفريغ القطاع من سكانه وتصفية القضية الفلسطينية وإيجاد مبرر فى المستقبل لضرب الفلسطينيين بسيناء واحتلالها بعد ذلك، وهو المخطط الخبيث الذى تتصدى له مصر وتبذل كافة الجهود لإفشاله وبكافة الوسائل، أيضًا لابد أن يعلم الشباب أن الدفاع عن سيناء ليس بالقدرات العسكرية فقط وإنما بالعلم والابتكار وبالبناء والتعمير والتنمية الشاملة، وهو ما شرعت فيه القيادة السياسية خلال السنوات القليلة الماضية بالتوسع الزراعى وإنشاء المصانع والمدارس والجامعات والمستشفيات، وإيجاد مجتمع تنموى قادر على تبديد الأطماع والحفاظ على سيناء مصرية إلى الأبد.
>>>
يجب أن يكون الحديث عن سيناء فى عيد تحريرها هذا العام مختلفًا من كل الوجوه، وأن يمتد إلى كل محافظات الجمهورية وألا تقتصر الاحتفالات «فقط» على الأغانى الوطنية أو استعادة ذكريات بطولات حرب أكتوبر وجهود الدبلوماسية المصرية فى معركة السلام واسترداد الأرض، ولكن وفى ظل الظروف الإقليمية التى نمر بها وفى ظل ضرب إسرائيل للسلام ومواصلة عدوانها الوحشى على قطاع غزة و الضفة، فإن المطلوب خلال الاحتفالات أن يعرف الشباب وصغار السن أن سيناء التى تبلغ مساحتها أكثر من 60 ألف كيلو متر مربع وتزيد مساحتها على عدد من دول فى الإقليم، إضافة إلى تمتعها بموقع إستراتيجى متميز، تحتاج المزيد من الجهود ومشاركة الجميع فى عمليات التنمية الواسعة، فى إطار الدفاع عنها ضد أى اطماع استعمارية أو صهيونية.
أيضًا لا بد وأن تحمل احتفالات تحرير سيناء هذا العام رسائل محددة لإسرائيل، تتضمن التأكيد على أن ضرب السلام وتهديد الحدود المصرية عبر العدوان على غزة، إضافة إلى الحملات الإعلامية المشبوهة التى تديرها عناصر يهودية ومنتمون لجماعة الإخوان الإرهابية وتستهدف مصر والمصريين، لن تكون فى مصلحة إسرائيل على الإطلاق وأنها بهذه السلوكيات ستشعل المنطقة بكل أشكال الصراع والمخاوف والتهديدات.