انعقدت منذ أسابيع فى العاصمة الإدارية الجديدة قمة الدول الثمانى النامية للتعاون الاقتصادي، تحت عنوان «الاستثمار فى الشباب، دعم الشركات الصغيرة والمتوسطة. تشكيل اقتصاد الغد» وما بين الاستثمار فى الشباب وتشكيل اقتصاد الغد ، تصبح اللغة هى الأداة التى لا يمكن الاستغناء عنها لتحقيق هذه المستهدفات، لذا لا نندهش عندما يقوم التحليل الاقتصادى للغة فى النظر اليها على أنها أداة فى الاقتصاد، وفى عملية التنمية الاقتصادية والاجتماعية للدول.كما أن استعمال اللغة بمردود جيد وكفاية عالية يكون أساساً لتحقيق الاقتصاد المعرفي، ومن ثم النمو الاقتصادي،لذا يلجأ الباحثون فى قضايا اقتصاديات اللغة لتناول التنوع اللغوى فى المجتمع وانعكاساته الاقتصادية، والسياسات اللغوية وتكلفتها ومردودها الاقتصادي، والعلاقة بين اللغة والهوية الوطنية والاقتصاد، والموارد اللغوية واستثمارها.ولا شك أن لغتنا العربية هى لغة القرآن الكريم ،وقد كرمها الله سبحانه وتعالى عندما قال «انا انزلناه قرانا عربياً لعلكم تعقلون» وهذا يعنى أن القرارات الحكيمة والصائبة تنطوى دائما على قدرتنا على استخدام اللغة العربية وقد أكد الله سبحانه وتعالى ذلك عندما قال «وكذلك أنزلناه حكماً عربياً».وبالتالى فان ما نؤكد عليه أنه لا بقاء لأمة يتخلى أهلها عن اللغة، فاللغة هى وعاء الفكر والتى تمثل الهوية والانتماء لأبناء الوطن وقد قال ابن خلدون المغلوبون دائما مولعون بلغة المنتصر اى ان المغلوبون غالبا ما يتخلون عن لغتهم الأصيلة لصالح لغة المنتصر وهنا يكون الفناء والانتهاء، ويجب ان نشير إلى ثلاث تجارب فى التاريخ الحديث تم الاعتماد على اللغة لانقاذ الهوية من التداعى والسقوط وكانت أولى هذه اللغات هى اللغة العبرية حيث تم احيائها على يد اليعازر بن يهودا فى منتصف القرن 19 عندما قال لا حياة لأمة بدون لغة وبالتالى أصبحت اللغة العبرية شديدة الحيوية وتدرس فى كل العلوم، أما اللغة الثانية فكانت اللغة اليابانية فبعد هزيمة اليابانيين فى الحرب العالمية الثانية واستسلامهم،الا أنهم رفضوا التخلى والاستسلام عن اللغة اليابانية ليحققوا البقاء والتحدى الاقتصادي، أما التجربة الثالثة فهى اللغة الكورية، فالكوريون وقعوا تحت الاحتلال اليابانى فى الحرب العالمية الثانية ولكنهم اعتمدوا على اللغة الكوريه فى كل شيء حتى تحققت المعجزة الكورية. وهذا ما يؤكده تقرير لمنظمة اليونسكو الدولية من أن هناك الكثير من اللغات المحلية التى لاتزال حية فى أوروبا مهددة بالانقراض بسبب زحف اللغة الانجليزية، مثل اللغة البروتونية فى فرنسا، وهذا يجعلنا نتذكر ما آلت اليه اللغة اللاتينية التى كانت الأكثر تأثيراً فى أحاديث الناس لأكثر من ألف سنة، وكيف اقتصر استخدامها اليوم عند رجال الدين وبعض التخصصات الجامعية.