لا يليق بنا أن نقلق عبارة قالها الرئيس عبدالفتاح السيسي، مخاطباً المصريين، تجسد ثقة واطمئنان مصر. على قوتها وقدرتها على حماية أمنها القومى ومصالحها العليا ومواردها الوجودية، الحقيقة الثابتة والواضحة للجميع، أن مصر تواجه تحديات وتهديدات ومخاطر غير مسبوقة فى تاريخها فى الداخل والخارج، وعلى كافة حدودها من جميع الاتجاهات الاستراتيجية وفى مناطق ودوائر وامتدادات أمنها القومي، وكأن الأمر مدبر، ومخطط، ولأن مصر. تحظى بمكانة عظيمة عند المولى عز وجل فقد هيأ لها من أمرها رشدها، وساق لها قائداً عظيماً، متعه الله بدرجة عظيمة من الحكمة واستشراف المستقبل، من هنا أدرك الرئيس السيسى أن مصر دولة عظيمة، تحاصرها الأطماع، ومستهدفة فى أمنها القومي، وتحاك لها مشروعات ومخططات مشبوهة، ومطلوب من قوى الشر إضعافها وإسقاطها، وإجهاض مشروعها الوطنى لتحقيق التقدم بحيث يسهل على حسب مخيلة قوى الشر تنفيذ مخططات التقسيم والهيمنة والسيطرة والنفوذ وتحقيق أوهام الكيان فى التوسع وبناء إسرائيل الكبري، وهى أوهام قديمة تحطمت على مدار العقود الماضية، وآخرها فى مؤامرة يناير 1102، ثم تمكين الإخوان، لتسهيل تنفيذ المؤامرة على مصر. ثم الإرهاب الأسود الذى أراد تركيع الدولة المصرية، وإفقادها السيطرة على سيناء التى هى الهدف الأساسى لقوى الشر كمرحلة أولي، ثم ما يحدث فى جميع الاتجاهات الاستراتيجية حول مصر من صراعات واضطرابات وأزمات وحروب وأطماع، ومحاولات يائسة للسيطرة على مصادر ومنابع الموارد المصرية الوجودية لممارسة الابتزاز، ناهيك عن الحصار الاقتصادي، وغيرها من الأساليب المكشوفة، فما يحيط بمصر من تهديدات لا يحتاج الآن تفسيراً أو شرحاً فالواقع يقول كل شيء، ويكشف حجم التحديات التى تواجه مصر، سواء من الجنوب، حيث السودان الشقيق الجريح، والذى يشهد تهديدات خطيرة، ثم حالة الإشعال الممنهج لمنطقة القرن الأفريقى من قبل أثيوبيا وتعديها وانتهاكها للاتفاقيات ومحاولات الإضرار بدول المصب، وتعديها على سيادة الدول مثل ما حدث فى الصومال ثم الاتجاه إلى الشمال الشرقي، لتجد الكيان الصهيونى يقود حرب إبادة ضد الفلسطينيين ولا يتوقف عن التصعيد، مما يأخذ المنطقة إلى حرب شاملة، ثم ما يحدث فى البحر الأحمر، وتهديد الملاحة، ومحاولة تعطيل قناة السويس.
التحديات والتهديدات غير المسبوقة التى تواجه مصر فى هذه الفترة، والتى تتصاعد على مدار 01 سنوات، تعكس أن هناك حكمة لأن يكون الرئيس السيسى قائداً لهذا الوطن فى هذا التوقيت، ولديه مقومات فريدة، لإنقاذ الوطن والعبور به إلى بر الأمان، والحقيقة أن الرئيس السيسى بدأ ملحمة حماية الوطن مبكراً بعد أن استشعر الخطر الوجودى على الدولة المصرية، لذلك قاد أكبر عملية بناء استراتيجى تتسم بأنها شاملة وتستند على رؤية وأهداف، وتضع فى اعتبارها الحاضر والمستقبل، وكذلك لديها القدرة على مواجهة التحديات والتهديدات مهما كانت، وهى قدرة شاملة ومؤثرة لا تتوقف عند امتلاك القوة والقدرة الدفاعية، والردع، والوصول إلى كافة مناطق التهديد لأمننا القومى بل تمتلك القدرة على الدفاع بنفس الكفاءة والجاهزية والحسم فى البر والبحر، وعلى كافة الاتجاهات الاستراتيجية فى توقيت واحد دون وجود أى تأثير على الكفاءة.. وهذه الرؤية العظيمة التى تحولت إلى واقع نعيشه هى أحد أهم أسباب ومصادر الاطمئنان والثقة وألا نقلق كشعب على حاضر ومستقبل ووجود ومصالح وأمن مصر القومي.
ليس معنى أننا نمتلك القوة والقدرة الشاملة والمؤثرة والفائقة والرادعة أن نغامر بالوطن، أو نندفع نحو فخاخ أو نخوض مغامرات لا تخدم الأمن القومى والمصالح المصرية، والحقيقة أن مدرسة السيسى ترتكز وتستند إلى الحكمة وبُعد النظر، والحسابات والتقديرات الدقيقة، فالمبدع أن مصر رغم التهديدات والمخاطر، لم تلوح يوماً باستخدام القوة، لكن هذه القوة التى يعلمها القاصى والداني، هى القاعدة التى تنطلق منها قوة الفعل والتأثير ونتائج الدبلوماسية والسياسية فى تطبيق عبقرى لمقولة تحقيق الفوز والنصر دون إطلاق رصاصة واحدة، ومن يشاهد دون تفاصيل التحركات المصرية، السياسية والدبلوماسية، مع الأشقاء والأصدقاء يدرك حالة الإبداع الاستراتيجى التى تنتهجها الدولة المصرية، فالعلاقات المصرية مع الجميع، وكافة الدول الكبرى هى علاقات مثالية، ومتساوية تقوم على التعاون والشراكة والمصالح والاحترام المتبادل، ثم التحركات المصرية سياسياً ودبلوماسياً وعملياتياً فى الإقليم وعلى أرض الواقع تجعلنى أرفع القبعة للدولة المصرية العظيمة ومؤسساتها الوطنية العملاقة، بلاشك أن هناك حصاراً ممنهجاً يحاولون فرضه على مصر من كافة الاتجاهات، وصناعة الأزمات والصراعات من حولها، سواء للتشتيت أو الاستنزاف أو الاستدراج، لكن مصر تتمتع بحكمة وثبات وصبر استراتيجي، وتضرب وتؤلم دون إطلاق رصاصة، ولدى تعبير ربما أستطيع توصيف الإبداع السياسى والدبلوماسى الاستراتيجى الذى تنفذه الدولة المصرية لمحاصرة المخاطر التى تواجهها، وهو تطويق التطويق، بحيث تصبح قوى الشر المتربصة بمصر بين مطرقة وسندان وبين فكى الأسد المصرى وتحقيق النجاح من خلال رصيد ومخزون استراتيجى من العلاقات القوية مع دول صديقة وشقيقة أن تجعل قوى الشر فى حالة من الهياج والذعر والرعب دون وجود أدنى اشتباك، تلك هى عبقرية القيادة والدولة المصرية ومؤسساتها فالتهديد الذى يصفونه، هو تحت سمع وبصر ويد الدولة المصرية، وهنا تعانق وتكامل فريد بين قوة الردع، وقوة الحكمة والحسابات الدقيقة، والتحركات السياسية والدبلوماسية، والتى تحمل رسائل قوية وحازمة، وقاطعة، من هنا جاءت عبارة الرئيس السيسى حسب فهمى «لا يليق بنا أن نقلق» فالقوة المصرية وأوراقها وسياستها غزيرة وكثيرة لكنها تستند وتنطلق من قدرتها على الفعل والحسم، والردع، لذلك فإن الدولة المصرية لاعب محترف على رقعة الشطرنج، وصبرها الاستراتيجي، ليس صدفة، أو وقتاً مهدراً، بل وقت تنضج فيه الإجراءات الفاعلة، وأن هذا الصبر ليس عن ضعف بل قوة فائقة وقادرة.
الرئيس السيسى يواجه تحديات وتهديدات ومخاطر تتعلق بالوطن، لم تحدث فى عهد أى رئيس سابق، بل ولم يشهدها التاريخ المصرى أن شهد كافة الاتجاهات الاستراتيجية هذه التهديدات براً وبحراً، لذلك كان قرار بناء الدولة المصرية الحديثة، والبناء الاستراتيجى لقدراتها بالمفهوم الشامل والمؤثر وبناء ركائز حماية أمنها القومي، لذلك نرى ملحمة التنمية والبناء المصرية فى كافة المجالات، لبناء دولة قوية وقادرة على حماية وجودها ومواردها ومصالحها وأمنها القومي.. قوة مصر وقدرتها ليست بالصياح والصوت العالى والتهديد والوعيد، فالمقولة المأثورة «اتق شر الحليم إذا غضب» هى واقع وتجسد ثقة وحلم وصبر الدولة المصرية لكن الحديث عن الحقوق، والسيادة والأرض والوجود، تلك خطوط حمراء، وبالتالى فلا يليق بنا أن نقلق.
تحيا مصر