ين الحين والآخر تقع بعض الحوادث المثيرة لاهتمامات الرأى العام بفعل معالجات منصات ومواقع التواصل الاجتماعى لها، فحوادث القتل والعنف والنصب والتزوير والرشوة والمشاجرات والسرقات التى تقع بطرق غير مألوفة، وكذلك وقائع التحرش والاغتصاب والزنا خاصة زنا المحارم، وحالات العنف الأسرى بكل اشكالها التى تصل أحيانا إلى حد القتل وغيرها، هذه الحوادث تحدث طوال الوقت عبر كل الأزمنة والعصور، فمنذ قتل قابيل أخاه هابيل غلا وحقدا وحسدا مرورا بكل الجرائم التى ارتكبها بنو الإنسان عبر التاريخ وصولا إلى هذه الحالة الراهنة وما نراه على مدار الساعة لا أجد شيئا جديدا سوى وجود السوشيال ميديا وصحافة المواطن القادرة على نقل الأحداث على الهواء مباشرة دون ترتيب أو تخطيط.
>>>
من هنا نجد سيلا من الكوارث تصور وتنشر وتذاع على السوشيال ميديا دون ضابط أو رابط مهما كانت المحاولات جادة فى هذا الصدد، ثم نأتى للمعالجات والتحليلات لهذه الحوادث من غير المتخصصين فتحدث الفوضى وتنتشر الشائعات على غرار فيلم «النوم فى العسل» ويدخل الإخوان والأجهزة التى تحركهم لاستخدام بعض هذه الحوادث التى قد تكون وقعت بالفعل فى نشر قصص وهمية وشائعات مغرضة تستهدف إثارة البلبلة فى المجتمع والتشكيك فى مؤسسات الدولة، على الجانب الآخر نجد الهجوم الضارى على سلوكيات المجتمع ووصفه بصفات لا تليق والإمعان فى ان أخلاقيات المجتمع تم تجريفها بفعل فاعلين.
>>>
وحتى لا أضع رأسى فى الرمال وأنفى نفيا تاما وجود تغييرات سلبية فى بعض سلوكيات مجتمعنا المصرى بفعل عوامل عدة منها تراجع دور الأسرة والمدرسة والمسجد والكنيسة والنادى والحزب فى تشكيل وجدان الناس، بالإضافة إلى الثقافات الواردة من الخارج ومن مجتمعات تختلف بثقافاتها ومرجعياتها عن مجتمعنا المصري، كل هذا أدى إلى هذا الارتباك القيمى والمعرفى والثقافي، فالمجتمع المصرى كان ومازال يتمتع بالحيوية والإيجابية وخفة الظل والقدرة على صياغة النكتة فى احلك الظروف.
>>>
لكن ربما تراجعت بعض خصال «الجدعنة المصرية» خاصة بين بعض الطبقات التى تربت خلف أسوار «الأنا مالية» و»المليشية» حيث تستمع كثيرا إلى مفردات «وأنا مالى أو مليش دعوة»، كما ان السٌعار الشديد لركوب التريند بات مرضا عٌضالا تعانى منه معظم المجتمعات، فعندما يندلع حريق ما فى مكان ما سنجد أول ما يفعله المواطن المتواجد فى المكان هو فتح الكاميرا وتصوير الحريق أو فتح البث المباشر مع التعليق على الكارثة، فيما مضى لم يكن هناك كاميرا بيد كل مواطن، فكان أول ما يفعله المواطن هو الاندفاع نحو الحريق للمساعدة فى إطفاءه، كذلك فى المشاجرات تجد الكاميرا تسبق محاولات التدخل لمنع تصاعد الاشتباك الذى يمكن أن يتطور إلى جريمة قتل.
>>>
هذه السلوكيات مرفوضة وتحتاج خطة شاملة متكاملة يشارك فيها المجتمع بكل مؤسساته لترسيخ قيم «الجدعنة المصرية الشهيرة» وهنا لابد وأن نذكر بأن شبابا مصريين كثر فى مصر وخارجها قاموا بسلوكيات أكثر من رائعة وكانت مثالا للشجاعة والجرأة والإقدام والأمانة ولم تأخذ حقها على وسائل التواصل الاجتماعي، الخلاصة ان الشعب كما معظم شعوب الدول صاحبة الحضارة التى لن ينضب معينها مهما حدث من تغيرات، وفى لحظة استدعاء جادة ستعود الجدعنة وخفة الظل والابتسامة كما كانت بإذن الله.