لا شك أن الإرادة السياسية ممثلة فى توجيهات السيد الرئيس عبد الفتاح السيسي خلال احتفالية عيد العمال العام الماضي، كانت الحافز الحقيقي لصدور قانون العمل والذى وافق مجلس النواب عليه مؤخرا وأصبح جاهزا للاعتماد من السيد الرئيس.. وهو يأتى ليحل بديلا لنسخة القانون رقم 12 لسنة 2003 ويحدد رؤية جديدة لحقوق العمال وأصحاب الأعمال، دون الإخلال بمبدأ التوازن بين الطرفين تماشيا مع المتغيرات الجديدة والتطورات الهائلة التى شهدتها مصر في بنيتها التحتية فى جميع القطاعات، ومنها: الصناعة والتجارة والزراعة، وجذب الاستثمارات الوطنية والأجنبية، وتعزيز دور القطاع الخاص الذى يضم نحو 30 مليون عامل.
ويقوم مشروع القانون الجديد على فلسفة جديدة مفادها بناء علاقات عمل متوازنة بين طرفي العملية الإنتاجية، والحفاظ على حقوق العمال لضمان استمرارية العمل وزيادة الإنتاج، وتحفيز الشباب على العمل بالقطاع الخاص بعد عزوفهم عنه في الفترات الأخيرة، ومعالجة فجوة المهارات، والعمل على التوائم بين مخرجات التعليم والتدريب واحتياجات سوق العمل.
إجازة سنوية
أكد خالد عيش ممثل العمال بمجلس الشيوخ ونائب رئيس اتحاد العمال رئيس نقابة الصناعات الغذائية ان القانون يحقق التوازن فيما يتعلق بتنظيم أوقات العمل وفترات الراحة، مع استثناء بعض الأعمال التى يحددها الوزير المختص بقرار منه، كما أجاز لصاحب العمل تشغيل العامل في يوم راحته دون اعتراض منه، ولكن اشترط وجود مبررات لهذا التشغيل، والحصول على موافقة الجهة الإدارية على ذلك، وهو أمر تنظيمي ولا يعتبر تدخلا في سلطة صاحب العمل فى إدارة المنشأة.
ومنح العامل الحق فى الحصول على إجازة سنوية تقدر بحسب مدة خدمته ليسترد فيها نشاطه وحيويته إلا أنه وضع سلطة تحديد ميعادها لصاحب العمل حتى لا يؤثر ذلك على الإنتاج والسماح بإنهاء عقد العمل غير محدد المدة، لأى من طرفيه بشرط أن يخطر الطرف الآخر كتابة قبل الإنهاء، وأن يستند الإنهاء إلى مبرر مشروع وكاف.
لماذا قانون عمل جديد
قال نائب رئيس اتحاد العمال مجدى البدوى رئيس نقابة الصحافة والطباعة والاعلام إن السبب الداعى لتغيير قانون العمل تغيير شكل الاقتصاد حيث يضم القطاع الخاص حاليا نحو 30 مليون عامل وهو يمثل الاكثرية فى الدولة ولذلك فان الحفاظ على توافر علاقة متزنة بين طرفى الانتاج كان استراتيجيا هاما لجذب الشباب للعمل بالقطاع الخاص عن طريق توفير الامان الوظيفى لهم ولذلك القانون أقر حق العامل في إنهاء عقده لتمكينه من الالتحاق بعمل آخر مناسب لقدراته وخبراته التي تتراكم ولا يتجاوب معها الأجر بشرط أن يقوم بإخطار صاحب العمل قبل الإنهاء ليستطيع تدبر أمره.
وأضاف : يتبنى القانون سياسة اقتصادية جديدة في مجال التشغيل من أبرزها سياسة التحرر الاقتصادي، والتي تقتضي بتمكين صاحب العمل من اختيار العاملين لديه وفقا لمعايير الكفاءة أو الخبرة وله الإعلان عن الوظائف الشاغرة لديه بمختلف وسائل الإعلام، أو أن يعهد إلى وكالات تشغيل خاصة لشغل تلك الوظائف.
وكالات التشغيل الخاصة
وذهب نائب رئيس اتحاد العمال هشام فاروق المهيرى رئيس نقابة الخدمات الادارية والاجتماعية إلى أن مشروع قانون العمل الجديد تحرر من فكرة «احتكار الدولة للتشغيل» حيث أتاح الفرصة أمام الكافة لمزاولة عملية التشغيل بعد الحصول على ترخيص بذلك من وزارة العمل، وجواز مزاولة عملية التشغيل عن طريق وكالات التشغيل الخاصة، وهى شركات متخصصة فى اختيار العمال، أو تشغيلهم لدى الغير بالشروط التي أوجبها هذا القانون، وتيسير إجراءات حصول هذه الوكالات على الترخيص اللازم لمباشرة مزاولة عملية التشغيل واختزالها في إجراءات مبسطة، وهو حكم مستحدث مرجعه ازدياد نمو وانتشار هذه الوكالات فى سوق العمل داخل الجمهورية بأشكال مختلفة تستلزم تدخل الدولة وتقنين أوضاعها القانونية، باعتبارها مجالا جديدا من مجالات الاستثمار.
العمل للأجانب
أوضح أمين عام اتحاد العمال عيد مرسال رئيس نقابة الزراعة والرى أن قانون العمل راعى في مجال الترخيص بالعمل للأجانب الموازنة بين عدة اعتبارات مهمة، الأول: عدم مزاحمة العمالة المصرية بالداخل، والثاني: نقل الخبرات الجديدة لسوق العمل في مصر، والثالث: عدم تعطيل العمل في المنشآت التي تكون في حاجة لخبراء أو عمالة أجنبية، والرابع: مراعاة الحفاظ على جميع حقوق العمال المهاجرين وأفراد أسرهم، فيما فوض المشروع الوزير المختص في تنظيم الأحكام التفصيلية وذلك مراعاة للاعتبارات الاقتصادية والفنية المتغيرة.
كما شجع الشباب على الانخراط في العمل بالقطاع الخاص دون تخوف أو قلق وحقق الأمان الوظيفى فى هذا القطاع، حيث أوجب المشروع لكي يعتد باستقالة العامل أن تعتمد من الجهة الإدارية المختصة، وبذلك قضى على مشكلة الاستقالة المسبقة التى كانت ترهب الشاب من العمل بالقطاع الخاص.
محاكم عمالية
وذهب رئيس لجنة القوى العاملة بمجلس النواب عادل عبد الفضيل إلى أن القانون قضى بسرعة الفصل في النزاعات العمالية وتحقيق العدالة الناجزة من خلال عرض النزاع الفردى على لجنة ثلاثية مشكلة برئاسة مدير مديرية العمل المختص وعضوية ممثل المنظمة النقابية، وممثل صاحب العمل لتسويته وديا خلال واحد وعشرين يوما، فإذا تمت التسوية يحال إلى قاضى الأمور الوقتية بالمحكمة العمالية المختصة.
كما نص المشروع على إنشاء محاكم عمالية متخصصة على غرار المحاكم الاقتصادية ومحاكم الأسرة يكون القاضي العمالي بها متفرغا للفصل في النزاعات العمالية، وهو ما يؤثر إيجابا على سرعة الفصل في الدعاوى العمالية، .
الوساطة والتحكيم
وشدد أمين الصندوق المساعد لاتحاد العمال أشرف الدوكار رئيس نقابة النقل البرى أنه يتبع المحكمة العمالية قلما للكتاب، وإدارة خاصة لتنفيذ الأحكام والقرارات الصادرة منها لتلافى عدم استطاعة أحد الطرفين اقتضاء حقه المحكوم به لصعوبات تعترض تنفيذ الحكم الصادر لصالحه، إلى جانب إنشاء مكاتب للمساعدة القانونية بمقار هذه المحاكم تؤدي خدماتها دون مقابل للطرفين على السواء.
أكدت أن القانون نص على إنشاء مركز الوساطة والتحكيم، ومنحه الشخصية الاعتبارية العامة، ويجوز لطرفي منازعة العمل الجماعية بدلا من اللجوء إلى القضاء الاتفاق على اللجوء إلى هذه المراكز لتسوية النزاع القائم بينهم، من خلال عملية الوساطة التي يقوم بها أحد الوسطاء المقيدين بالمركز، فإذا تعذر تسوية النزاع، جاز للطرفين اللجوء إلى قسم التحكيم بالمركز للحصول على قرار بمثابة حكم تحكيم منهي للنزاع، ويعتبر حكم التحكيم نهائيا، وقابلا للتنفيذ بعد إدراج الصيغة التنفيذية عليه من المحكمة العمالية المختصة.
امتيازات المرأة العاملة
أكدت وكيل لجنة القوى العاملة بالنواب د. سولاف درويش رئيس نقابة البنوك حصول المرأة العاملة فى القطاع الخاص من بينها تخفيض ساعات العمل اليومية للمرأة الحامل ساعة على الأقل، اعتبارا من الشهر السادس للحمل، اضافة الى حق المرأة العاملة التي أمضت ستة أشهر علي الأقل في خدمة صاحب العمل فى إجازة وضع لمدة أربعة أشهر، تشمل المدة التى تسبق الوضع والتى تليه، على ألا تقل مدة هذه الإجازة بعد الوضع عن 45 يوما، وذلك بأجر كامل.
قالت إنه من حق العاملة الأم والتي تعمل فى منشأة بها 50 عاملا فأكثر، الحصول على إجازة دون أجر لمدة لا تجاوز سنتين، وذلك لرعاية طفلها، وفقا لمشروع قانون العمل الجديد.
المناطق الحرة
أوضح الامين العام لاتحادى عمال النسيج العربى والدولى عبد الفتاح ابراهيم رئيس نقابة النسيج أن القانون أقر احترام التشريعات الخاصة بالمناطق الحرة، والاستثمار وسريان أحكامها، حيث نص في مواد الإصدار على أن تظل الأحكام الواردة بالتشريعات الخاصة ببعض فئات العمال سارية، وذلك إلى أن يتم إبرام ونفاذ الاتفاقيات الجماعية بشأنها، وفقا لأحكام القانون الجديد المرافق،
وعليه فإن كافة القوانين التي تنظم أحكام العمل بالمناطق الحرة وقوانين الاستثمار تبقي سارية، وذلك مراعاة للبعد الاقتصادي الذي تمثله تلك التشريعات وما تنظمه لوائحها لعلاقة العمل التي تعتبر ذات طبيعة خاصة.
وداعا للفوضى
قال رئيس المجلس التنفيذى لعمال الصحة العرب على عبد الباسط رئيس نقابة الخدمات الصحية إن المشروع وضع أحكاما خاصة بتنظيم حق الإضراب ليبتعد به عن الفوضى التي كانت تعتريه في ظل القانون الحالى، وتردد القانون الحالي في التصدي لأحكامه بين المشروعية والحظر في بيئة قانونية غير واضحة المعالم، لذلك تبنى المشروع الوضوح فى أحكام تعريف وتنظيم الإضراب استنادا لمعايير العمل الدولية وأغلب توجهات لجنة الخبراء بمنظمة العمل الدولية، بما يحقق الاستقرار فى داخل المنشأة ويحقق التوازن بين ممارسة الحق فى الاضراب لحق مشروع وبين ضمان استمرار الإنتاج بما يحقق مصالح الطرفين.
عمل المنصات
وألمح عضو مجلس ادارة اتحاد العمال كريم عبد الباقى رئيس نقابة النيابات والمحاكم أن القانون واكب التقدم والتطور التكنولوجى، حيث تعرض لأنماط الوظائف الجديدة كالعمل عن بعد وعبر المنصات الرقمية وأى صورة أو نمط جديد للعمل.
وأجاز المشروع استخدام السجلات الإلكترونية بدلا من الورقية وكذلك تحويل أجور العمال للبنوك وتبرأ بهذا التحويل ذمة صاحب العمل من الأجور والسماح لصاحب العمل بنقل العامل إلى وظيفة مستحدثة تكنولوجيا بعد تنمية مهارته عليها وعدم المساس بأجره أو درجته الوظيفية.
طريقة الحساب
وشدد عضو مجلس ادارة اتحاد العمال أحمد الدبيكى رئيس نقابة العلوم الصحية أن القانون نص على أنه يسري على العاملين فى تلك الأنماط كافة الحقوق والواجبات التي تسرى على العاملين فى الأنماط التقليدية للعمل، وعلى الأخص الحماية الاجتماعية والضمان الاجتماعي، والحد الأدنى للأجر وطريقة حسابه، وضمان الحصول عليه،
وأيضا إتاحة التدريب المهني وبرامج تنمية المهارات، والحق في المفاوضة الجماعية، والحرية النقابية وفقاً لأحكام قانون المنظمات النقابية العمالية وحماية حق التنظيم النقابي الصادر بالقانون رقم 213 لسنة 2017.
القومى للأجور
أوضح رئيس الاتحاد المحلى لنقابات عمال الجيزة محمد كامل رئيس نقابة النقل العام أن القانون ربط الأجر بالإنتاج، حيث اهتم بوضع تعريف دقيق للأجر، وصوره، وعناصره، واستعادة الدور الغائب للمجلس القومي للأجور، وتفعيله، وإلزامية قراراته، والطعن عليها، كما استحدث بعض الأحكام المتعلقة بصرف العلاوة السنوية التي كانت تثير مشكلات عملية، تحقيقا لصالح العمال والعدالة الاجتماعية.
وأضاف أن القانون عظم دور آليات التشاور والتفاوض والحوار بين طرفي علاقة العمل، حيث أكد أهمية الحوار الاجتماعي والتشاور الثلاثي على المستوى الوطني من خلال «المجلس الأعلى للتشاور الاجتماعي»، ويعهد إليه بتفعيل سبل الحوار الاجتماعى وآلياته بين طرفي العملية الإنتاجية، ويصدر بتشكيلها قرار من رئيس مجلس الوزراء.
الإجراءات القضائية
قال محمد أبو العباس رئيس نقابة النقل والمواصلات والمركبات السياحية وخدماتها إن القانون راعى تخفيف الأعباء المالية عن كاهل طرفى علاقة العمل، حيث تفاعل مع اتجاه الدولة نحو تبسيط الإجراءات القضائية فى كافة مراحل النزاعات، وأعفى العمال من الرسوم المستحقة عليها، وتوقيع المحامى على عريضة الدعوى.
وأشار الى أنه خفض من النسبة المستحقة لصندوق تمويل التدريب والتأهيل وربطها بالأجر التأمينى، بدلا من صافى الربح كما فى القانون الحالى، وأعفى صاحب العمل إعفاء كليا من النسبة المستحقة لصندوق تمويل التدريب إذا قام بتدريب عماله.
الكرامة الإنسانية
أكد محمد سمارة أن القانون شمل مواد واضحة لمواجهة التحرش والتنمر داخل بيئة العمل، ما يعزز مناخًا أكثر أمانًا واحترامًا للكرامة الإنسانية، هذا بخلاف تطوير آلية الأجور، وتحسين آليات الرقابة فيما يتعلق بإجراءات السلامة والصحة المهنية.
موضحا أنه تم تقنين العلاقة بين مفتشي وزارة العمل والمنشآت، لتفادي تضارب التقارير بين الجهتين، مما سيقلل من النزاعات ويضمن وضوحًا في الرقابة.
الحوار المجتمعى»
قال وحيد عثمان رئيس اللجنة النقابية المهنية للعاملين بالصناعات المعدنية إن جودة القانون تأتى من مشاركة أطراف عديدة بالحوار المجتمعي من اتحادات عمالية، ومنظمات أصحاب أعمال، وأخرى دولية، مما ساهم فى ايجاد حالة من التوافق شبه الكامل، عليه كونه وازن بين حفظ حقوق طرفى الانتاج.
«رسوم التدريب المهنى «
وأوضح رئيس نقابة الصناعات الهندسية والمعدنية عبد الرحمن عبد الغنى أن القانون عمل على تخفيض رسوم التدريب المهني من 1٪ إلى .25٪، لتقليل الأعباء المالية عن أصحاب الأعمال، ووضع ضوابط صارمة على استخدام استمارة 6، والتي كانت تُستخدم أحيانًا في فصل العمال تعسفيا حيث أُقر ضرورة اعتمادها من مكاتب العمل رسميا مضيفاأن مواد القانون أوضحت بين «الفصل» و»إنهاء الخدمة»، حيث لا يتم الفصل إلا بحكم من المحكمة العمالية،