إذا كنا قد – وكما يقول البعض – وصلنا إلى قاع النهر الاقتصادى بفعل الأعاصير والأنواء والحرائق المحيطة ورغم ذلك مازلنا نتنفس ونتحرك بين صخور ذلك القاع المزعوم نبحث عن ممرات الخروج الآمنة والأقل كلفة ونتجاهل عن عمد ووعى مصافحة الأيادى المسمومة التى تظهر تباعا تحاول إغراءنا وقت الأزمات، إذا كان ذلك كذلك فهنا نحتاج إلى وقفات فى صورة تساؤلات، أولها هل حقا وصلنا اقتصاديا إلى ما يسميه الاقتصاديون بالقاع الصخري؟ هل جفت المياه وانحسرت فى أنهارنا وجداولنا؟ هل استيقظ أحدنا من نومه ولم يجد قوت يومه؟ هل توقفت الأفران عن إنتاج 275 مليون رغيف يوميا؟ هل أغلقت آلاف المطاعم والكافيهات أبوابها أمام الزبائن؟ هل توقف الجزارون عن ذبح وبيع اللحوم؟ هل أغلقت الأسواق الكبرى والصغرى أبوابها؟ هل توقفت المصانع عن العمل وعن الإنتاج وعن التصدير؟ هل أغلقت المولات أبوابها؟ هل توقفت ماكينات الصرف وأفرع البنوك ومكاتب البريد عن أداء مهامها؟ هل ذهب أحدهم إلى بنك من البنوك ولم يجد ما يطلبه من مبالغ؟ هل ذهب أحدهم لشراء سلعة ما من مكان ما ولم يجدها؟ هذا كله بالنسبة للمواطن وحياته واحتياجاته اليومية؟ أما عن الدولة فأطرح بشأنها عدة أسئلة، هل توقفت أو حتى تخلفت الدولة عن أداء ما عليها من أقساط أو فوائد فى أى وقت وبأى جهة؟ هل عجزت الدولة عن توفير وشراء واستيراد السلع الأساسية والاستراتيجية فى أى وقت؟ وهل انخفض المخزون الاستراتيجى لأى سلعة استراتيجية عن الحد العالمي؟ وهل توقفت الدولة فى أى يوم عن صرف الأجور والمرتبات والمعاشات؟ لم يحدث شيء من ذلك ولم يحدث بإذن الله، وهنا أتساءل عن هذه الحالة السوداوية التى يعمقها الحديث عنها أو حتى نفسها، ما هذا العبث الذى يجرى من الكثيرين عن حالة خراب منتظرة وإفلاس متوقعة؟ هناك حالة تضخم مصحوبة ببوادر كساد وسط حالة عدم يقين أدى إلى ارتباك المشهد العالمى فارتفعت أسعار الفائدة الأمريكية فسجلت كل الأموال الساخنة من كل الأسواق الناشئة، ومع الاعتماد شبه الكلى على الاستيراد فى ظل انخفاض العوائد الدولارية فانفلت سعر الصرف وسط ألاعيب تجار العملة وصانعى السوق السوداء، وعلى كل فإن ما يجرى الآن سينتهى قريبا وقريبا جدا وخلال أسابيع ستكون هناك انفراجة كبرى ستضع الأمور فى نصابها الصحيح وسيتم ذلك من خلال حلول مبتكرة تدر عوائد دولارية عاجلة تمكن البنك المركزى والحكومة من عمل ما يجب عمله.