هناك عدداً من النقاط المهمة لإنجاح القمة العربية المرتقبة والمتعلقة بالقضية الفلسطينية والإوضاع الحالية فى غزة.. من بين هذه النقاط ما يلى:
> حضور جميع الدول الأعضاء فى الجامعة العربية دون استثناء لتوفير صفة الإجماع.
> أن يكون الحضور بأعلى مستوى تمثيل لكل دولة، ما أمكن، أى على مستوى القادة والزعماء.
> التوافق المسبق على شكل ومضمون مخرجات القمة.. هل فى صورة بيان ختامي، أو قرارات، أو الاثنان معاً، من خلال مسودة تصل لكل دولة قبل الانعقاد بوقت كاف للاطلاع وإبداء الرأي.
والقضية موضوع القمة الطارئة هنا لا تخفى على أحد، وهى القضية الفلسطينية، ولكن فى إطار سلسلة من المتغيرات والمستجدات والتحديات ـ بلا مبالغة فى التوصيف ـ «تهديداً وخطراً وجودياً» ليس فقط على مستقبل القضية والشعب الفلسطيني، بل على حاضر ومستقبل العالم العربي، والأمن القومى العربي، والسلم والأمن الدوليين.
هجمة بربرية صهيو ـ أمريكية شرسة، تسعى لإعادة صياغة واقع المنطقة كلها، أرضاً وسكاناً لمصلحة دولة الاحتلال الإسرائيلي، لتستولى بالقوة على بقية الأراضى الفلسطينية، ولتفتح حدود كل دول الجوار حولها، لتستقطع من أراضى كل منها ما تشاء لتوسيع رقعتها الجغرافية التى حددتها بخريطة معلنة حازت ضوءاً أخضر من الرئيس الأمريكي.
وكل ذلك بالطبع، خارج نطاق كل القوانين والأعراف الدولية والإنسانية.. وعلينا جميعاً ـ كعرب ـ أن ننسى أننا أصحاب المنطقة، وأن نسمح بذلك ونرضخ له ونقدم لإسرائيل مفاتيح المنطقة لتعيد توزيع أرضنا وأهلنا على من تشاء، وتقرر مصيرنا كما تريد.
إن مخطط التهجير يستهدفنا جميعاً.. ولا يقتصر على تهجير الشعب الفلسطينى من غزة، ومن الضفة بعدها.. ولكن علينا أن نسأل: أين سيذهب أهل مصر والسعودية وسوريا والأردن ولبنان الذين يقيمون فى الأراضى التى ستستقطعها إسرائيل من هذه الدول لتستكمل بها خريطتها؟!
طبيعى أنها تريد أراضينا جميعاً خالية من سكانها كما الحال فى غزة.. أى أننا جميعاً معرضون ـ وفق هذا المخطط ـ للتهجير طوعاً أو كرهاً.. فإلى أين؟!
لقد استوقفتنى كلمة من ثلاثة حروف وردت فى سياق رد الرئيس السيسى على هذا المخطط ردد كلمة «أمّة»، عندما قال: هناك فى هذه المنطقة ـ أى منطقتنا العربية «أمة» هى صاحبة الحق.
فعلاً.. لا يوجد أخطر من هذا الظرف الذى نواجهه لاستدعاء هذه الكلمة التى هجرناها فى خطابنا السياسى العربى منذ زمن بعيد عندما ذهب كل منا فى طريق، فتفرقت بنا الأهداف قبل السبل.
هذا ما نحتاجه بشدة فعلاً فى القمة العربية الطارئة.. أن نتصرف ونظهر للعالم، شعوباً وقادة، كأمة واحدة، وجسد حى واحد، إذا اشتكى منه عضو، تداعى له سائر الأعضاء بالسهر والحمي.
علينا أن تكون استجابتنا فى هذه القمة على قدر التحدى الذى يهددنا كأمة صاحبة قرارها فى كل ما يتعلق بأرضها وشعوبها.
نحن الآن أمة فى لحظة قوة.. الشعب الفلسطينى انتصر فى غزة ودفع من حياة ومستقبل أبنائه الكثير من التضحيات البشرية، ومن التدمير..
نحن الآن أمة فى لحظة قوة.. فلم تحظ القضية الفلسطينية فى تاريخها على ما تحظى به اليوم من احتشاد عالمى إلى جانبها، بفضل ما قدمه شعبها من صمود وتضحيات وإصرار على التشبث بالأرض ولو كانت حفنة تراب أو كومة أطلال.
وبنفس القدر فإن إسرائيل تعيش أسوأ أيامها.. وليست استعراضاتها وتهديداتها سوى محاولة لإخفاء شعور عميق بالتراجع وضراوة الأزمة الداخلية وهو الشعور الذى جعلها تتشبث بأول طوق نجاة يلقى إليها به الرئيس ترامب.
لقد سبقنا بتقديم مبادرة واقعية للسلام، وهى المبادرة العربية القائمة على مبدأ: الأرض مقابل السلام.. ومازالت هذه المبادرة مطروحة على المائدة.. ومازالت محل تأييد من المجتمع الدولى وهى تمثل اليوم اختباراً عملياً لمن يسعى للسلام بالفعل.