لماذا أغوص فى الماضى عبر مسيرة «الجمهورية» الجريدة التى أشرف بالارتباط بها نحو نصف قرن، شاهدت وعايشت مواجهتها للإرهاب والإرهابيين.. فقد كنت حديث العهد بها أثناء قضية «الشيخ الذهبي»، وجماعة التكفير والهجرة وقضايا القطبين وغيرهم من رموز الإرهاب الملاعين فى الثمانينيات والتسعينيات وأحداث الهرم وتفجير الكنائس من حين لآخر وحادث الأقصر وغيره من أحداث الإرهاب.
كانت «الجمهورية» عبر صفحاتها وأقلام كُتابها ومفكريها تتصدى لهؤلاء بالفكر المستنير أمام الفكر «الضال» الذى حاولت الجماعة الارهابية تسويقه مرة بخطف المنابر وأخرى بكتب وهمية وفتاوى لا معنى لها فى القرآن والسند، وغيرها من فتاوى والدعوة لأشخاص بعينهم من بينهم يسوقون تفسير على هواهم لديننا.. وبالأمس القريب يوم 7 يناير تذكرتهم جميعهم، عندما كانوا ينظرون إلى احتفالات عيد الميلاد المجيد، كيف شوهوا صورة مصر لنرى يوم 7 يناير صورة مصر الحقيقية، الكل واحد المسلم يهنئ أخاه وشريكه فى الوطن القبطي، روح جديدة تخيم على بلدنا فى الكاتدرائية والمطرانيات والكنائس فى ريفنا العظيم هنا رأيت كيف تناولت «الجمهورية» على مدى الأيام الماضية الاحتفال بعيد الميلاد المجيد الذى يتزامن مع غرة رجب أحد الأشهر الحرم ونقترب من شهر رمضان المبارك.. هذه هى «الجمهورية»، محمد بجوار مينا وجرجس بجوار أحمد ومصطفى واسماعيل وبيتر بجوار سليمان.
«الجمهورية» هذه الجريدة كانت صورة من مصر التسامح والإخاء بين أبنائها فى تلاحم لا يفرق بين أحد، عشنا حملاتها وتذكرنا مواجهتها منذ صدورها لدعاة الضلال وكشفهم فى الخمسينيات والستينيات.. واليوم يقود العمل شباب واع، احتفل قبل نحو شهر بالعيد الـ 71 لصدور الجريدة التى دوماً كانت تضع الوطن فى صدر صفحاتها وجيشها وشرطتها مع الشعب العظيم الذى يعد ثروة الأمم هم أبناؤها المخلصون، لا هؤلاء الناعقين بالكذب والضلال.. وأعود بعد تهنئة الجميع بعيد الميلاد عيد المصريين أحفاد الحضارة والفراعنة ومصر القديمة وصدر الإسلام، والآن عندما نجد مسجد عمرو بن العاص بجوار كنيسة مار جرجس، نجد صورة تجسد معنى النسيج الوطنى والحضارى الذى نجده فى متاحفنا المنتشرة فى كل مكان ولا تفرق الحضارة بين تراث فرعونى قديم أو تراث يهودى أو قبطى أو إسلامي، فتراثنا سر خلود وطننا العظيم مصر التى ذكرتها جميع الأديان السماوية.
أعود إلى مسيرة الجريدة وأبناءها الذين كتبت عن عدد منهم من مختلف أجيال عقودها السبعة بدءاً من تأسيسها على يد الزعيم عبدالناصر وإدارة الرئيس السادات لها، وقوائم المفكرين والأدباء وكبار كُتاب مصر الذين شاركوا فى إصدارها وما أنجبتهم من رجال الفكر والأدب وتقديمهم للقارئ على مدى عقودها.. وفى هذا المقال أواصل الكتابة عن القسم الخارجى أحد أهم الأقسام الذى أعاد له بريقه رئيس التحرير الأســتاذ أحمد أيوب، وباتت تقارير «الجمهورية» الخارجية عن أحداث العالم عبر فريقها المميز نهى حامد وحازم سمير وأحمد عبدالفتاح وبسنت كمون ولا ننسى الزميلة الراحلة منى زين العابدين فى تقديم وجبات إعلامية عالمية فى جريدتنا عن صحف العالم، وأصبحت تقارير «الجمهورية» لافتة للقنوات العالمية فى نشر ما تكتبه وتعلق عليه حول العالم، ولا ننسى هنا طبعتها الثالثة التى يهندسها ليلاً ويسهر معها زميلنا ياسر أبو العز و محمد فتحى يومياً ومعه أحد مدراء التحرير يومياً من الشباب المميز.. وأقف عند مدرسة الإخراج فى «الجمهورية» التى ضمت أسماء مهمة منهم الأستاذ محمد حمودة وعلاء دوارة، وفى الثمانينيات والتسعينيات مر على السكرتارية أسماء مهمة بينهم شريف نبيه وعلى الصفتى والأستاذ سعد سليم رئيس مجلس الإدارة الأسبق والفنان سيد عبدالحفيظ الذى يهندس الصفحات على طريقة الأستاذ محسن محمد والأستاذجلال الحمامصى وعبدالناصر عبدالله وياسر عبدالله.. وها هى «الجمهورية» فى صفحة الرأى بها تضم اليوم مجموعة من أكفأ الكُتاب فى مصر، انضموا إليها فى الأشهر الأخيرة، إضافة إلى الذين سبقوهم فى دار التحرير، يقدمون فكراً مميزاً وصحافة وطنية بهمة عالية تحمل التحليل السياسى والاقتصادى والثقافى والاجتماعى على ملحقها الرياضى ودموع الندم وملحق السياحة بقيادة خالد صلاح وحمزة الحسينى وأسماء سمير، بأقلام أمهر النقاد فى صحافة مصر محمود معروف وجمال هليل وخالد كامل وسعيد عبدالسلام وأحمد مراد وأحمد جلاء وعبدالناصر سليمان المشاكس وياسر الشرقاوى ومحمود منصور وحسين محمود وماجد نوار وطارق الادور وغيرهم من كُتاب لهم اسمهم فى عالم المستديرة.. جريدة متكاملة ثقافة وأدب وحوادث وتحقيقات وملفات صحفية، تصنع الوعى وتنمى الإدراك فى مسيرة مستمرة مع أحفاد طه حسين عميد الأدب العربى وأبرز رؤساء تحريرها.. وكل عام و»جمهوريتنا» بخير.