فى بداية حياتى الصحفية سألنى أحد الزملاء الأعزاء أصحاب القدرات الصحفية الفائقة وهو يعمل فى صحيفة يومية أخري: لماذا فضلت العمل فى «الجمهورية» عن باقى الصحف وكان بإمكانك أن تقتحم أسوار صحيفة أخرى تحقق لك طموحات أكبر؟
دون تردد قلت له: طموحاتى تتحقق فى صحيفة تتبنى مشكلات الناس وهمومهم، ويقبل عليها كل فئات المجتمع، ويجدون فيها السند والظهر فى صراعاتهم اليومية مع الأجهزة والمصالح الحكومية.. وهذه المواصفات لم أجدها الا فى «الجمهورية».. هى صحيفة الشعب الأولى بدون منازع، حيث تنحاز طوال تاريخها لمصالحهم، وتدافع عن حقوقهم، وتتبنى مشكلاتهم اليومية.. وصحيفة الوطن التى تقاتل طوال الوقت من أجل تنمية المشاعر الوطنية فى نفوس كل قرائها.. هذه ليست كلمات إطراء من أحد أبناء الجمهورية الذين تربوا فى دهاليزها ومارسوا العمل فى عدد من أقسامها وسافروا معظم محافظات مصر لرصد مشكلات الناس ونقلها بأمانة وموضوعية لكل أصحاب القرار من أجل العمل الفورى على حلها.. والحمد والشكر لله معظم ما نشرناه فى الجمهورية عن مشكلات الناس كان يجد قبولاً من معظم المسئولين ولذلك كانت الجماهير تطاردنا فى كل مكان ومن خلال كل أدوات والتواصل لنشر مشكلاتها طمعاً فى حلول سريعة وواقعية لها.. وما زلت أتلقى كل يوم شكاوى ومشكلات لمواطنين من مختلف محافظات مصر وأحيل أصحابها على زملائى المسئولين عن النشر الآن فى الجمهورية.
>>>
فى «الجمهورية» وعلى يد شيوخ المهنة بها ترسخت فى نفوسنا قيم النزاهة والأمانة والموضوعية واحترام القلم وما يفرضه علينا من شعور بالمسئولية.. ولذلك حظينا بثقة كل من نتعامل معه من مسئولين وقراء وزملاء مهنة ولم يدنس سمعتنا سلوك فردى شاذ من هنا أو هناك وكنا دائماً نفتخر بأننا أبناء الجمهورية صحفيين مهنيين أهم أسلحتنا الأمانة والنزاهة والعمل لصالح الشعب .. والوطن.
فى «الجمهورية» تعلمنا قيمة الكلمة الصادقة وأهمية أن يكون الصحفى موضوعيا ونزيها وبعيداً عن الشبهات لا يجامل من أجل مصلحة شخصية ولا يحيد عن كلمة الحق.. لذلك فرضنا احترامنا على الجميع من مسئولين وقراء.
>>>
تعلمنا فى «الجمهورية» أن الصحافة وسيلة نهضة وتنمية وليست مجرد «مكلمة» تستهلك فيها الكلمات، وتخدر بها الشعوب، وتشوه بها الحقائق.. ولذلك شاركت من خلال هذه الصحيفة فى حملات صحفية على مسئولين كانوا فى مواقع قيادية وأجبرناهم على العودة لصوابهم وعلاج بعض ما أفسدوا.. لذلك ما زلت أؤمن بأن الصحافة لا تزال قادرة على المساهمة فى حل مشكلات المواطنين ومساعدة الأجهزة الرقابية فى الكشف عن تجاوزات بعض المسئولين على اختلاف مستوياتهم الوظيفية.. وفى ظل الضوابط المهنية الحاكمة للعمل الصحفى لن يحدث تجاوز من أى طرف.
نذكر الجميع بأن الصحافة المصرية منذأن تعمقت كسلطة رابعة أصبح لها دور ورسالة لا يقل عن دور السلطات التشريعية والقضائية والتنفيذية.. وهذه الرسالة تفرض على كل الصحفيين أن يدركوا أنهم أمام مهمة وطنية ومهنية وأخلاقية كبيرة لكى تحقق الصحافة رسالتها الإصلاحية والتنويرية، وتكمل منظومة السلطات الخادمة للمجتمع، وتقوم بدور الناقل الأمين لهموم الناس ومشكلاتهم إلى من بيدهم أمر الإصلاح والتغيير.
أقر واعترف أن كثيراً من المسئولين فى مصر يقدرون رسالة الصحافة ويتابعون ما تنشره الصحف من مشكلات ومطالب عادلة للجماهير ويحاولون تلبية ما يستطيعون منها.. لكن أيضاً يجب أن ننبه هنا إلى أن بعض المسئولين فى مواقع عمل مختلفة يتعاملون مع الصحافة باستعلاء ويعتقدون ــ واهمين ــ أن الاستعلاء على رسالة الصحافة شجاعة تضيف إلى هيبتهم وفرض نفوذهم، وهو استعلاء يواجهه الزملاء بكل شجاعة ويؤكدون كل يوم أنهم جديرون بالأمانة والمسئولية المنوطة برسالة الصحافة.
ليس شجاعة أن يتجاهل مسئول ــ أياً كان موقعه ــ ما تنشره الصحف من مشكلات وهموم للناس. بل المسئولية تفرض عليه أن يتحرى مصدر المشكلة ويعالجها بالأسلوب الذى يراه محققاً للصالح العام.. فالصحافة لا تفرض رؤى معينة للتغيير والإصلاح ولا تتبنى إلا ما يحقق الصالح العام، ويرفع المعاناة عن المواطنين الذين لا تتوقف شكاواهم واستغاثاتهم بالصحافة.
المجتمع المصرى فى أمس الحاجة إلى جهود الصحافة ورقابتها على مصالح المواطنين.. وهو ما أكده رئيس الوزراء فى لقائه مع رؤساء الهيئات الصحفية والإعلامية.