استقبل حجاج بيت الله الحرام أمس، أول أيام التشريق الذى يسمى «يوم القرّ»، وهم على صعيد منى مستبشرين شاكرين الله تعالى على ما أنعم به عليهم من أداء مناسك الحج.. وسُمى «يوم القرّ» بذلك، لأن الحجيج يقرون فيه بمشعر مني، أى يستقرون ويسكنون، لنيل قسط من الراحة، بعد تأديتهم أعمال يوم النحر، التى تشمل رمى الجمرات، والحلق، وذبح الهدى لمن عليه دم، وطواف الإفاضة، وهو من الأيام التى لها فضل عظيم، فثبت عن النبى صلى الله عليه وسلم أنه قال: «إِنَّ أَعْظَمَ الأَيَّامِ عِنْدَ اللَّهِ -تَبَارَكَ وَتَعَالَي- يَوْمُ النَّحْرِ ثُمَّ يَوْمُ الْقَرِّ».
قام ضيوف الرحمن برمى الجمرات الثلاث، مبتدئين بالجمرة الصغرى فالوسطى ثم جمرة العقبة، وشهد جسر الجمرات تدفقًا منظمًا للحجاج الذين وصلوا على دفعات وفق جداول تفويج محددة، راعت الأعداد الكبيرة وظروف الطقس واحتياجات الفئات المختلفة من الحجاج. وقد ساهمت تلك الترتيبات فى منع التكدس، وضمان أداء المناسك بكل يُسر وأمان.
يقضى الحجاج فى مشعر منى ليلة الحادى عشر، والثانى عشر، والثالث عشر، أو ليلتين لمن أراد التعجل، تحقيقًا لقوله تعالي: «وَاذْكُرُوا اللَّهَ فِى أَيَّامٍ مَعْدُودَاتٍ فَمَنْ تَعَجَّلَ فِى يَوْمَيْنِ فَلا إِثْمَ عَلَيْهِ وَمَنْ تَأَخَّرَ فَلا إِثْمَ عَلَيْهِ لِمَنْ اتَّقَى وَاتَّقُوا اللَّهَ وَاعْلَمُوا أَنَّكُمْ إِلَيْهِ تُحْشَرُونَ»، حيث ينعم ضيوف الرحمن بأجواء إيمانية، تحفها الراحة والطمأنينة والسكينة، ويقضون فى مخيماتهم أوقاتًا للتهليل والتكبير وتلاوة القرآن، والدعاء والابتهال إلى المولى القدير أن يتقبل منهم مناسكهم.
أنهى حجاج بيت الله الحرام أول أيام التشريق، بكل يُسر وأمان، ضمن تنظيم دقيق ومتابعة ميدانية مستمرة من وزارة السياحة والآثار، التى تواصل جهودها لضمان راحة الحجاج وسلامتهم خلال أداء المناسك.
شهد اليوم الأول من أيام التشريق انسيابية كبيرة فى حركة الحشود، بفضل الخطط التنفيذية التى وضعتها الجهات المعنية بالتنسيق مع وزارة السياحة والآثار، حيث تم تنظيم عمليات التفويج وفق مسارات محددة وزمنية، مما ساهم فى تقليل الازدحام وتحقيق أعلى معدلات السلامة.
تابعت فرق وزارة السياحة ميدانيًا تحركات الحجاج وتقديم الدعم اللازم لهم، من خلال مرشدين ومرافقين مختصين، بالإضافة إلى توفير الخدمات اللوجستية والتوعوية التى ساعدت على تسهيل أداء الشعائر.
أكدت سامية سامى مساعد وزير السياحة والآثار لشئون شركات السياحة رئيس البعثة ورئيس اللجنة العليا للحج والعمرة، ان نجاح خطط التنظيم نابع من التعاون الوثيق مع الجهات الرسمية، والعمل بروح الفريق الواحد لخدمة ضيوف الرحمن، وضمان توفير بيئة آمنة ومريحة تليق بمكانة الحج وأهميته. والذى يأتى ذلك ضمن جهود المملكة المستمرة فى تطوير تجربة الحج، والارتقاء بالخدمات المقدمة، بما يعكس اهتمامها الكبير بحجاج الداخل والخارج على حد سواء.
أضافت أن اليوم الأول من أيام التشريق مرّ بنجاح كبير، مشيدة بتعاون الحجاج مع التعليمات والإرشادات، وبدور فرقها الميدانية التى رافقت الحجاج منذ مغادرتهم مقار السكن حتى الانتهاء من رمى الجمرات.
أضافت أن فرق الإشراف قدموا الدعم اللوجستى والتوعوى فى مختلف المواقع، إضافة إلى التنسيق المستمر مع الجهات المنظمة للحشود.
تواصل وزارة السياحة والآثار متابعة التفاصيل الدقيقة للحركة الميدانية، موجهة فرقها لمرافقة الحجاج خلال كل مرحلة، وضمان تقديم أفضل الخدمات من سكن، وإعاشة، ومرافقة تنظيمية وروحية. كما تستمر غرفة العمليات فى العمل على مدار الساعة، لرصد أى ملاحظات والاستجابة الفورية لأى احتياج.
مع إشراقة صباح اليوم، يبدأ الحجاج ثانى أيام التشريق، حيث يتوجهون لرمى الجمرات الثلاث من جديد، ويُعد هذا اليوم مفصليًا فى مناسك الحج، إذ يُسمح للحجاج الذين أتموا الرمى خلال اليومين «11 و12 من ذى الحجة» بالتعجل ومغادرة منى قبل غروب الشمس، متوجهين إلى مكة المكرمة لأداء طواف الوداع، استنادًا لقوله تعالي: «فمن تعجل فى يومين فلا إثم عليه ومن تأخر فلا إثم عليه لمن اتقي» أما الحجاج الذين لا يتعجلون، فسيبقون فى منى إلى يوم غدٍ، وهو ثالث أيام التشريق، ليقوموا برمى الجمرات مرة أخيرة، قبل التوجه إلى مكة المكرمة لإتمام آخر مناسكهم.
تعمل الجهات المعنية، وعلى رأسها وزارة الحج والعمرة، بالتعاون مع قوات الأمن والدفاع المدني، على تنفيذ خطط دقيقة لتنظيم حركة الحشود وضمان سلامتهم، فى ظل منظومة متكاملة تشمل خدمات النقل، والإسعاف، والإرشاد، والرقابة الصحية.
كثفت الفرق الطبية انتشارها فى منى عبر العيادات المتنقلة والمراكز الثابتة، لمتابعة الحالات الطارئة وتقديم الرعاية الصحية اللازمة، إلى جانب جهود التوعية والإرشاد لتسهيل أداء النسك بطريقة آمنة وصحيحة.
بلغ عدد الخدمات الصحية المقدمة أكثر من «125,573» خدمة، شملت عمليات متقدمة من بينها «216» قسطرة قلبية، و«18» عملية قلب مفتوح، نُفذت بكفاءة عالية على أيدى كوادر طبية سعودية مؤهلة، مما يؤكد الجاهزية الصحية المتميزة وتطور القدرات الطبية الوطنية.