نحن بحاجة إلى فتاوى آمنة حول استفساراتنا الدينية وشئوننا الاجتماعية، خاصة بعد أن اختلط الحابل بالنابل وانتظار العديد من الاسر للحصول على إجاباتهم حول اسئلتهم من مواقع إلكترونية مشبوهة وصفحات لأشخاص غير متخصصين فى الإفتاء الشرعي، فضلاً عن توجه العديد من الاسر لطرق أبواب غير رسمية لقريب أو غريب قائم على زاوية أو مسجد، لمجرد انه أطلق لحيته وملقب بالشيخ!!
من المؤكد أن الاعتماد على رأى الدين مسألة ضرورية لتسيير وتيسير شئون حياتنا، خاصة ما يتعلق بالقضايا الشرعية للعلاقة الزوجية والاسرية سواء الخاصة بيمين الطلاق او رؤية الاطفال الصغار أو نزاع حول شبكة أو نفقة، بالاضافة إلى تقسيم ميراث أو تركه، ووصولاً إلى القضايا المتعلقة بالعبادات والمعاملات.
أخطر ما يواجهنا فى معيشتنا حاليا، اعتماد قطاع عريض من الشباب على شبكة الانترنت فى ادارة شئون حياتهم، وتتضاعف اسئلتهم فى باب العبادات، خاصة فى شهر رمضان الكريم بجانب صور المعاملات الالكترونية الجديدة والمعاملات المالية ومنها كيفية احتساب زكاة الفطر وطرق ادائها فى شكل مبالغ أو طعام!!
لابد من الاشادة بدور الازهر الشريف فى تواصله مع جمهور المستفتين إلكترونياً، ليس على المستوى المحلى فقط، بل تمتد فتواه للمقيمين بالخارج، خاصة فى الدول الاجنبية، ويتم الرد على استفساراتهم باللغات الانجليزية والفرنسية والالمانية.
بجانب تخصيص قسم خاص بفتاوى النساء، حيث تقوم احدى المفتيات بالرد على المتصلة إلكترونياً بشكل مباشر للإجابة على استفسارها عبر وسائل التواصل الاجتماعى أو من خلال الهواتف وبالبث المباشر.
ومن الاهمية، الحصول على الفتوى من أهل التخصص والدارسين للعلوم الشرعية، وليس من عابرى السبيل حتى تستقيم امور حياتنا، حيث يتم الاستناد عند اطلاق الفتوى على المذاهب الفقهية الاربعة، بحيث لا يتم الاعتماد على الأقوال الشاذة التى نلمسها فى العديد من الصفحات الشخصية غير الرسمية لمدعى المعرفة بنواحى الدين!!
أتصور ان الاصل لدينا فى الافتاء يستند على التيسير وتصحيح عبادات المستفتين دون حاجة لوقوعهم تحت مشقة بالغة، حيث ان الدين يسر وليس عسراً بما يحقق فى النهاية الاستقرار المجتمعي.
كما أنه من الاهمية تحقيق التكامل والتعاون العلمى والمنهجى والشرعى بين الجهات المختصة بالتصدى للدعوة مع مؤسساتنا الجامعية والمراكز العلمية المتخصصة، خاصة فى حالات المسائل والقضايا المعقدة فى ظل التطور التكنولوجى الحالى وثورة المعلومات، التى ليس للعلماء رأى واضح فيها، بحيث يتم اجراء ابحاث علمية فيها مطابقة للواقع للاسترشاد بها عند اطلاق عموم الفتوى من خلال اللجان العلمية الثلاثية من المذاهب الفقهية وأصول الفقه.
لسنا بحاجة للفتاوى الشاذة التى تصدر عن أنصاف المتعلمين، لانها تؤدى إلى بلبلة فى المجتمع وتهدد استقراره، بقدر احتياجنا لفتاوى المتخصصين وأوائل الكليات الازهرية التى تدرس الشريعة كمادة اساسية بجانب صقلهم بمهارات الفتوى لسنوات محدودة، على ان يتم متابعتهم وملاحظاتهم اولا بأول واجراء الاختبارات التقيمية لهم قبل ان يتم تكليفهم للتصدى للفتوى وبذلك نضمن إعداد جيل قوى من أمناء الفتاوى يتصدون لكافة قضايا المجتمع بما يضمن استقراره وحل مشاكله، خاصة الاجتماعية.