يمر عيد فطر جديد على غزة وسط مأساة لم يشهدها القطاع من قبل، مع استمرار الضربات الإسرائيلية التى فجرت شلالا من الدماء خلال الأيام الماضية.
قتلت إسرائيل فى أول أيام عيد الفطر 20 فلسطينيا على الأقل، غالبيتهم من الأطفال والنساء، فى مجازر جديدة بحق الفلسطينيين.
كان الناطق باسم الدفاع المدنى فى غزة محمود بصل قد قال إن عدة غارات جوية تزامنت مع قصف مدفعى فى مناطق مختلفة فى قطاع غزة، بينما كان عشرات آلاف المواطنين يؤدون صلاة العيد فوق ركام منازلهم ومساجدهم المدمرة. وقال بصل إن «الحزن والموت والدمار يخيم على قطاع غزة فى العيد».
فى ظل نقص شديد فى الموارد مع منع إسرائيل دخول المساعدات إلى القطاع المدمر، حاولت الأمهات منح أطفالهن فرحة ولو ضئيلة مع قدوم العيد، عبر صناعة بعض المخبوزات البسيطة فى أفران وقودها الحطب، حيث يشح الوقود التقليدي.
فى الأسواق القليلة التى تشهد حركة فى غزة، كانت حركة البيع ضعيفة مع نقص البضاعة وعدم قدرة المشترين، ومعظمهم ممن أجبروا على النزوح أكثر من مرة، على الدفع.
بالتوازى يعمل الوسطاء على الوصول إلى صيغة مشتركة توقف الحرب المستمرة منذ أكتوبر 2023، ولو بشكل مؤقت، وتعود إلى اتفاق بدأ فى يناير الماضى واستمر قرابة الشهرين.
أبدى رئيس الوزراء الإسرائيلى بنيامين نتنياهو استعداد إسرائيل للحديث عن المرحلة الأخيرة للحرب فى القطاع مشترطا إلقاء حماس سلاحها والسماح لقادتها بالخروج من القطاع لإنهاء الحرب. واعتبر نتنياهو أن الضغط العسكرى على حماس فعال وأن المفاوضات بشأن الرهائن تجرى تحت النار وهى فعالة أيضا.
مساء السبت قالت حماس إنها وافقت على اقتراح جديد لوقف إطلاق النار فى غزة من الوسيطتين مصر وقطر، لكن إسرائيل ذكرت أنها قدمت «اقتراحا مضادا بالتنسيق الكامل» مع الوسيطة الثالثة، الولايات المتحدة.
كشفت تقارير إعلامية أن هناك خلافين أساسيين بين إسرائيل وحركة حماس، بشأن مقترح الهدنة. وحسب صحيفة «يديعوت أحرونوت» الإسرائيلية، فإن الخلاف الأول يكمن فى أن إسرائيل تصر على أن أى اتفاق الآن يجب أن يركز فقط على وقف مؤقت لإطلاق النار مقابل إطلاق سراح الرهائن، وفى المقابل تسعى حماس وفقا للصحيفة إلى إجراء مفاوضات لإنهاء الحرب بشكل كامل.
أما الخلاف الثاني، وهو إجرائي، فيتعلق بعدد الرهائن المفترض الإفراج عنهم، حيث أبدت حماس استعدادها لإطلاق سراح 5 محتجزين من بينهم الأمريكى الإسرائيلى عيدان ألكسندر، أما إسرائيل فتقول إن أى اتفاق يجب أن يشمل إطلاق سراح 10 رهائن أحياء على الأقل، وذلك مقابل وقف الحرب لمدة 50 يوما.
ردا على هذه التقارير، دعا منتدى الرهائن الإسرائيليين إلى إعادة جميع المحتجزين الـ59 المتبقين فى غزة على مرحلة واحدة «فورية»، مع إنهاء القتال فى القطاع.
فى السياق، أكدت تقارير إعلامية إسرائيلية، أن وحدة تنسيق العمل الحكومى اقترحت قبول حكم حركة حماس، وأوصت بتنفيذ فكرة الهدنة طويلة الأمد فى قطاع غزة.
فى الضفة الغربية، أدى 120 ألف فلسطينى صلاة العيد فى المسجد الأقصى المبارك، صباح أمس الأحد، رغم تضييقات الاحتلال. وتوافد عشرات آلاف الفلسطينيين إلى مدينة القدس المحتلة، فى محاولة لكسر قيد الاحتلال والتوجه إلى المسجد الأقصى لأداء صلاة العيد.
يأتى أداء صلاة عيد الفطر رغم تضييقات الاحتلال الخانقة على أهالى الضفة والقدس والداخل وعرقلة وصولهم إلى الأقصي، بهدف تخفيض أعداد المصلّين وإحكام السيطرة عليه.
انطلقت دعوات فلسطينية إلى تخفيف مظاهر الفرح فى ظل الظروف الصعبة التى يعيشها الشعب الفلسطينى فى الضفة وغزة. ودعا خطيب المسجد الأقصى الشيخ عكرمة صبري، إلى شدِّ الرحال نحو المسجد المبارك، إفشالًا لمخططات الاحتلال.
كما أدى آلاف المصلين، أمس، صلاة العيد فى الحرم الإبراهيمى الشريف، فى ظل التشديدات وعراقيل الاحتلال المفروضة على الحرم ومحيطه.
قال مدير أوقاف الخليل جمال أبوعرام، إن قوات الاحتلال عززت من انتشارها فى محيط الحرم، وعلى بواباته الرئيسية، والحواجز المنتشرة فى محيطه، وقامت بالتدقيق فى بطاقات المواطنين، وأخضعت عددًا منهم للتفتيش الجسدي.
يذكر أن قوات الاحتلال رفضت فتح المسجد الإبراهيمى بكل أروقته وساحاته وأقسامه، لمناسبة عيد الفطر السعيد، وهى المرة السادسة منذ بداية شهر رمضان التى ترفض فيها فتحه كاملًا أمام المصلين.
منذ 1994، فرض الاحتلال تقسيمًا على الحرم الإبراهيمى بواقع 63٪ لليهود و37٪ للمسلمين، بعد أن ارتكب مستوطن إسرائيلى مجزرة بإطلاقه النار على مصلين فى شهر رمضان من ذلك العام، ما أدى إلى استشهاد 29 فلسطينيًا. ويفتح الحرم أبوابه بشكل كامل أمام المسلمين 10 أيام فقط فى العام، وهى أيام الجمعة من شهر رمضان وليلة 27 منه وصلاة عيدى الفطر والأضحى وذكرى ليلة الإسراء والمعراج «27 رجب» والمولد النبوى «12 ربيع الأول» ورأس السنة الهجرية.
على صعيد آخر، صادق المجلس الوزارى الإسرائيلى المصغر للشؤون السياسية والأمنية «الكابينيت»، أمس الأحد، على فتح نفق بين بلدتى العيزرية والزعيم تمهيداً لضم مستوطنة معالية أدوميم للقدس.
أفادت صحيفة «يسرائيل هيوم» العبرية، أن الكابينت صادق على شق نفق بين العيزرية والزعيم تمهيداً لضم معالية ادوميم للقدس ومنع الفلسطينين من المرور ، مما يعنى قطع الطريق بين بيت لحم والخليل بأريحا. والمصادقة على الخطة التى قدمها وزير الجيش الإسرائيلى يسرائيل كاتس، أتت بعد عدة سنوات من التأجيل من قبل الحكومات السابقة.
الهدف من الخطة التى دفع بها كاتس هو تحويل الفلسطينيين عن مسار المنطقة والطرق التى تربط معالية أدوميم بالقدس، والتى ستكون الآن متاحة فقط للإسرائيليين، دون الفلسطينيين.
سيعيد هذا الطريق توجيه حركة مرور الفلسطينيين، ويمنع وصولهم إلى مناطق رئيسية، بينما يقول منتقدون إنه يعزز جهود الضم الإسرائيلية فى الضفة الغربية المحتلة.
قال وزير الدفاع الإسرائيلى يسرائيل كاتس، الذى قاد المبادرة، إن المشروع «سيعزز الأمن من خلال فصل حركة المرور الفلسطينية والإسرائيلية قرب القدس» .
يقول المسئولون الإسرائيليون إن للمشروع أهمية إستراتيجية أيضا، حيث سيعزل المنطقة الواقعة بين القدس ومعالية أدوميم فعليا، بما فى ذلك مخيم خان الأحمر، الذى يعتبره الفلسطينيون منطقة استراتيجية للحفاظ على التواصل الجغرافى فى أى دولة مستقبلية لهم وبمجرد اكتمال الطريق، لن يتمكن الفلسطينيون من الوصول إلى هذه المنطقة إلا سيرا على الأقدام.
ووصف رئيس بلدية معاليه أدوميم غاى يفراح، الذى ضغط بشدة من أجل المشروع، القرار بأنه «لحظة تاريخية» لمدينته.
من المتوقع أن تبلغ تكلفة المشروع حوالى 91 مليون دولار، وسيتم تمويله من خلال الصندوق الفلسطينى للإدارة المدنية، وهى أموال تجمع من الفلسطينيين وتخصص للخدمات فى الأراضى الفلسطينية، بينما لا يعد جزءا من ميزانية الحكومة الإسرائيلية.
ادانت حركة «السلام الآن»، وهى منظمة إسرائيلية يسارية مدافعة عن حقوق الإنسان، قرار مجلس الوزراء، واصفة إياه بـ»طريق فصل عنصري، سيقسم الضفة الغربية ويمنع وصول الفلسطينيين إلى مناطق واسعة» .
قالت المنظمة فى بيان: «لا علاقة لهذا بتحسين المواصلات الفلسطينية، بل يتعلق بتمكين ضم ما يقرب من 3 بالمئة من الضفة الغربية، مع تمويله بأموال تجمع من خلال سيطرة إسرائيل على الأراضي، وهى أموال مخصصة قانونا لتلبية احتياجات الفلسطينيين» .
تابعت: «هذا خبر سيئ للغاية لإسرائيل، وقد ينذر بنهاية أى حل قائم على دولتين قابل للتطبيق» .
فى السياق، قال مدير شئون الضفة الغربية بوكالة غوث وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين «الأونروا» رولاند فريدريك، أمس، إن اللاجئين الفلسطينيين يحتاجون إلى حماية فورية من العنف، ويجب السماح لهم بالعودة إلى منازلهم.
أكد المسئول الأممى عبر منصة «إكس» أن أكثر من 8000 أسرة فى شمال الضفة الغربية تعرضت للتهجير القسري، مشدداً على أن الوكالة تواصل عملها على الأرض، وتقدم المساعدات للنازحين.