يعيش المصريون فى أغلب المحافظات بالقرب من أو بمعنى أدق وسط متاحف بلا أسوار، حيث تملك مصر أكبر عدد من المتاحف فلدينا بوسط القاهرة المتحف المصرى الذى يتوافد عليه السياح من جميع الجنسيات وهناك متحف الفن الإسلامى والمتحف المصرى الكبير والمتحف القبطى ومتحف الأقصر والنوبة والغردقة ومتحف الرمال ومتحف شرم الشيخ واليونانى الرومانى ومتحف محمد محمود خليل ومتحف التحنيط وغيرها وفى ضاحية مصر الجديدة يقع ميدان الكوربة ذو الطراز المعمار، البلجيكى والزخارف التى تمزج بين الطرازين الشرقى والغربى والذى يعد من أشهر وأرقى مناطق هذه الضاحية، وقد اشتق اسمها من الكلمة الفرنسية La courb وتعنى الخط المقوس أو الانحناءة وكان مترو مصر الجديدة الذى يمر بها يأخذ انحناءة أو دوران فى هذا المكان أثناء رحلة عودته قادماً من شارع فؤاد الاول بوسط البلد فكان ينادى الكمسارى البلجيكى الجنسية بكلمة الكوربة فصارت اسماً للمكان. وتتميز الكوربة بشكلها المثلث حيث تبدأ من شارع الأهرام بداية من فندق هليوبوليس «قصر الرئاسة» حتى كنيسة البازيليك فى شارع نزيه خليفة «البارون خليفة» الذى يتقاطع مع شارع الثورة حتى قصر البارون إمبان وقد تعاونت الحكومة المصرية عام 1905 مع المهندس البلجيكى البارون إمبان بمنحه حق الامتياز لإنشاء ضاحية جديدة بمساحة 5952 فداناً صحراوياً، وذلك بهدف تنشيط التنمية المحلية من خلال انشاء المشروعات السكنية وتوصيل المرافق لهذه المنطقة لجذب السكان من أنحاء القاهرة لذلك قام بإنشاء اول خط للمترو عام 1910 ليربط بين منطقة عين شمس القديمة وعين شمس الجديدة حيث كانت تسمى هذه المنطقة باسم هليوبوليس باللغة الهيروغليفية والتى تعنى مدينة الشمس، وكان الكمسارى البلجيكى ينادى بكلمة الكورب لركاب المترو ومن هنا صارت اسماً للمكان وقد حرص البارون إمبان على تصميم هذه المنطقة بطراز معمارى متميز للمبانى على ان يكون الشكل العام يتميز بشكله المثلث، وكان هذا التصميم المثلث احد الأشكال الحديثة فى ذلك الوقت. وقد خضعت المبانى لقواعد صارمة من حيث الارتفاع المحدد لها حرصاً على حركة الطيران كما تم تخطيط الشوارع فى هذه المنطقة على هيئة نجمة قلبها كاتدرائية البازيليك لتتلاقى عندها الشوارع الرئيسية، وقد تم تصميم هذا الطراز بعناية ليعكس الفخامة والاناقة التى كانت تطمح لها الطبقة الارستقراطية فى ذلك الوقت. والكوربة ليست منطقة سكنية وتجارية هامة فقط بل هى متحف مفتوح يضم العديد من المعالم الشهيرة التى تضيف لها قيمة تاريخية وثقافية. ويعد مبنى فندق هليوبوليس سابقاً والذى تحول لقصر الرئاسة «الاتحادية» من اهم المعالم فقد اشترك فى بنائه البلجيكى «ارنست جسبار» حيث وضع له التصميم العام بينما قام الفرنسى «ألكسندر مارسيل» بوضع ديكوراته الداخلية المأخوذة عن مصنفات للنقوش العربية. وتكلف تأسيسه 60 ألف جنيه بينما بلغت تكلفته الإجمالية بعد إنشائه خمسة ملايين جنيه ووصل ارتفاع واجهته مائتى متر وتعلوها قبة ارتفاعها 55 متراً ويضم قاعات ضخمة لحفلات الاستقبال و400 حجرة وقاعة رئيسية دائرية نسج لها خصيصاً سجاد ايران وكان قطره 30 متراً ومن ضمن مبانيه التاريخية كنيسة البارون أو كنيسة البازيليك والتى بناها الفرنسى ألكسندر مارسيل عام 1910 بناء على طلب البارون إمبان وكانت تكلفتها من ماله الخاص، وقد وضعت رسوماتها على الطراز البيزنطى وهى صورة مصغرة لكاتدرائية أبا صوفيا بإسطنبول وأطلق عليها البارون اسم «نوتردام دى تونجر» ودفن بها بناء على وصيته عام 1930 وتبرعت بها أسرته للكنيسة الكاثوليكية بمصر والان يعيش سكان الكوربة فى هذا المتحف المفتوح بكل ما يضم من مبان حافظوا على هويتها وعلى طرازها وبواكيها التى اشتهرت بها لتحكى للجميع احداث عاشتها ومشاهير تجولوا داخلها.