كم من وقائع تحول فيها المجنى عليه لمتهم بسبب السوشيال ميديا
منذ أيام نعى أحد الزملاء زميلاً آخر كان قد أحيل للمعاش منذ سنوات وفارق الحياة منذ أيام دون أن يعرف أحد بنبأ وفاته الأمر الذى أحزن الجميع على صفحات السوشيال ميديا وبدأوا فى كتابة عبارات الرثاء والترحم عليه والدعاء له بالمغفرة دون أن يكلف أحدهم عناء التواصل مع أسرته لتقديم واجب العزاء .
المفاجأة كانت بعد أيام عند كتابة منشور آخر من أحد أصدقاء المتوفى يعلن فيه أنه بصحة جيدة ومازال على قيد الحياة داعياً له بطول العمر وموفور الصحة ورغم ذلك استمرت عبارات العزاء من رواد السوشيال ميديا لا لشئ إلا أنهم لم يقرأوا ما كتب مجرد رؤية صورة الشخص قادهم فى نفس الاتجاه.
ما حدث لم يكن الواقعة الأولى حيث سبق ونشرت تهنئة على سبيل المزاح مع أحد الأصدقاء بعد توليه منصب رئاسة اتحاد العمارة التى يسكنها وجاءت تهنئتى على النحو التالى «مبروك المنصب الجديد» فإذا بسيل من التهانى دون أن يكلف أحدهم نفسه عناء السؤال عن المنصب الجديد بل الأدهى أن بعضهم فى الكواليس أسهب فى تقييمه وهل يستحق المنصب من عدمه والبعض الآخر أعلن غضبه لترقيته دون أن ينالوا نفس الترقية.
الأحداث التى صاحبت تلك المزحة جعلت صديقى يطلب منى عدم الإفصاح عن المنصب بعد أن أخذ التهريج منحنى الجد وبات محرجاً بالنسبة له أن يعرف من قدموا له التهنئة أو من أصابهم الغل والحقد عليه أن المنصب هو رئاسة اتحاد العمارة.
تلك الأحداث دفعتنى للإتفاق مع زميلة على كتابة بوست تأييد لها بمناسبة ترشحها لانتخابات نقابة الصحفيين دون أن تكون من ضمن المرشحين وسترى بنفسها عبارات التأييد ممن يعرفها قبل من لا يعرفونها فالجميع سينساق فى نفس الاتجاه دون أن يجهد نفسه بالبحث وراء حقيقة ما كتب .
بكل أسف هذا هو الواقع المزيف الذى فرضته علينا التكنولوجيا فلم يعد للحقيقة معنى ولم يعد للصادقون وجود ولم يعد لأصحاب المبادئ والقيم مساحة فى هذا العالم الافتراضى فمن السهل أن تجد مدعياً تحول لبطل بين لحظة وآخرى من واقعة مختلقة يجرى وراءها الجميع ويصدقونها ويصنعون من صاحبها «ترنداً» بلغة هذا العالم المزيف.
وكم من وقائع تحول فيها المجنى عليه لمتهم بسبب السوشيال ميديا وآخرى تحول فيها الجانى لضحية لمجرد نشر مقطع مجتزئ فى هذا الفضاء الالكترونى الذى تحول لسلاح لإسقاط الدول من خلال ما يمتلئ به من زيف وتشويه للحقائق.
نحن نعيش فى كارثة بدأت معالمها تتكون مع أحداث يناير التى لا أرى فيها إلا مؤامرة على الوطن مازالت مستمرة حتى الآن ولعل ما يمارس على مصر من تهديدات وضغوط أمريكية دليلاً قاطعاً على الكثير من المؤمرات والحروب النفسية التى تمارس ضد الشعوب وللأسف هناك من لا يدرك حقيقة الأمور فمن أين يأتى لهم الإدراك وقد بات من السهل إعلان وفاة شخص والترحم عليه وهو مازال على قيد الحياة وهذا ما يريد أن تفعله بنا قوى الشر وهى إعلان وفاتنا ونحن على قيد الحياة.