تنطلق عقيدة رجال الشرطة المصرية من قاعدة وطنية خالصة، وشرف الانتماء لمصر، وعندما تقرأ تفاصيل وأهداف ودافع ما جرى فى معركة الإسماعيلية فى 25 يناير 1952 ضد قوات الاستعمار الإنجليزي، حينما رفض رجال الشرطة البواسل تسليم مبنى محافظة الإسماعيلية لقوات الاحتلال، ورفع علم بريطانيا عليها رغم أن أعداد رجال الشرطة وتسليحهم لا يقارن بأى حال من الأحوال مع قوات الاستعمار المدججة بأحدث الأسلحة آنذاك، لكنها العقيدة وإنه المبدأ وشرف الدفاع عن كرامة الوطن، لم يفكر أبطال الشرطة فى أى ثمن يمكن أن يدفعوه من أرواحهم ودمائهم، خاضوا معركة عظيمة، وبذلوا تضحيات وبطولات لن ينساها تاريخ الأمة المصرية، وسقط منهم 50 شهيداً و80 جريحاً، لكنهم نالوا احترام عدوهم، بعد أن رفضوا الخضوع والانحناء فى شموخ مصرى خالد، قدم قائد قوات الاحتلال الإنجليزى التحية لرجال الشرطة المصرية بسبب بسالتهم وإصرارهم على الدفاع عن كرامة وراية وطنهم، دون تفكير فى عدم تكافؤ ما بين امكانياتهم البسيطة، وقدرات الجيش الإنجليزي، المعركة ظلت وفسوف تظل خالدة، لن تسقط من ذاكرة أمجاد هذا الوطن، والدليل أننا نحتفل ببطولات وتضحيات ومواقف الرجال للعام الـ 73 على التوالى لتتعلم الأجيال تلو الأخرى شرف الفداء والتضحية والصمود من أجل الحفاظ على كرامة هذا الوطن.
أعظم ما يميز رجال الشرطة الوطنية أنهم من أبناء هذا الشعب، ومن نسيجه الوطني، يقومون ويؤدون مهمة مقدسة نبيلة، ويحققون نعمة ذكرها الله فى محكم آياته، هى نعمة الأمن والأمان والاستقرار التى حبا المولى عز وجل بها مصر وشعبها ووفر لها مقوماتها وحيثياتها، «ادخلوا مصر إن شاء الله آمنين» صدق الله العظيم، وأيضاً «أطعمهم من جوع وآمنهم من خوف».
نعمة الأمن والأمان التى يسهر من أجلها رجال الشرطة الوطنية، لا تضاهيها نعمة، فهى سر أسرار البناء والتنمية والاستقرار، والانجاز، فلا تقوم أى دولة أو تنهض بدون استقرار، تطبيقاً واقعياً، لمقولة لا تنمية أو تقدم بدون أمن واستقرار، فى ظل عالم يشهد مستجدات ومتغيرات وتحديات عنيفة وأيضاً فى ظل التطور الهائل فى الجريمة، لذلك، مكانة وقيمة ونجاح الشرطة المصرية، تكمن فى ما يشهده الوطن من أمن واستقرار وقدرة فائقة فى التعامل مع كافة التحديات الأمنية، لذلك تعد المنظومة الأمنية المصرية، واحدة من أرقى المنظومات فى العالم، لديها ترتيب متقدم، وقدرات بشرية وعلمية وتكنولوجية وفكرية، تجعلها قبلة للدول الصديقة والشقيقة التى تتطلع للاقتداء بالتجربة والنموذج المصرى وهذا لم يأت من فراغ بل جاء بفضل دعم القيادة السياسية بتوفير كافة الامكانيات والقدرات الشاملة من أجل أن يحقق جهاز الشرطة الوطنى أهداف الدولة فى ترسيخ الأمن والاستقرار للوطن والمواطن، باعتبار أن الجبهة الداخلية هى أساس عبور التحديات، وتجاوز التهديدات.
نجاح رجال الشرطة على مدار السنوات الماضية، لم يكن صدفة بل جاء نتيجة رؤية وأهداف واضحة ومحددة، وفكر أمنى متطور، يعى حجم التهديدات والتحديات، ويبنى قدرات وامكانيات تتسق مع حجم التطور الكبير فى الجريمة، وانعكاس التكنولوجيا على صعوبتها وتنوعها، من هنا فإن جهاز الشرطة يواكب تماماً هذا التطور ويمتلك الكوادر والقدرات النادرة على المجابهة، وتنفيذ المهام بكفاءة عالية.
أعظم ما يجسد احترافية الشرطة المصرية، أن الأمن والأمان تستشعره دون ضجيج أو صخب أو تعطيل، فكر خلاق، ورؤية جديدة، تدرك قيمتها فى اطمئنان المواطن المصري، المبهر أن نجاح منظومة الشرطة الأمنية المصرية.. يتعانق ويتسق مع وجود جيش وطنى عظيم قادر على حماية الأمن القومي، وكل ذلك يرتكز على حكمة القيادة السياسية، وسياساتها الرشيدة، وثقة ووعى المواطن المصرى وادراكه لقيمة ما تحقق لمصر فى العشر سنوات الأخيرة من أمن واستقرار وجعلها واحة، يتطلع إليها الفارون من جحيم وويلات الفوضى والاقتتال الأهلى والإرهاب الذى أصاب عدداً من الدول.
رجل الشرطة الساهر على أمن وأمان المواطن واستقرار الوطن هو واحد من أبناء هذا الشعب جل أهدافه، توفير الأمن والأمان لهم، وتأمين ممتلكاتهم، فمن منا لا يطمئن وهو يمارس حياته مطمئناً، يعيش فى بيته لا يشعر بأى خطر، يثق أن هناك دولة قوية وقادرة لذلك فإن رجل الشرطة جاهز فى أى وقت لبذل الجهد والتضحية، والسهر من أجل تحقيق هذه الأهداف النبيلة، فما أعظم نعمة الأمن والأمان سواء للوطن أو المواطن.
عقيدة الشرطة المصرية، عقيدة وطنية خالصة فإذا كانت مهمتها انفاذ القانون، فإن الجانب الإنسانى لا يغيب أبداً عن رجال الشرطة فى تعاملاتهم مع المواطنين، بل والمشاركة فى تخفيف المعاناة عنهم من خلال الاسهام فى المبادرات الرئاسية فى دعم الفئات الأكثر احتياجاً، حتى مع نزلاء المؤسسات العقابية، هناك رؤى وفكر جديد يضع على رأس أولوياته حقوق وبناء الإنسان لهذه المؤسسات التى يقضى فيها النزيل فترة العقوبة التى أقرها القانون والقضاة، باتت فرصة لإعادة صياغة حياة هذا الإنسان وفق برنامج علمى مدروس يوفر كافة أنواع الرعاية والاهتمام والتأهيل، واكتساب مهارات تعليمية ومهنية، يستطيع من خلالها أن يسلك مساراً مختلفاً يتسم بالصلاح والنفع لنفسه وأسرته ومجتمعه، لذلك فإن مراكز الاصلاح والتأهيل تعد نموذجاً لتحقيق هذه الأهداف بما يتوفر لها من امكانيات ترفع من شأن قيمة وحقوق الإنسان.
كما أن الشرطة المصرية التى سطرت ملحمة وطنية مع أبطال القوات المسلحة فى القضاء على الإرهاب الأسود وتقديم الكثير من البطولات والتضحيات، وسقوط شهداء ومصابين فداء لكرامة الوطن ومن أجل ترسيخ الأمن والاستقرار، ومازالت ترصد أى محاولات لخفافيش الظلام، ولطالما أجهزت على البؤر الإرهابية القابعة فى جنح الظلام والتى تسعى للعبث والاضرار والنيل بما تحقق من أمن وأمان واستقرار، وبناء وتنمية.
تحية لرجال الشرطة المصرية فى عيدهم الـ73 رمز الفداء والتضحية والعطاء من أجل الوطن، فهم أبناء هذا الشعب، وساهرون على خدمة الوطن والمواطن، ونجاحاتهم وقوتهم تصب دائماً فى صالح المصريين، وأمن وأمان واستقرار الوطن هو وسام على صدور هؤلاء الأبطال، فاليوم هو عيد الوطنية والاخلاص والشرف والدفاع عن مصر وكرامتها.