التحول إلى النقل الأخضر ليس مجرد خيار، بل ضرورة حتمية لمواجهة تغير المناخ وبناء مدن أكثر ذكاءً واستدامة. ومن خلال تبني سياسات خضراء طموحة، يمكن لمصر أن تصبح نموذجًا إقليميًا في مجال النقل المستدام، مما يدعم اقتصادها الأخضر ويحسن جودة الحياة لمواطنيها.
الحكومة المصرية اتخذت العديد من الإجراءات للتحول إلى النقل الأخضر؛ حيث تشكل مشروعات النقل الأخضر نحو 50% من الاستثمارات العامة الخضراء، ضمن مشروعات خطة الدولة الاستثمارية، وذلك في إطار مواصلة تنفيذ الاستثمارات الخاصة بتوسيع شبكة مترو الأنفاق وتطوير وسائل النقل الكهربائي.
اعتبارًا من الأول من يونيو المقبل، سيشهد قطاع النقل العام إضافة نوعية مع بدء تشغيل المرحلة الأولى من الأتوبيس الترددي. سيتاح للمواطنين استخدام هذه الخدمة الجديدة بأسعار تناسب مختلف الشرائح، وذلك على امتداد مسار يبلغ 35 كيلومترًا ويضم 14 محطة، بدءًا من تقاطع الطريق الدائري مع طريق الإسكندرية الزراعي وصولًا إلى محطة أكاديمية الشرطة، ومن المميزات الهامة لهذا الأتوبيس هو وقت التقاطر القصير بين كل مركبة والأخرى، والذي يقدر بحوالي 3 دقائق فقط.
يُعد مونوريل القاهرة، الذي يأتي جنبًا إلى جنب مع مشروعات مثل الأتوبيس الترددي، جزءًا من رؤية مصر لتوفير حلول نقل صديقة للبيئة وفعالة. يهدف هذا المشروع إلى تقليل الانبعاثات الكربونية وتخفيف حدة الازدحام المروري الذي تعاني منه القاهرة. يمتد المونوريل على مسافة 100 كيلومترًا ويشمل 35 محطة، ومن المتوقع أن يستوعب 600 ألف راكب يوميًا في البداية، مع إمكانية مضاعفة هذا العدد لاحقًا. وقد تم تصميمه للعمل بسرعة 90 كم/ساعة لتوفير رحلات سريعة ومريحة.
لذلك، فإن تبني ممارسات الخدمات اللوجستية الخضراء يجلب العديد من الفوائد المهمة، ليس فقط للبيئة، بل وأيضًا لقطاع الأعمال والمجتمع والاقتصاد بشكل عام. وتعكس هذه الفوائد القيمة المضافة لدمج الاستدامة في العمليات اللوجستية.
النقل الأخضر يُعد خطوة أساسية نحو الحد من التأثيرات البيئية لقطاع النقل، ويسهم في تحقيق أهداف التنمية المستدامة على الصعيدين المحلي والعالمي. فمن خلال تقليل الانبعاثات الضارة، وتحسين كفاءة الطاقة، وتعزيز استخدام التكنولوجيا النظيفة، يمكن تحقيق توازن بين التنمية الاقتصادية وحماية البيئة. وتجربة مصر في هذا المجال تعكس التزامًا واضحًا بتطوير بنية تحتية مستدامة تدعم النقل الأخضر، مما يعزز من دورها في مواجهة التغير المناخي وتحقيق مستقبل أكثر استدامة.