أمتنا العربية: إخوتنا فى الدم العربي:
إن مصيرنا واحد ومشترك، وعدونا يريد تفريق كلمتنا، وعينه على كل مقدرات أمتنا بلا استثناء، وهو عدو لا عهد له ولا يُوثق به، فمن يظنونه صديقا موثوقا به سيدركون يوما ليس بالبعيد أنه ليس كذلك، وإن غدا لناظره قريب.
صحيح أننا أهل سلام وسنظل، ولكنه سلام وليس استسلاما، فالسلام الحقيقى (سلام الشجعان) هو ذلكم السلام الذى له قوة تحميه، فالقادر على خوض الحرب هو القادر على صنع السلام العادل، وغير القادر على صد العدوان لا يمكن أن يصنع سلاما عادلا أو دائما.. أمام عدو متعطش للدماء مستحل لها، يقولون: «لَيْسَ عَلَيْنَا فِى الْأُمِّيِّينَ سَبِيلٌ وَيَقُولُونَ عَلَى اللَّهِ الْكَذِبَ وَهُمْ يَعْلَمُونَ «، فهم كما قال الحق سبحانه: «وَإِن يَظْهَرُوا عَلَيْكُمْ لَا يَرْقُبُوا فِيكُمْ إِلًّا وَلَا ذِمَّةً».
أشقاؤنا فى الأمة العربية:
نحن فى سفينة واحدة وهى فى خطر شديد يحتاج إلى تضافر الجهود لإنقاذها، فكل من عمل على نجاتها أو أسهم فى ذلك كان له أجر كل من نجا فيها بقدر إسهامه فى نجاتها، ومن قصّر فى ذلك أو فرط أو كان سببا فى عطبها باء بإثم من غرقت به، يقول نبينا الكريم صلى الله عليه وسلم: «مثل القائم على حدود الله والواقع فيها كمثل قوم استهموا على سفينة، فأصاب بعضهم أعلاها وبعضهم أسفلها، فكان الذين فى أسفلها إذا استقوا من الماء مروا على من فوقهم فقالوا: لو أنا خرقنا فى نصيبنا خرقا، ولم نؤذ من فوقنا، فإن تركوهم وما أرادوا هلكوا جميعا، وإن أخذوا على أيديهم نجوا ونجوا جميعا».
إخوة العروبة:
إن أمتنا العربية من المحيط إلى الخليج أمة واحدة، وعدونا لا يفرق بين عربى وعربي، فكل العرب أهداف له، يتعامل معهم بنظرية المراحل ونظرية «فرّق تَسُدْ»، واضعا الجميع فى خانة الأعداء، عاملا على تفوقه العسكرى عليهم مجتمعين فى بروتوكولات لا يخفيها..
ومرة أخرى أؤكد أننا لسنا أهل بغى ولا اعتداء ولا نقص للعهود والمواثيق، نحن أهل سلام وسنظل، دعاة سلام وسنظل، ولكن متى فرضت علينا الحرب فنحن رجالها، وإن أمة تحب الشهادة فى سبيل الله لن يقهرها عدو ولو ربح جولة، فالعزة لله ولرسوله وللمؤمنين.
إن أمتنا قد تضعف أو تمرض أحيانا أو تخسر جولة، ولكنها تظل أمة حية قادرة على الحياة فى أصعب الظروف وأحلكها، قادرة على إعادة بناء نفسها مرات ومرات، واسترداد ما يُحتلُّ ويُغتصب من أرضها ولو بعد مئات السنين، لأن الحفاظ على الأرض كالحفاظ على العرض جزء من عقيدتها، وقديما قال أحد قادة الروم للفتى العربى أبى فراس الحمدانى شاعر بنى حمدان وفارسها: أنتم معشر العرب أهل كلام ولا علم لكم بالحرب، فأجابه أبو فراس وهو فى أسرهم بقوله:
أتزعم يا ضخم اللغاديد أننا
ونحن أسود الحرب لا نعرف الحربا
لقد جمعتنا الحرب من قبل هذه
فكنا بها أُسْدًا وكنت بها كلبا
بأقلامنا أُجْرِحْتَ أم بسيوفنا
وأُسْدَ الشرى سُقنا إليك أم الكُتْبَا
بنى أبى فى العروبة:
إن عدونا يريد أن يزرع الخوف واليأس فى قلوبنا، فلنحذر من اليأس أن يدب فى نفوسنا، ونؤكد أنه لا يأس طالما أن فينا من يحرص على الشهادة فى سبيل الله أكثر من حرص أعدائنا على الحياة، حيث يقول الحق سبحانه: «وَلَتَجِدَنَّهُمْ أَحْرَصَ النَّاسِ عَلَى حَيَاةٍ».
إننا أمة لا تعطى الدنية فى دينها، نحن لسنا أحرص الناس على حياة، صبرنا ليس ضعفا.. وساعة الجد ليس فينا ضعيف ولا جبان.. نحن أمة تخرج من تحت الركام لتزلزل كيان عدوها.
نحن أمة ذات نخوة تؤمن أن الموت بعز وشرف خير من حياة الذل والهوان، نحن قوم ليست الدنيا مبلغ علمنا ولا منتهى أملنا، لأن الباقية خير وأبقي.
قديما قالت أمّنا العربية فى أولادها السبعة الذين قتلوا دفاعا عن شرفهم وقبيلتهم:
أبوا أن يفروا والقنا فى نحورهم
ولم يبتغوا من خشية الموت سُلّما
ولو أنهم فروا لكانوا أعزة
ولكن رأوا صبرا على الموت أكرما
نحن قوم علمنا ديننا ألا نفر من الميدان لأن الفرار منه كبيرة من الكبائر، علمنا ديننا أن من قتل دون نفسه فهو شهيد ومن قتل دون ماله فهو شهيد ومن قتل دون عرضه فهو شهيد ومن قتل دون وطنه فهو شهيد، والشهداء أحياء عند ربهم يرزقون.
وختاما:
لا نتمنى أن يأتى اليوم الذى يقول فيه بعضنا « أُكلتُ يوم أُكل الثور الأبيض»، أو أن يردد قول الشاعر:
ولقد نصحتهم بمنعرج اللوي
فلم يستبينوا النصح إلا ضحى غد
فلنستفق جميعا ونوحد صفنا ونجتمع على كلمة سواء انطلاقا من قوله تعالي: «وَاعْتَصِمُوا بِحَبْلِ اللَّهِ جَمِيعًا وَلَا تَفَرَّقُوا «، وساعتها يمكن أن نكون رقما صعبا يُحسبُ له ألف حساب، وما ذلك على الله بعزيز