ظلت أمريكا تروج ليل نهار على مدار سنوات طوال أنها شرطى العالم وأنها القوة التى لاتهزم رغم الهزيمة فى فيتنام بعد وصلة من الغرور القاتل الذى أوقع شرطى العالم فى شر أعماله.. ويأتى التدخل فى أفغانستان لتدفع أمريكا فيه ثمنا باهظا من رجالها وجيشها.. أما الآن فقد تحولت من شرطى العالم إلى مصارعة العالم الذى يمارس الفتونة ولا يحترم كبيرًا ولا صديقًا..
كانت البداية بعودة ترامب للحكم وكأنه قد عاد لينتقم من الذين منعوه من الوصول للحكم فى الدورة السابقة ولكنه لم يمارس بلطجته عليهم بل مارسها على العالم كله وأصبح يحكم أمريكا والعالم بمنطق برنامج مصارعة المحترفين الذى كان عضوا أساسيا فيه كنوع من المراهنات والمقامرة..
فعلها فى بداية حكمه مع بعض الدول زاعماً أن لأمريكا حصة فى البترول العربى لأنها هى من تحميه.
بعدها كرر نفس الفعل مع دول أخرى وبنفس الحجة.. نحن من يحمى العالم ومن حقنا أن نحصل على المقابل.. نحن نحكم العالم ونستحق أن نحصل من الجميع على إتاوة دائمة لاستمرار الحماية غير الشرعية أو أن يكون البديل هو إشعال الحروب بالمنطقة وإطلاق الدواعش والتنظيمات الإرهابية على هذه الدول لتمارس القتل والنهب والحرق مع دعم كامل بالأسلحة وسيارات الدفع الرباعى والمرتزقة الذين يقتلون مقابل المال.. هذه هو البديل لرفض دفع الإتاوة التى يطلبها ترامب
وآخر ما تفتق ذهنه عنه هو تصريح أطلقه بأن أمريكا تحمى قناتى السويس وبنما وأن السفن الأمريكية يجب أن تمر فيهما دون أن تدفع أى رسوم للمرور.. والغريب أن حجته أنه لولا أمريكا لما كانت هناك قناة السويس..
منطق فاسد فعندما تم افتتاح قناة السويس كانت أمريكا عام 1869 فى حالة مزرية بعد انتهاء الحرب الأهلية هناك.. ولم يكن هناك قوة لأمريكا تحمى بها نفسها وليس العالم ولم تكن تملك الوصول للقناة لحمايتها أو لتهديدها..
أما الآن فادعاء ترامب بما قال هو نوع من العقاب و الضغوط على مصر لرفضها الحاسم والصارم لملف التهجير ووقوف الرئيس السيسى بقوة أمام مؤامرة تصفية القضية الفلسطينية بشكل كامل بتهجير الفلسطينيين لسيناء ليبدأ تحقيق الحلم الصهيونى بإسرائيل الكبرى من النيل للفرات.. وهو ما أثار حفيظة شرطى العالم من هذا الرفض فتحول إلى بلطجى العالم الذى يفرض نفوذه بالقوة على الجميع .
وللسيد ترامب نقول إن مصر دولة ذات سيادة لا ترهبها التهديدات ولا الضغوط التى تمارسونها ضد مصر للقبول بالصفقة الصهيوأمريكية.. نعم مصر دولة ذات سيادة وليس من حق أحد فى العالم أن يتدخل فى إدارة دولة بحجم مصر ولا أن يتدخل فى شأن داخلى هو إدارة قناة السويس التى تحكمها اتفاقيات دولية هى الفيصل فى التعاملات التجارية والمالية للقناة وليس لأحد أن يفرض سيطرته على قناة السويس التى تملكها مصر والتى فقد عشرات الآلاف من المصريين حياتهم فيها أثناء حفرها.. ثم استولى عليها الإنجليز حتى تمت استعادتها كاملة لتكون تحت السيطرة المصرية.. ولن تعود يوما ما لسيطرة أجنبى عليها أيا كان..
ولتتذكر جيدا أن فى مصر جيشا قوامه 120 مليون مقاتل يرفض تدخل ويرفض تلك التصريحات المستفزة مرفوضة من الدولة المصرية ومن الشعب المصرى كله..