هل لأنها بوابة مصر.. كان يصر كل الغزاة على عبورها.. ويتهافت عليها كل الطامعين فى احتلال مصر ونهب ثرواتها عبر العصور.. أم لأن بها أطهر بقعة مباركة على ظهر الكرة الأرضية وهى التى تجلى فيها الله سبحانه وتعالى وكلم نبيه موسى عليه السلام.. أم لأنها مر عليها معظم الأنبياء من أبيهم إبراهيم وادريس ويعقوب ويوسف والأسباط وموسى وهارون وعيسى وأمه مريم «عليهم جميعا السلام»؟
ما سر هذه الأرض الطاهرة المقدسة.. التى تحولت إلى مطمع منذ فجر التاريخ من أيام الهكسوس الذى قضى عليهم أحمس وأخرجهم وطردهم.. إلى الإسرائيليين الذين انتصر عليهم جيش مصر فى أكتوبر 1973 وطردهم من سيناء واستعادها فى 25 أبريل 1982.. واستكمل باقى ترابها بعودة طابا فى 19 مارس 1989 بعد أن روت أرض الفيروز دماء آلاف الشهداء مما زاد من قدسية سيناء ومكانتها فى قلوب المصريين؟!
>> والسؤال الذى يتردد بعد 43 عاماً من استعادتها.. لماذا تأخرنا فى تعمير سـيناء؟
صحيح إنه فى السنوات الأخيرة منذ تولى الرئيس السيسى هناك طفرة كبيرة لتنميتها وتم إقامة الانفاق التى تربطها بالمحافظات بعد أن ظلت تعتمد على نفق الشهيد أحمد حمدى منذ تحريرها وكان الأهالى يعانون بشدة.. ولكن الآن بعد الانفاق والكبارى فالحركة أصبحت يسيرة ويمكن القول ان عزلة أرض الفيروز عن حضن الوطن قد انتهت.. ونسابق الزمن لإنجاز مشروعات التنمية التى بدأ تنفيذ المرحلة الثانية من مشروعها المتكامل منذ أكتوبر 2023 ويستمر حتى يونيو 2030 بتكلفة 363 مليار جنيه وتشمل مشروعات زراعية وإسكانية وصناعية وتعدينية وسياحية.
مازلنا نقول إنه لو تم البدء بمشروعات تعمير جادة فى سيناء بمحافظتيها «خاصة الشمالية» منذ تحريرها.. وتم توطين ملايين المواطنين بها.. ما كان يمكن أن يفكر الإرهابيون فى مهاجمتها.. وما كان سيجرؤ أحد فى العالم على المطالبة بتهجير أهالى غزة أو غيرهم إليها.. والأهم إننا كنا سنجنى الخير الكثير من كنوز أرض الفيروز واستثمارها يمكن ان يغير وجه مصر بمستقبل مشرق!!
مازال الصهاينة غزاة العصر الحديث يحلمون بموطئ قدم لهم فى سيناء.. وكلنا يتذكر تمسكهم بمستوطنة «ياميت» التى أقاموها بين رفح والعريش أثناء احتلالهم بعد 1967 ورفضوا الجلاء عنها بعد نصر أكتوبر واتفاقية السلام وتقدموا بعروض سخية للاحتفاظ بها ولما رفضت مصر كل محاولاتها قاموا بتفجير المستعمرة ودمروها.. وللعلم كانوا يأملون ان يحولوها إلى «ريفييرا إسرائيلية» ويبدو ان الرئيس ترامب أخذ منهم الفكرة عندما تحدث عن تحويل غزة إلى «ريفييرا».. فهو يشاركهم الحلم.. وهم لن يتخلوا عن حلمهم.. وعلينا الانتباه وأن نكون على استعداد لتحويل أحلام الطامعين إلى «كوابيس»!!
سيناء هى المستقبل.. وكنز مليئ بالثروات.. وهى قادرة على حل العديد من أزماتنا الاقتصادية والاجتماعية عن طريق التنمية والتعمير والتوطين.. ولابد أن نعمل بشكل مستمر على الخروج من شريط الوادى الضيق إلى رحابة واحاتها وزراعة صحرائها واستخراج معادنها.. ومواصلة تحقيق طموحات أهلها الذين أسعدهم ما تحقق وينتظرون الأكثر كما وعدتهم الحكومة فى مجالات التعليم والصحة خاصة فى التجمعات البدوية المتناثرة البعيدة عن العمران وبالطبع ليس من الضرورى بناء مدارس كبيرة وإنما مدارس ذات الفصول القليلة ويمكن ان تعمل على فترتين أو استغلال مراكز الشباب وقصور الثقافة فى هذا الأمر.. إضافة للمطالبة بمدارس للتعليم الثانوى الفنى ومساعدتهم فى إقامة مشروعات صغيرة ومتوسطة وتوفير منافذ لبيع منتجاتهم سواء من المحاصيل الزراعية أو من الحرف اليدوية التى يجيدونها لتحسين دخل الأسرة.
سيناء تتميز بثرواتها الطبيعية ومحمياتها المتعددة ومنها رأس محمد وأبوجالوم ونبق وغيرها.. إضافة إلى إنها غنية بأماكن لكافة أنواع السياحة «الثقافية» بآثارها و«الدينية» خاصة فى سانت كاترين وجبل موسى وسياحة السفارى والسياحة الشاطئية و«العلاجية» فى عيون موسى.
انطلق قطار البناء والتعمير والتنمية على أرض سيناء.. ومطلوب ألا يتوقف حتى يتم الانتهاء من كل المشروعات التى تحمل الخير لأهل مصر ويتم بناء الإنسان هناك وتحقيق أمنيات الأهالى.. والعمل على البدء فورا فى خطة ا لتوطين لاستيعاب 3 ملايين فى المرحلة الأولى.. على الأقل للمساهمة فى حل المشكلة السكانية!!
«لأ يا باشوات» .. لن يعود الزمان !!
>> اقتراح غريب وعجيب يطرحه البعض بإعادة الألقاب وعلى رأسها لقب «الباشا» وأن يحصل عليه من يدفع مبلغا من المال أو يقدم عملا جليلا يستحق ان تمنحه الدولة هذا اللقب.. وكأنهم يريدون إعادة الزمن إلى الوراء!!
نفس المنطق الذى كان سائدا فى العصر الملكى حينما كان يدفع الشخص للسرايا حتى يمنحه الملك لقب: «باشا أو بيك» عندما كان يتم تصنيف الناس وفقاً لألقابهم ويتم التعامل معهم واحترامهم طبقا لرتبتهم وباقى طبقات الشعب من العامة بلا أهمية ولا احترام.. باستثناء من يتم توظيفه فى الحكومة أو يحصل على شهادة الابتدائية فإنه يحصل على لقب «الأفندى» وهو لقب الغلابة الذين يحلمون بأن يصبحوا «بهوات وباشوات»!!
نعلم ان هناك من لديه حنين لعصر الملكية والقصور والاقطاع.. ويتمنى لو رجع بهم الزمان لأكثر من 70 عاماً للوراء وإحياء ما قامت ثورة يوليو للقضاء عليه بالقرار رقم 68 لسنة 1952 بالغاء الألقاب للقضاء على الطبقية والتمييز بين المواطنين والعمل على تحقيق العدالة الاجتماعية!!
للأسف.. لا تتوقف المحاولات على مجرد إعادة الألقاب وإنما يمارسون الضغوط لإلغاء كافة الامتيازات التى حصل عليها الشعب خاصة مكتسبات محدودى الدخل والطبقة المتوسطة ومنها المطالبة بإلغاء مجانية التعليم وتقليص حقوق العمال والفلاحين ونسب تمثيلهم فى المجالس المحلية ومجالس إدارات الشركات والمؤسسات و………. فهل سينجحون فيما فشلوا فيه طوال هذه السنوات؟!