الاقتصاد الفضي.. العنوان الذى اختاره مركز المعلومات ودعم اتخاذ القرار بمجلس الوزراء لتقريره الذى أصدره حول السوق العالمية لاحتياجات كبار السن والذى تضمن الوضع العالمي، إلا أنه كشف عن حجم المشروعات والمبادرات التى أطلقتها الحكومة لدعم كبار السن فى مصر.
التقرير التحليلى أشارأنه رغم تعالى الحديث عن النمو السريع فى تعداد كبار السن عالميًّا، والتركيز فقط على التهديدات المتأصلة فى شيخوخة السكان، واعتبارها أحد التحديات العالمية القادمة، وبجانب فقدان العالم عائده الديموغرافى نتيجة تراجع نمو السكان فى سن العمل، يظهر جانب آخر مشرق؛ وهو تقاطع قضايا كبار السن مع العديد من أهداف التنمية المستدامة وظهور فرص عديدة لتنمية قطاعات اقتصادية وسوق عالمية مستحدثة معنية بمتطلبات واحتياجات كبار السن، فى إطار ما يُعرف بـ»الاقتصاد الفضى» المعنى بمتطلبات هذه الفئة العمرية من السكان.
مضيفاً أن العالم يشهد تحولاً ديموغرافيًّا هائلاً؛ فقد تزامن ارتفاع العمر المتوقع عند الميلاد خلال العقدين الماضيين من 68 سنة فى عام 2002 إلى 72 سنة فى عام 2022، مع ارتفاع نسبة السكان فى الفئة العمرية «65 سنة فأكثر» من 7 ٪ من إجمالى سكان العالم فى عام 2002 إلى نحو 10 ٪ فى عام 2023 بتعداد تجاوز 805 ملايين نسمة.
على الصعيد العالمى، وللمرة الأولى، فاق عدد كبار السن فى عام 2018 عدد الأطفال دون سن الخامسة، وبحلول عام 2050، سيفوق عدد كبار السن عدد المراهقين والشباب فى الفئة العمرية «15-24» عامًا.
ففى أوروبا، على سبيل المثال، سترتفع حصة كبار السن فى الفئة العمرية 65 عامًا فأكثر من 29.6 ٪ فى عام 2016 إلى 51.2 ٪ فى عام 2070، وفقًا لتقديرات يوروستات.
أوضح التحليل أن حكومات عديدة تقلق من تهديدات شيخوخة السكان، معتبرة أنها بمثابة خسارة للعائد الديموغرافى فى ظل انخفاض عدد السكان فى سن العمل، بما يترك أثره على النمو الاقتصادى والعديد من المجالات العسكرية، وعلى الأداء الاقتصادى للدول الغنية والدول النامية على السواء، فى مقابل ارتباط شيخوخة المجتمع بوجود ارتفاع مطرد فى المخصصات المالية الموجهة للنظام الصحى والرعاية الاجتماعية لكبار السن، فضلاً عن ارتفاع معدل الإعالة العمرية للمسنين لنحو 15 ٪ من السكان فى سن العمل فى عام 2023 مقابل 11 ٪ فى عام 2000.
أضاف المركز أن ما يميز الاقتصاد الفضى أنه متعدد القطاعات ولا يركز على قطاع واحد، وبذلك يمكن لهذا التحول الديمُوغرافى أن يصبح محركًا للتنمية الاقتصادية والاجتماعية؛ إذ استثمرت الدول تحولاتها الديموغرافية فى تطوير حلول مخصصة لسوق الشيخوخة بما يخدم النمو الاقتصادى والتنمية المستدامة من خلال دعم القطاعات المعنية بكبار السن.
عن كبار السن فى مصر، أوضح المركز أن تعداد كبار السن من الفئة العمرية 65 عامًا فأكثر شكَّل نحو 5.7 ٪ من إجمالى السكان حتى يناير 2024 أى نحو 6 ملايين مسن، مع توقع البقاء على قيد الحياة حتى عمر 69.1 سنة للذكور و74.1 سنة للإناث، وما زال المسنون فى مصر يساهمون فى النشاط الاقتصادى ويؤدون دورًا فى حركة سوق العمل؛ حيث بلغ عدد المسنين فى قوة العمل والمشتغلين فى الوقت نفسه «65 عامًا فأكثر» نحو 419 ألف فرد خلال عام 2023 بنسبة 1.3٪ من إجمالى قوة العمل و1.4 ٪ من إجمالى المشتغلين، وفقًا لبحث القوى العاملة لسنة 2023.
أوضح التحليل أن رؤية مصر 2030 ترتكز على ستة أهداف استراتيجية، من بينها الهدف الثانى الخاص بـ»العدالة الاجتماعية والمساواة»، والذى يستهدف توفير الحماية الاجتماعية، وتقليل التفاوتات بين الفئات الاجتماعية؛ ومنها توفير الرعاية اللازمة لكبار السنِّ.
من أجل توحيد وتنظيم الجهود الخاصة برعاية كبار السن تعمل الحكومة المصرية فى إطار استراتيجية خاصة بالمسنين تسعى إلى توفير الرعاية الاجتماعية لهم، وتطوير وتحسين مستوى الخدمات المقدمة لتلك الفئات وتمكينها وتحويلها إلى طاقة بناءة. وهناك العديد من البرامج والمبادرات المعنية بكبار السن، منها:
الرعاية الصحية: حيث تم اطلاق برنامج «الرعاية الصحية المستمرة لكبار السن» فى الأول من شهر أكتوبر من عام 2022؛ لتقديم الخدمات الطبية وتحسين جودة الحياة الصحية لكبار السن فوق الـ65 عامًا، بالكشف المبكر عن المشكلات الصحية الأكثر شيوعًا فى هذه المرحلة العمرية.
.. وتوفير المؤسسات الخاصة برعاية الكبار حيث أصبح هناك نحو 175 دارًا للمسنين موزعين على 22 محافظة، و191 ناديًا للمسنين على مستوى الجمهورية، و52 وحدة علاج طبيعى، و26 مركز تأهيل.
وهناك أيضاً مبادرة رفيق المسن: التى اطلقتها وزارة التضامن الاجتماعى، لتقديم الرعاية الشاملة اليومية للمسن ومساعدته فى أداء وظائفه ومهاراته الحياتية داخل منزله أو فى غيرها من الأماكن التى يوجد بها المسن؛ حيث تقوم المبادرة على تأهيل وتدريب الشباب للعمل كمرافقين للمسنين والتنسيق مع الجمعيات الأهلية الشريكة لتقديم الخدمة بأسعار مناسبة وبرنامج الدعم النقدى «كرامة»: استهدف الجانب الخاص ببرنامج «كرامة» عدة فئات من بينهم المسنون بعمر يبدأ من 65 عامًا، ومَن هم أصحاب عجز أو مرض مزمن يمنعهم عن العمل، والأيتام الذين لا ينالون الرعاية من الأب أو الأم بل من الأقارب من الدرجة الثانية أو أبعد من ذلك، وقد وصل عدد المستفيدين من البرنامج أكثر من 1.8 مليون شخص حتى منتصف شهر أغسطس عام 2024.
بينما يوجد مبادرة العمر الذهبى: وتهدف الدمج المجتمعى للفئات الأولى بالرعاية ومنها فئة كبار السن، من خلال تقديم أنشطة ثقافية ودينية وترفيهية وإبراز مواهب وقدرات كبار السن، بالإضافة إلى تصحيح النظرة المجتمعية لدور رعاية وأندية المسنين، ونشر الوعى المجتمعى بقضايا كبار السن.
كما تعمل الدولة على تخفيض تكلفة المعيشة: بإعفاء المسنين فوق سن 70 سنة من مصروفات المواصلات العامة وتشمل السكك الحديدية ومترو الأنفاق، وإعفاء الذين بلغوا 65 سنة بنسبة 50٪، وتتحمل الوزارة سداد التكاليف عوضًا عنهم.