سيناريو متفق عليه من قوى مختلفة
فى مشهد دراماتيكى تم تسليم سوريا للفصائل المسلحة «تسليم أهالي» على رأى التعبير المصرى الدارج دون أدنى مقاومة.. سيطرت الفصائل على المدن السورية الواحدة تلو الأخرى إلى أن دخلوا دمشق من غير «إحم ولا دستور».. الكل «باع» الأسد.. الجميع تخلوا عنه.. أتباعه فى الداخل وحلفاؤه فى الخارج باعوه وفى انتظار الثمن.. يتردد أن هذا السيناريو تم الاتفاق على تنفيذه بين قوى إقليمية ودولية ويبدو أن بشار الأسد نفسه قد وافق عليه مقابل الخروج الآمن له وعائلته.. والهدف إبعاد روسيا وإيران الداعمين الرئيسيين لنظام الأسد مقابل امتيازات لموسكو وطهران حسب ما يتردد حيث تخلت طهران عن الوقوف بجانب النظام السورى وقامت بسحب مسلحيها ومستشاريها من دمشق.. أما موسكو فتلقت تعهدات بعدم المساس بقواعدها العسكرية فى سوريا مع حلحلة أزمتها مع أوكرانيا.. ليبقى السؤال: لماذا سقطت سوريا الأن رغم مرور ما يقرب من أربعة عشر عاماً على هذا الصراع ورغم هدوء الأوضاع قبل هذا السقوط ولمصلحة من كل ماحدث وماجري؟.
إنه ليس دفاعاً عن بشار الأسد فالرجل كانت له أخطاؤه التى أوصلته إلى هذا المصير وإنما دفاعا عن الدولة السورية التى صارت مستباحة للتوغل والقصف الإسرائيلى بمجرد سقوطها حيث شنت إسرائيل هجمات واسعة ونفذت أكثر من 350 ضربة ضد أهداف إستراتيجية فى سوريا بعد مرور سويعات فقط على انهيار نظام الأسد ودمرت معظم مخزونات الأسلحة الإستراتيجية من قواعد جوية ومستودعات الأسلحة والقذائف بعيدة المدى والصواريخ والطائرات المقاتلة والمروحيات والدبابات وأجهزة الرادار وحظائر الطائرات و15 قطعة بحرية وأحكمت إسرائيل قبضتها على المنطقة العازلة التى قامت بتوسيعها بعد إجلاء قسرى لسكان القرى وسيطرت على جبل الشيخ وذكر بيان لجيش الاحتلال بأنه تم تدمير 80٪ من أسلحة سوريا الإستراتيجية وإضعاف قدرات الجيش السوري.
يبدو أن النظام الجديد فى سوريا قرر تسليم بلاده لإسرائيل «تسليم أهالي» أيضاً وهو ما ظهر فى تصريحات قائد هيئة تحرير الشام أحمد الشرع الذى كان يدعى قبل سقوط دمشق «أبو محمد الجولاني» الذى قال إن دخول الجيش الإسرائيلى إلى الأراضى السورية يتم بالتنسيق معهم وبعدها قال نتنياهو بأنه يريد إقامة علاقات مع النظام الجديد فى سوريا لكن إذا سمح هذا النظام لإيران بالعودة ونقل أسلحة إلى حزب الله سنرد بقوة ليرد عليه الجولانى بقوله إن «سوريا لن تدخل فى حرب جديدة وليست مستعدة لحرب أخرى وأن أكبر تهديد لنا هو حزب الله والميلشيات الشيعية المدعومة من إيران فى سوريا».. بعد هذه الرسائل المتبادلة بين دمشق وتل أبيب يمكن القول «كل شيء إنكشفن وبان» على رأى الكوميديان الراحل عبدالمنعم مدبولى فى مسرحية «ريا وسكينة» فالهدف مما حدث ويحدث فى سوريا هو تحييد إيران وتقليص نفوذها فى المنطقة وقطع إمدادات السلاح والعتاد الإيرانى إلى سوريا ولبنان وتفكيك وحدة الساحات الداعمة للمقاومة فى حرب غزة والتى أرعبت إسرائيل وجعلتها تحارب على أكثر من جبهة وربما يكون الدور القادم على العراق أما اليمن فالغارات الأمريكية والبريطانية تقوم بالواجب!.