«الشبكة» جزء رئيسى من عادات الزواج فى مصر، تختلف قيمتها وشكلها ما بين الريف والمدن، ويختلف طابعها باختلاف المستوى الاجتماعى والاقتصادى للأسرة، لكنها كانت حاضرة وبشدة فى أى زواج ويجرى شراؤها مع «دبل الخطوبة» فى أولى خطوات تأسيس بيت جديد.
وفى الفترة الأخيرة مع الارتفاع فى أسعار الذهب- بسبب الأزمة الاقتصادية العالمية- أصبحت «الشبكة» عقبة كبيرة أمام المقبلين على الزواج، فأقل «شبكة» ستحتاج إلى مبلغ ضخم، فضلاً عن ارتفاع أسعار معظم مستلزمات الزواج مثل الأجهزة الكهربائية والأثاث والمفروشات وغيرها.
«الجمهورية الأسبوعي» فى هذا التحقيق تطرح عدداً من التساؤلات حول أهمية الشبكة وحفل الزفاف فى أى مشروع زواج، وهل يمكن للأسر ان ترشد الإنفاق وأن تخفف الأعباء عن العريس لأجل إتمام الزواج وإقامة علاقات أسرية سليمة.
> سعاد محمود «25 سنة» قالت: إن تكاليف الزواج أصبحت كثيرة وإن والدها قرر التيسير على شاب تقدم لخطبتها فى السابق بأنه لم يطلب شبكة والاكتفاء بدبلة فقط وتنازل عن اقامة الفرح وبالرغم من ذلك فإن الشاب تأخر كثيرا فى شراء الدبل مما دفع والدى لرفض إتمام الزواج. وأضافت سعاد: أنه بعد فترة تقدم لها شاب آخر وهو خطيبها الحالى والزواج بعد 5 أشهر وقام بشراء شبكة من دون أن نطلب، مبينة أن ظروف الشابين المالية متشابهة ولكن أحدهما يعلم معنى المسئولية والآخر لا يعرفها.
> إسراء على «30 سنة مطلقة ولديها طفلة» قالت :إن أهلى لم يطلبوا شبكة وتزوجت بأبسط الأشياء وفى النهاية قرر زوجى طلاقى وتركنى أنا وبنتي، وتنصح الفتيات بالتمسك بكل حقوقها ولا تقدم فيها تنازلات، موضحة أنه فى حال عاد بها الزمن إلى الوراء لتمسكت بكل شروطها.
> شادية أحمد «50 سنة» قالت: تزوجت بدون شبكة نظرا لأننا كنا حديثى التخرج، وبعد الزواج عوضنى زوجى بعدد من الهدايا الذهبية، الأن لدى بنت فى سن الزواج ولا أفكر فى زواجها دون شبكة لأنها جزء من مهر ابنتي.
ثقافات متأصلة
> الدكتور جمال فرويز استاذ علم النفس قال: إن ذهب الشبكة وحفل الزفاف ثقافة مصرية متأصلة لا يمكن الاستغناء عنها بأى شكل من الأشكال وواهم من يقول بغير ذلك وبالتالى لن تتأثر هذه الثقافة بغلاء الذهب أو رخصه ولكن من الممكن أن يؤثر هذا الغلاء فى الكمية المتفق عليها بين العريس وأهل العروسة هذا بالنسبة لأهل القاهرة ووجه بحرى فقد يكون هناك مرونة أكثر فى ظل هذا الغلاء، ولكن بالنسبة لأهل الوجه القبلى أهل الصعيد فإن لديهم قناعه بأن العريس يجب أن يتقل عروسته بالذهب مهما كانت الظروف والامكانيات وأن تقام الأفراح والليالى الملاح ودعوة القاصى والدانى وصرف أموال طائلة فى هذا الحفل ولا يتنازلون عن هذه الشرط أبدا.
أضاف فرويز: أما بالنسبة للاستغناء المطلق عن الشبكة وحفل الزفاف مقابل المساهمه والمشاركة فى شراء الموبيليا والاجهزة الكهربائية وغير ذلك من أساسيات الزواج فلا يمكن أبدا أن يحدث ذلك نظرا لوجود فارق كبير جدا بين الثقافة المكتسبة والثقافة الراسخة والشبكة وإقامة الافراح لدى الشعب المصرى ثقافة راسخة لا يمكن التنازل عنها.
> الدكتور عطية لاشين أستاذ أصول الفقه بجامعة الأزهر وعضو لجنة الفتوى قال: على اولياء المخطوبة تيسير وتسهيل أمر الزواج والتغاضى بشكل كبير عمن لم يكن أساسيا فى تأسيس الحياة الزوجية إذاء ارتفاع الاسعار فمثلا بدلا من أن نطالب بشبكة فى حدود معينة يجب أن نطالب بأقل من هذه الحدود لانها ليست أساسية فى موضوع اتمام الزواج ويمكن من باب العفو والتسامح التغاضى عنها بالمرة وادخال قيمتها فى شراء الموبيليا والأجهزة المطلوبة لاستمرار واستدامة الحياة، كذلك الحال بالنسبة لإقامة حفل الزفاف الذى لا يعود بالنفع فإذا فعلنا ذلك تم الموضوع بيسر وبسهولة وكنا نحن المستفيدين وليعلم الجميع ان سيدنا محمد صلى الله عليه وسلم قال «أكثر الزواج بركة أخفهن مؤنة».
> الدكتور وليد هندى استشارى الصحة النفسية والتربوية والإرشاد الأسرى قال إنه يوما بعد يوم يزداد الزواج تعقيدا وتزداد الطلبات المادية لدرجة أن أدق التفاصيل الآن تحمل الزوج والزوجة والأسرة ما لا طاقة لهم به حتى أن تفاصيل الكوشة والفرح و«الفوتو سيشين» والكوافير والأكل وعدد الطاولات بالقاعة والفرقة التى ستعزف فى حفل الزفاف ورسم الحنة وشكل المفروشات ونوع التورتة شيء صعب جداً مع سعر الذهب والمغالاة فيه.
أشار إلى أنه قديما إذا تمكن الشاب من جلب شبكة بـ 10 آلاف جنيه كان يشار إليه بكونه رمزا يحتذى به، أما الآن فلا يكفى هذا المبلغ شراء دبلة الخطوبة فقط وهذا الأمر جعل هناك تراجعا كبيرا وملحوظا فى معدلات الزواج ولكنى أرى ارتفاع أسعار الذهب لن يكون له تأثير كبير لأنه فى بعض البيئات يطالب أهل العروس بأمور أكثر من الشبكة ونحن رأينا بأنفسنا هذا حينما أصر أهل العريس على أن يحضر أهل العروسة مع شوارها بقرة وفى بيئات أخرى تعقيدات أخرى أصبحت تريند على السوشيال ميديا ولهذا لن يؤثر كثيرا هذا الارتفاع فى سعر الذهب على عملية الزواج ويمكن التغلب عليه بأن يمكن اللجوء للجواهرجى بعمل شبكة شكلية بحيث تظهر بشكل أكبر من حقيقتها بسعر منخفض، ويمكن شبكة فضة أو أن يلجأ البعض للذهب الصينى مثلا، أو يساهم أهل العروسة فى تكاليف الفرح لأنه فى بعض البيئات يقوم أهل العروسة بإضافة ذهب ابنتهم الذى اشتروه لها سابقا وهى فى كنفهم وكذلك قد يقوم والد العروسة بالتكفل بمصاريف الفرح.
أكد د. وليد انه لابد من التيسير والنظر الى الزواج على أنه الهدف الأسمى منه هو السكن والمساكنة فالزوج قادم على الزواج من أجل اقامة أسرة وعمل ترابط ومن المهم جداً عدم عرقلة هذه العلاقة بعدم وضع العراقيل والمشكلات للتيسير على البنات وحتى يحسن الزوج فيما هو قادم فى التعامل معها مستقبلا وإلا يلجأ معها إلى السلوك الانتقامى وتظهر الخلافات الزوجية ومن ثم الطلاق. ولفت إلى أن الشبكة فى الزواج تمثل قيمة رمزية تعبر عن التقدير ولكن إذا وجد فيها المغالاة فستصبح بداية النهاية وأول مسمار فى نعش العلاقة الزوجية.
الأولويات أولا
> الدكتورة إيمان عبدالله أستاذ علم الاجتماع قالت أنه فى ظل ارتفاع الاسعار وزيادة المصروفات فاصبح نظر المجتمع يذهب للاولويات ثم بعد ذلك الاشياء الأقل أولوية ومع ذلك فإن هناك اعتقادا راسخا مصريا بأن الذهب والفرح من العادات المتوارثة ولا يوجد ما يؤكد أن هذه العادات أمر إجباري، ومن هنا بدأت فتيات كثيرة الخروج عن نطاق العادات والتقاليد وتستشعر بأن بها او زوج المستقبل أهم بكثير من بعض جرامات الذهب واقامة الفرح، وهناك تجارب كثيرة حضرتها بنفسى واصبحت بعض البنات تختار أشياء بسيطة جداً بما يتوافق مع امكانيات الزوج أو حتى يتم إدخال هذا المال فى امكانيات المنزل وتجهيزه وممكن بتكاليف الفرح يذهب العريس والعروسة لأداء العمرة أو الذهاب لرحلة داخل مصر أو خارجها هذا فى حالة عدم الاستطاعة يمكننا الاستغناء أما إذا كان العريس يستطيع جلب الشبكة وإقامة الفرح فهذا جائز وكل هذا راجع فى نهاية الامر إلى المجتمع والبيئة التى نشأ فيها الشخص والفتاة المقبلان على الزواج.