يُعد زواج القاصرات من الممارسات الضارة التى تؤثر سلباً على الفتيان والفتيات.. وإن كان التأثير أشد خطراً على الفتيات، لأن هذا الزواج يمنع الفتيات من التمتع بحقهن فى الحصول على الأوراق الثبوتية، مما يترتب عليه حرمانهن من الخدمات لها ولأولادها فى مجالات الصحة والتعليم والترفيه وكل ما يتعلق بالحقوق التى تحصل عليها من الدولة المنصوص عليها فى المواثيق الدولية، إضافة إلى تدنى الخدمات الاجتماعية والاقتصادية للمرأة.
بلغت نسبة الفتيات اللاتى يتم تزويجهن قسرياً بمصر وفقاً لتقارير منظمة «اليونيسيف» لعام 2019 نحو 19٪، وأكد التقرير أن تلك الظاهرة تنتشر بشكل كبير فى بعض المجتمعات الفقيرة، نظراً لزواج الأقارب وعدم التعليم وفى ظل غياب المواد القانونية التى تجرّم وتمنع زواج الأطفال داخل المنظومة القانونية المصرية طبقا لما ورد فى المادة «31» مكرر من قانون الأحوال المدنية 143 لسنة 1994، التى نصت على أنه لا يجوز توثيق عقد زواج لمن لم يبلغ من الجنسين ثمانى عشرة سنة ميلادية، بشرط الفحص الطبى للراغبين فى الزواج للتحقق من خلوهما من الأمراض التى تؤثر على حياة وصحة كل من الزوجين ونسلهما، ورغم ذلك إلا أن المجتمع مازال يصر على مخالفة هذا النص بالمخالفة القانونية من خلال عقد عرفى لدى محام أو بعض المأذونين لحين بلوغ السن القانونية، الأمر الذى يترتب عليه ما لا تحمد عقباه من مشاكل مجتمعية وأسرية لا حصر لها.
لا شك أن مثل هذه الزيجات تؤدى إلى زيادة معدلات الإجهاض ووفيات الأمهات أثناء الحمل، حيث تحدث 70 ألف حالة وفاة سنوياً للأمهات بحسب احصائية اليونيسيف لسنة 2009، ومن ناحية أخرى يزداد خطر وفاة المولود بنسبة 60٪، كما أن الطفل المولود لأم تحت سن «18 سنة» يكون أكثر عرضة للإصابة بنقص الوزن عند الولادة وسوء التغذية وتأخر النمو البدنى والإدراكي، وهذا النوع من الزواج يترتب عليه كثير من المشكلات الأسرية والمجتمعية منها التفكك الأسرى الذى زادت نسبته بكثرة عما قبل وزيادة نسب الطلاق وارتفاع معدلات العنف وعدم القدرة على تربية الأطفال تربية صحيحة تلبى احتياجاتهم وكذلك ارتفاع معدلات نسب العنف المجتمعى والتسرب من التعليم وزيادة انتشار الأمية، الأمر الذى يترتب عليه ارتفاع فاتورة الرعاية الصحية والعلاج على نفقة الدولة مع زيادة نسب أطفال الشوارع نتيجة للتفكك الأسرى وزيادة حالات الطلاق، مما يترتب عليه زيادة الضغط على الدولة وتحجيم قدرتها على توفير الخدمات الصحية والتعليمية الجيدة فى ظل الزيادة السكانية المطردة، مما يفرض على الدولة أعباء اقتصادية، خاصة على المستوى الوطنى من مستشفيات ومدارس ومراكز شباب ومساكن وطرق وتوفير ما يلزم من مواد غذائية وتموينية.
نظم الاتحاد النوعى لدعم الصحة الإنجابية تحت التأسيس بمشاركة جمعية تحسين أوضاع المرأة والطفل بسوهاج بالتضامن مع محافظات قنا والقليوبية والبحيرة من خلال 44 جمعية وبدعم من هيئة «بلان انترناشونال» مائدة مستديرة بهدف عرض ورقة سياسات خاصة بتجريم تزويج الأطفال برعاية على مبارك رئيس الاتحاد ورئيس جمعية تحسين أوضاع المرأة والطفل.
وبحضور د.فيروز عمر مدير مشروع تمكين الشباب ومنظمات المجتمع المدنى لدعم حقوق الصحة الإنجابية بهيئة «بلان» وطارق فرج عضو منتدى مناهضة العنف القائم على النوع الاجتماعي.
كان للمائدة عظيم الأثر بحضور نواب سوهاج وقنا عن حزب مستقبل وطن النائبة عبلة الهوارى عضو اللجنة التشريعية والدستورية بمجلس النواب والنائب المهندس محمد لبيب وكيل لجنة الشباب والرياضة والنائبة المهندس رقية الهلالى والنائب خالد أبوالوفا عضو مجلس الشيوخ والنائبة نجوى خلف وعدد من قيادات المؤسسات والجمعيات الأهلية وأعضاء الاتحاد النوعى لدعم الصحة الانجابية تحت التأسيس وعدد من الإعلاميين البارزين.
أوصت المائدة بأهمية التوعية بالقضية من خلال حوار مجتمعى مع إبراز خطورة تزويج الأطفال مع ضرورة التعاون مع الأزهر الشريف والأوقاف والثقافة، بالإضافة إلى تجريم تزويج الأطفال من خلال عقوبات رادعة لمرتكبى مثل هذه الجرائم، كما أوصى الحضور بتعديل قانون العقوبات المصرى رقم «58» لسنة 1937 تجرم كل من شارك أو ساهم أو حرض أو دعا لتزويج الصغار.
تبنى النواب الذى حضروا المناقشة هذه القوانين والعمل على تعديلها من خلال عرضها على البرلمان والمطالبة بإصدار تشريعات جديدة إذا لزم الأمر حتى يرتدع كل من تسول له نفسه الإقدام على هذا الفعل.