سنوات عديدة مرت عملت خلالها فى حقل الدعوة الاسلامية اماما وخطيبا بالمساجد مرورا بدرجات متفاوتة فى العمل الادارى . كنت فى كل المراحل قريبا من رجال الدعوة محافظا عليهم ومدافعا عنهم مفندا مايكال لهم من اتهامات وتخرصات وكنت أرى أنهم من الفئات المستضعفة التى يجب الأخذ بأيديها للعبور الى بر الأمان . قابلت علماء وجهابذة ورجال دعوة حفروا لأنفسهم طريقا ورسموا لأنفسهم مكانه فى قلوب رواد المساجد وتركوا بصمات واضحه لاتنكر حتى اليوم. ورحم الله من فاضت أرواحهم فهم نماذج مضيئة ومشاعل وعنواين لايمكن نسيانها. كانوا يدركون أن مهمه رجل الدعوه انه يؤدى رسالة وليست وظيفة وبالتالى لم يتذرع أحدهم ذات مرة بضيق ذات اليد أو انه يعانى شظف العيش أو أن الدنيا لاتعطيهم كغيرهم. وبارك الله فى أولادهم وذرياتهم فكانوا خير عون لهم وكانوا عوضا عن مراحل متعسره عاشوها فى حياتهم الأولى . وقابلت منهم من دخل مجال الدعوة بطريق الخطأ فكانوا أداة للعرقلة ووضع المتاريس أمام فهم جوهر الدين الحنيف الذى يدعونا الى التراحم والتواد واستنهاض الهمم . وكم من المرات عانيت من نصيحة هذه الشريحة الا أنهم كانوا يتمادون فى غيهم . وقد كان يؤلمنى مطاردات الأهالى لهم وعزوف الناس وانصرافهم عن المساجد التى يتواجدون فيها والمؤسف أن بعضهم كانت تأخذه العزة بالاثم . وفى تقديرى أنه من الأولويات فى هذه المرحلة التى نحياها ضرورة الوقوف على نفسيه من يتصدى للعمل الدعوى أسوة بما يحدث مع طلاب كليات الشرطه والقضاء وهذا ليس افتئاتا ولاخروجا على المألوف . اذ لابد من السلامه النفسيه حتى يستطيع رجل الدعوة احتضان الناس والوقوف على مسافة واحدة مع رواد مسجده . فهو أمام للجميع ولايمكن أن ننسى مولانا الراحل الشيخ عبد السلام أبو الفضل أحد أعلام الأوقاف وامام وخطيب مسجد المتولى بمدينه المحلة الكبرى . فقد كان الناس يقصدونه من كل صوب وحدب . ومن كل شرائح المجتمع لافرق بين المثقفين والعوام.. وعلى وتيرته كان العلامة الشيخ اسماعيل صادق العدوى امام الجامع الأزهر فقد كان عالما موسوعيا وزاهدا من طراز فريد ومازال الناس يتحسرون
على فقدانه ولن ننسى له خطبته الجامعة عقب الزلزال الكبير فى صدر التسعينيات فقد أبكى المصريين جميعا واستنهص الهمم.الكثيرون مازالوا يؤدون رسالتهم حبا فى الدين وتبصيرا للناس فى كل مايهم حياتهم .وفى كل الأزمات التى تعرض لها الوطن كانوا فى خندقه ومعه وهذا لايتعارض البتة مع جوهر الدين لاسيما وقد علمنا أن حب الوطن من الايمان . وتظل مهمه الداعى الى الله رساله ليتنا جميعا ندرك ذلك . ولنا فى رسول الله صلى الله عليه وسلم القدوة والمثل والنموذج المتفرد فقد كان محبا لوطنه رغم ماناله من ويل وثبور وعنت ..