الأمثال الشعبية لم تترك لنا صغيرة أو كبيرة فى مجالات الحياة إلا وتناولتها، ولا يخلو موقف أو واقعة من اللجوء لمثل أو مقولة للتدليل على الحديث أو إقناع المستمع بوجهة نظر ما.. وهو بالضبط ما جرى عند حديثى مع رجل بسيط شكا لى من عدد التعاقدات الكروية فى الأندية ونسبة الفشل فيها، والتى تجاوزت فى بعض الأحيان 50 فى المائة من عدد هذه الصفقات وخاصة الأجنبية منها..
الرجل البسيط والبعيد عن ممارسة كرة القدم، أو التعرف على فنونها وقواعدها، والذى يجهل قواعد الاسكاوتنج والخرائط الحرارية للاعبين وغيرها من المفاهيم والمسميات الكروية، أكد أن عدم مراقبة اللاعب أو الصفقة وتتبع خطواته ومسيرته وردود فعله المختلفة، يجعل نسب نجاح أى صفقة قليلة ومتناهية.. وأن كل فريق أو ناد يمتلك كتيبة من النجوم أصحاب الخبرات الممتدة، وبالتالى يمكنه تكليف بعضهم بمراقبة وتتبع اللاعب المستهدف وإعداد تقرير عنه، وبالتالى الابتعاد عن نظرية البطيخ ودرجة احمراره، ومواجهة المزيد من الفصول البايخة، واتهامات اهدار المال العام أو تسهيل الإهدار أو الاستيلاء عليه..
كم من الصفقات التى وردت إلى ملاعبنا لمجرد السماع عن أصحابها عن طريق صديق أو قريب، وتحملت الأندية الملايين تباعا فى سبيل التعاقد معها، وثبت فشلها فيما بعد، وأن ما سمعناه كان نوعا من أنواع تحلية البضاعة فى عيون المشترى، ووصفها بما ليس فيها من صفات وسمات، والاعتماد على شهية الشراء المفتوحة لدى الأندية ع الفاضى والمليان.. ولا يجب أن تستثنى فى ذلك أحدا.. فغالبية الأندية وقعت فى المحظور فى الفترة الماضية، وتكبدت الخزائن الملايين فى سبيل تسوية مشاكلها وقضاياها مع الصفقات «الفشنك» التى لا تصلح للمرور بجوار أسوار النادي..
كانت الأندية تتميز بوفرة الخبراء أصحاب العيون الثاقبة، والقادرين على التمييز بين الصفقة الواعدة والقادرة على العطاء، وتلك التى تضر أكثر مما تنفع.. ولكن صار الأمر يتعلق الآن بمجموعة من الوكلاء والمنتفعين وعلاقاتهم القوية بأصحاب القرار فى الأندية وبالتالى القدرة على تمرير اسم صفقة أو اثنتين أو أكثر، طالما لا يوجد ما يمنع أو يحول دون ذلك.. ولا يتسع المجال هنا لسرد أو حصر أسماء صفقات أتلفها الهوى كما يقال فى مثل هذه الحالات، فالأمثلة عديدة ومتشعبة ويعلمها الجميع..
عودة الكشافين ومخططى التعاقدات وخبراء النظر والفحص أمر فى غاية الأهمية، وتحمل تذاكر طيران أحدهم وإقامته فى بلد ما لمتابعة لاعب أو أكثر ستكون أقل بكثير جدا جدا من تكلفة استقدام اللاعب نفسه أو التعاقد معه ثم الفسخ ومواجهة غرامات وعقوبات لا حصر لها، كلها إجراءات بسيطة للغاية ولكنها توفر وتحافظ على المال العام فى كل الأحوال.. استقيموا يرحمكم الله ..