أكد الدكتور أحمد كريمة – أستاذ الشريعة الإسلامية والفقه المقارن بجامعة الأزهر الشريف أن إطلاق الشائعات التى تهدد استقرار مصر خيانة عظمى ويجب محاسبة مرتكبيها لأن الوطن لا يتحمل الكم الكبير من هذه الشائعات التى تطلقها هذه الجماعات والتيارات ليلاً ونهاراً، مؤكداً أن مصر لن تسقط مهما فعلت الجماعات الإرهابية وأن مؤسسات مصر قوية لن يستطيع أى أحد اختراقها.
قال فى حواره لـ «الجمهورية الأسبوعي» إن قانون الايجار القديم مخالف للشريعة الإسلامية لأن العقود فى الشريعة الإسلامية يجب أن تكون محددة المدة وتقبل التأقيت باستثناء عقد الزواج، لكن الفوائد البنكية حلال شرعا استنادا إلى مفهوم المشاركة فى الربح والخسارة الذى كان سائدا فى عهد الرسول «صلى الله عليه وسلم»
أشار د. كريمة أن القضايا الغيبية لا ينبغى الخوض فيها بالجدل والفلسفة بل يجب التسليم بما ورد فى الكتاب والسنة، موضحا أن بعض دعاة القنوات الخاصة لم يدرس معظمهم العلوم الشرعية داخل الأزهر ويتحدثون عما لايفقهون ويحرمون على الناس ما أحله الله لهم، بل أحياناً نرى منهم من يسئ للإسلام وللمسلمين فى سائر الأرض
أكد أيضا أن الأزهر ليس مسئولا وحده عن تجديد الخطاب الدينى وطالب بأن يتم تفعيل جهات عديدة فى الوقت نفسه أدوارها مثل وزارات التربية والتعليم، الثقافة،الشباب والرياضة والتضامن الاجتماعى فضلا عن الإعلام بكل وسائطه سواء دينية أو أخري.
.. وإلى تفاصيل الحوار:
> تصر الجماعة الارهابية على مواصلة اطلاق الشائعات ضد الوطن .. كيف ترى ذلك؟
>> إطلاق الشائعات ضد مصر خيانة عظمي، ويجب محاسبة مرتكبيها؛ لأن الوطن لا يتحمل الكم الكبير من هذه الشائعات التى تطلقها هذه الجماعات والتيارات ليلاً ونهاراً أملاًَ فى إسقاط مصر، ومصر لن تسقط مهما فعلت الجماعات الإرهابية ومؤسسات مصر قوية لن يستطيع أى أحد اختراقها، وإطلاق الشائعات جريمة بشعة ولا يجب أن تمر مرور الكرام، حيث إنه فى أيام الرسول «صلى الله عليه وسلم» اجتمع عدد من المنافقين وبدأوا يطلقون الشائعات ضد الرسول وضد جيش المسلمين، وفى عهد سيدنا موسى أطلق بنو إسرائيل شائعات ضده، وكذلك فى عهد سيدنا عيسى عليه السلام اطلق اليهود شائعات ضده وضد أمه، وهذا يؤكد لنا أن الشائعات أمر ليس جديدا أو مستحدثا، ولكن من الواجب والضرورى التوعية ولا نلقى لهذه الشائعات بالاً فيجب توعية الناس بخطورة هذه الشائعات التى تستهدف النيل من وطننا وبلدنا، وأتمنى أنه إذا ثبت على أى مواطن التورط فى إطلاق شائعات ضد الوطن فيجب إسقاط الجنسية عنه فوراًَ، لأنه يجب ألا يكون هناك مكان بيننا للعملاء، فيجب تغليظ العقوبات حتى يلتزم الجميع.
> وكيف تصف اصرار بعض الأفراد والجهات الممولة للتشكيك فى الإنجازات التى تمت فى الفترة الأخيرة؟
>> الفضاء الإلكترونى والإعلامى امتلأ بقول الزور، وأصبحت ظاهرة مؤسفة وجريمة مركبة لأن قول الزور يدخل فيه قول اللسان أو الكتابة والتلفيق والتزوير عبر السوشيال ميديا والفيديوهات المركبة واستخدام الذكاء الاصطناعى فى الافتراء، وهذه الجريمة ارتكبها عديمو الديانة والعقيدة والشرعية من المنافقين فى عهد النبى محمد «صلى الله عليه وسلم» نفسه، وفصائل الإرهاب الفكرى من التكفيرين يلجأون دائماً إلى هدم الرموز، وبالتالى فكل شخص يشكك فى الإنجازات تسمى جريمتهم ارجاف وفق ما ذُكر فى القرآن، حيث نجد مرتكبو هذه الجريمة ينشرون الأكاذيب والأباطيل لهدم المجتمع والرموز، وعقاب هذه النوعية أن كل بؤرة اجرام شرعا يجب إسقاط الجنسية عنهم لأن هذا ليس حرية فكر ولكن تطاول، والقرآن حكم عليهم باللعن
> كيف ترى قانون الايجار القديم فى الشريعة الإسلامية؟
>> قانون الايجار القديم مخالف للشريعة الإسلامية، لأن العقود فى الشريعة الإسلامية يجب أن تكون محددة المدة وتقبل التأقيت باستثناء عقد الزواج، كما أن تأبيد العقود يبطلها من الناحية الشرعية؛ لذلك نجد أن قانون الايجار القديم أدى إلى تحويل المستأجر إلى مالك فعلى للعقار على خلاف نصوص العقد الأصلية مما يعارض مبادئ الشريعة الإسلامية.
> ما حكم الدين فى فوائد البنوك؟
>> الفوائد البنكية حلال شرعا استناداً إلى مفهوم المشاركة فى الربح والخسارة الذى كان سائداً فى عهد الرسول «صلى الله عليه وسلم»، أما الربا الحقيقى هو ما يتمثل فى زيادة مقدار المال المقترض عند السداد وهو محرم شرعا.
> ماذا عن الأشخاص الذين ينفون وجود عذاب القبر؟
>> القضايا الغيبية لا ينبغى الخوض فيها بالجدل والفلسفة، بل يجب التسليم بما ورد فى الكتاب والسنة، والأولى بالإنسان أن يهتم بعالم الشهادة بدلا من الخوض فى علم الغيب، فالحديث عن عذاب القبر يجب أن يدفع الإنسان للتفكر فيما أعده لنهايته بدلا من التشكيك فيه، كما أن السؤال فى القبر ثابت فى الأحاديث النبوية حيث يُسأل الإنسان عن ربه ودينه والنبى الذى بعث فيه.. وهذه أمور جاءت بها النصوص الشرعية ولا مجال لإنكارها، ولكن فكرة نعيم أو عذاب القبر قد تختلط على البعض مؤكدا أن الزمن بالنسبة لنا نسبى أما عند الله فلا يوجد ماض أو مستقبل.. والدليل أن الله تعالى قال : «أتى أمر الله فلا تستعجلوه»، وهناك نصوص تثبت وجود النعيم والعذاب فى القبر وليس مجرد خيال أو اجتهاد بشري
لماذا أطلقت مشروع التقريب بين المذاهب؟
بسبب الصراعات والمشاكل القائمة فى المنطقة، فالكل يرى ما يحدث من تدمير وتخريب بسبب الصراع السياسى بين دول تجهل أن الإسلام هو دين الإنسانية والتعايش السلمى بين الناس رغم اختلاف مذاهبهم لقوله تعالى «وجعلناكم شعوبا وقبائل لتعارفوا»
ما رأيك فى ظاهرة دعاة القنوات الخاصة؟
هؤلاء الدعاة لم يدرس معظمهم العلوم الشرعية داخل الأزهر ويتحدثون عما لايفقهون، ويُحرمِّون على الناس ما أحله الله لهم، بل أحيانا نرى منهم ما يسئ للإسلام وللمسلمين فى سائر الأرض،فهؤلاء أحد الأسباب الرئيسية فى انتشار ظاهرة الخوف من الإسلام المعروفة باسم «الإسلاموفوبيا» بسبب فتاوى التكفير التى يطلقونها على الملأ دون معرفة ، ولذلك فقانون تعظيم الفتوى الجديد سوف يحمى المجتمع من مثل هذه الأمور.
ما رؤيتك لتجديد الخطاب الدينى والاجتهاد فى الفكر الاسلامي؟
المنطقة تمر بتوترات من ناحية الأمور السياسية والمجتمعية، وعلى وجه العموم فإن المؤسسات الإسلامية بخير فالأزهر الشريف ظل وحده هو المسئول عن الشئون الإسلامية وفقا لنصوص الدستور ولكن للأسف ثمة كيانات أخرى ذات توجه سلفى بات لها حضور قوى فى المشهد، وأخذت تمارس الإفتاء والوعظ والخطابة مركزة على أمور لا ترقى إلى الجوهرية بل تتسم بالهامشية مما أدى الى التفتت والتشتت فى مسائل فقهية عديدة كما أن فتاوى هذه الكيانات تناقض منهج الأزهر، وتجاوز هذه الفجوة الحضارية ليس منوطا بالأزهر فحسب وإنما من الأهمية أن يتم تفعيل جهات عديدة فى الوقت نفسه أدوارها مثل وزارات التربية والتعليم، الثقافة, الشباب والرياضة والتضامن الاجتماعى فضلا عن الإعلام بكل وسائطه سواء دينية أو أخري، ومن ثم فإنه يجب بناء منظومة متكاملة دون أن يتحمل الأزهر المسئولية وحده فذلك ظلم بين له, فالمجتمع كله مسئول عن الخطاب الدينى ومهمة تجديده وتقديمه على نحو يعلى من منسوب فعاليته فى حياتنا ويفتح أفق التحديث والاعتدال والوسطية الحقيقية.
لماذا انتقدت المرأة المصرية مع زوجها بينما أثنيت على الشامية؟
المرأة المصرية أعظم وزيرة مالية فى العالم لإدارتها شئون بيتها مع تدنى الأجور وارتفاع الأسعار وتستحق تعظيم سلام، لكن يعيبها كثرة الهموم والمشاكل حيث تفتقد لجرعة المشاعر فى العلاقة الزوجية..وأقول لها «اتغندرى لزوجك» مثل المرأة الشامية ففى الحديث الشريف أن امرأة وصفت بخطيبة النساء جاءت إلى الرسول «صلى الله عليه وسلم»، فقالت يا رسول الله فضل علينا الرجال بكثير، فقال: وما زال، قالت: الرجال يشهدون الجماعات والجهاد إلخ، ونحن قاعدات فى البيوت، فقال لجلسائه هل سمعتم مقالة أفضل مما قالت هذه المرأة، قالوا: لا والله، فالتفت النبى إليها فقال: افهمى أيتها المرأة واعلمى من خلفك من النساء، أن حسن تبعل المرأة لزوجها وطلبها مرضاته واتباعها موافقته يعدل ذلك كله فانصرفت المرأة وهى تهلل.
هل الشباب ملزمون بشراء شبكة من الذهب وشقة وتولى نفقات العرس؟
الرسول «صلى الله عليه وسلم» قال أيسرهن مهرا أكثرهن بركة ولم يزوج بناته بأكثر من 10 دراهم وسيدنا موسى تزوج بابنة العبد الصالح بأرض مدين نظير خدمته لأبيها 10 سنوات وذلك اسمه مهر منافع
ما رأيك فى الوشم للرجال والنساء؟
الوشم حرام شرعا للرجل والمرأة وهو جريمة لتغييره خلق الله عز وجل، ثم ان الرسول «صلى الله عليه وسلم» قال: «لعن الله الواشمات والمستوشمات»، والله أراد لنا هذه الفطرة التى يجب أن نحافظ عليها.
ما أهمية الوعى بالشأن العام.. وكيف يتحقق؟
هذا أمر فى غاية الأهمية ويتحقق عن طريق وسائل الإعلام والثقافة بما لهما من دور رئيسيفى هذا الأمر بالابتعاد عن المضر وترسيخ كل ما هو مصلحة للناس؛ لذلك كلنا نكمل بعضنا البعض ولابد أن نرجع إلى ديننا وعقيدتنا وشريعتنا وأن نعلم أن الإسلام دين ودنيا ولا يمكن الفصل بينهما بأى حال من الأحوال، وهنا يجب الاعتناء بالنشء والتربية على الثقافة الدينية السليمة بالبيت والمؤسسات التعليمية حتى لا يأخذ الشاب بعد ذلك ثقافته من الخارج بصورة خاطئة ويسير مع الجماعات المتطرفة وهذا حال الجماعات الإرهابية والخارجة عن الدولة والقانون الذين يعزلون أنفسهم عن الناس ويعيشون فى جزر منعزلة ويخربون فى أوطانهم، وينسى هؤلاء أن من يقتل نفسا واحدة كأنه قتل الناس جميعا فهذا هو فقه الدين أن يتعلموه أما من يخرب أو يقتل أو يفسد فى وطنه فهذا يلهث وراء «فقه الشيطان» وليس فقه الدين
ما أبرز قضايا الشأن العام التى تحتاج إلى توعية واهتمام؟
الأمية الدينية والثقافية ما زالت منتشرة وتعم أغلب الناس وهذا مؤثر عليهم عندما يكتسبونها من غير أهل الاختصاص، فأهل الاختصاص عليهم أن يقوموا بدورهم كل فى محله، وأهل الشرع لهم مواضع وأهل الطب لهم مواضع وأهل الزراعة لهم مواضع وهكذا فى كل المجالات
والحكم الشرعى على مسألة ما مستجدة فى أى أمر من هذه الأمور لابد أن يكون أهل الخبرة الأساس فيها من حيث المصلحة والضرر ولا يوجد أى أمر يحتاج الإفتاء من أمور الحياة إلا ويوجد رأى شرعى له
أخيرا.. ما تقييمكم لحال الدعوة والإفتاء فى مصر؟
الدعوة تقوم بمهمتها على الوجه الأكمل والأمر يحتاج الى قبول هذه الدعوة من خلال المؤهلين لها وهم أن يكونوا على درجة علمية وثقافية معينة، وهذا يتطلب تفعيل مادة التربية الدينية فى المدارس بجميع مراحلها الابتدائية والإعدادية والثانوية
ولابد أن تكون مادة الدين إجبارية أساسية كأى مادة علمية وكأى مادة فى وسائل التعليم وهذا تأسيس يجعل الإنسان مؤهلا لأن يتقبل أى مفهوم يتعلق بالإفتاء أو الدعوة وبالتالى تكون حصانة له ضد الأفكار المغلوطة التى تحوله لاتجاهات تضر المجتمع
لأنه إذا حدث ولم يكن لدى الإنسان ثقافة دينية أو علمية فهو يكون مؤهلا للأفكار المغلوطة من خلال جماعات محظورة، وبالتالى يجب أن نركز على أن تكون مادة الدين والأخلاق فى كل مراحل التعليم وهذا هو الطريق الحقيقى لمواجهة التطرف والإرهاب