>> هل يمكن أن يستمر نظام دولى فى ظل تشجيع القوة العظمى المهيمنة عليه للحروب والعدوان وإبادة البشر ووقوفها وحدها مع المعتدى ضد كل دول العالم؟!
وإذا عجزت المنظمة التى ارتضت الأمم جميعها أن تجعلها مظلة لحماية السلم والأمن الدوليين عن وقف الحروب فلمن يلجأ الضحية.. وما هى الجهة التى يمكنها إنقاذ خيار السلام على وجه الأرض؟!
استخدمت الولايات المتحدة للمرة الثالثة حق النقض «الفيتو» ضد مشروع قرار جزائرى يطالب بوقف العدوان الاسرائيلى الوحشى على غزة.. رغم موافقة ٣١ عضوا بمجلس الأمن وامتناع بريطانيا عن التصويت وهى الحليف الأول والدائم لأمريكا.. مما يعنى ان كل دول العالم تقف فى جهة وأمريكا وحدها هى التى تؤيد اسرائيل بعد أن تخلى عنها جميع الحلفاء الدولة تلو الأخري.. وبذلك فإن دولتين فقط تتحديان الاجماع الدولى وتقفان ضد الكرة الأرضية!!
بعد عجز مجلس الأمن لم يكن أمام الدول المحبة للسلام سوى الجمعية العامة التى دائما ما تجد فيها القضية الفلسطينية التأييد وان كانت قراراتها شرفية وغير ملزمة.. المهم ان الجمعية طلبت من محكمة العدل الدولية منذ عام ٢٢٠٢ ابداء الرأى الاستشارى حول تبعات الممارسات والسياسات الاسرائيلية فى الأراضى الفلسطينية المحتلة منذ عام ٧٦٩١ بما فيها القدس.. وتلقت المحكمة حتى ٥٢ يوليو الماضى المذكرات المكتوبة من الدول التى تريد ابداء رأيها وبالفعل تقدمت ٢٥ دولة بإفاداتها المكتوبة وبدأت محكمة العدل اسبوعا من الجلسات العلنية ينتهى الاثنين القادم لتقدم كل دولة مرافعتها الشفهية.. وهذه القضية تختلف عن الدعوى التى رفعتها جنوب افريقيا وتتهم فيها اسرائيل بانتهاك اتفاقية الإبادة الجماعية!!
تقدمت مصر بمذكرتين للمحكمة وأمس كانت مرافعتها الشفهية التى تضمنت عدم شرعية الاحتلال الاسرائيلى المستمر منذ ٥٧ عاما فى ظل سياسات الاستيطان وطرد الشعب الفلسطينى وتهجيره ومصادرة أراضيه وضمها وهدم المنازل ومنعه من تقرير مصيره وإقامة دولته.. إضافة إلى سياسات الاحتلال فى التمييز العنصرى وانتهاك مبادئ القانون الدولي.
وطالبت مصر بضرورة وقف سياسات الاحتلال وانسحاب اسرائيل فوريا من الأراضى الفلسطينية المحتلة وتعويض الشعب عن المآسى التى لحقت به نتيجة ممارسات العدوان وأن تمتنع دول العالم عن الاعتراف بأى أثر قانونى للإجراءات الاسرائيلية وقيام المنظمات الدولية والأمم المتحدة بمسئولياتها.
لا توجد دولة فى العالم مثل اسرائيل واجهت هذا الاجماع الدولى والاسراع فى تقديم المرافعات عند محاكمتها وإثبات التهم عليها وإدانتها.. كما انها ربما المرة الأولى التى تنظر محكمة العدل الدولية فى دعوى أقامتها جنوب افريقيا ضد اسرائيل وتضامنت معها العديد من الدول وفى نفس الوقت تعقد جلسات لإبداء الرأى ضد هذا الاحتلال وكل ذلك نصر للقضية الفلسطينية وللمقاومة!!
صحيح ان الجمعية العامة طلبت هذه الاستشارة من محكمة العدل منذ عام ٢٢٠٢ أى قبل العدوان على غزة بأكثر من سنة.. وصحيح أيضاً ان رأى المحكمة استشارى وغير ملزم وانها سبق وأصدرت قرارا منذ ٠٢ عاما ضد اسرائيل وطالبتها بتفكيك الجدار العازل لمخالفته للقانون الدولى وبالطبع لم يتم تنفيذه لأنه يصطدم بالفيتو الأمريكى عندما يتحول إلى مجلس الأمن.. إلا أن القرار فى حد ذاته إدانة دولية جديدة للاحتلال الاسرائيلى والعنصرية التى تمارسها حكومة نتنياهو الصهيونية المتطرفة.. ويكشف زيف ادعاءات واشنطن بالعدالة والديمقراطية وحقوق الانسان وانها حارسة السلام الدولي!!
أصبح من الضرورى والمحتم أن تتفق لأول مرة على نظام دولى جديد يتميز بالعدالة والإنسانية بأسرع وقت ولا يسمح لدولة بالسيطرة عليه أو يعطى لعدة دول حق الفيتو ويحرم منها باقى الدول.. ولا أدرى لماذا لا تقوم دول العالم الثالث ومن يؤيدها بالانسحاب من الأمم المتحدة وإعلان فشلها وانتهاء دورها وعجزها وإعلان نظام عالمى جديد يحقق المساواة بين جميع الدول.. فهل نرى ذلك قريباً؟!
الوحدة
>> هل مازال أحد يتذكر الوحدة بين مصر وسوريا وانه كانت هناك دولة اسمها «الجمهورية العربية المتحدة».. بل هل هناك من لا يزال يؤمن بالقومية العربية وامكانية تحقيق الوحدة أو على الأقل التكامل بين بلدان الأمة من المحيط إلى الخليج؟!
فى مثل هذا اليوم ٢٢ فبراير.. ولكن عام ٨٥٩١ وقع الرئيسان جمال عبدالناصر وشكرى القوتلى ميثاق تأسيس الجمهورية العربية المتحدة برئاسة عبدالناصر وعاصمتها القدس لتجسد «الحلم العربي» الذى ظل يداعب خيال الأجيال.. ولكنه تحطم على أرض الواقع واستيقظت الشعوب على كابوس الانفصال فى سوريا يوم ٨٢ سبتمبر عام ١٦٩١.. وهو نفس اليوم الذى توفى فيه عبدالناصر بعد ٩ سنوات!!
لم يكن الانفصال صدمة لناصر وحده.. ولكن للشعوب العربية.. ولا نبالغ إذا قلنا إنه كان كذلك لكل الدول النامية التى كانت تبحث عن استقلالها فى العالم الثالث وضربة لحركات التحرر فى افريقيا وآسيا وأمريكا اللاتينية.. حيث كان فشل الوحدة رسالة بانتصار القوى الاستعمارية وضربها أى محاولة للحرية والاستقلال السياسى عن التبعية للقوى العظمى المهيمنة على العالم!!