حدث أن تعلق ابن الزعيمة «هدى شعراوي» بمغنية وهو يراها ويسمعها لأول مرة وهى تحيى حفلاً ساهراً فى بهو قصر والدته «هدى هانم شعراوي» التى كانت قد كلفت محاميها الشهير «إبراهيم الهلباوي» بأن يحاول أن يقنع المطربة «فاطمة سري» بالحضور لإحياء الحفل بعد أن اعتذرت لارتباطها بمواعيد مسرحية مع يوسف وهبى لكنها أمام إلحاح المحامى الكبير ولأجل خاطر مكانة الزعيمة النسائية «هدى شعراوي» وافق يوسف وهبى على طلب «فاطمة سري» لتأخير دورها إلى آخر المسرحية بعد أن تعود من الحفل الذى أقامته «هدى شعراوي».
إلا أن محمد ابن هدى شعراوى تعلق بهذه المغنية ولاحقها بالحب حتى أنها حملت، وعندما أخبرته بحملها دب فى قلبه الفرح وحذرها من عدم التخلص من الجنين الذى فى بطنها وبدأ يفكر فى الزواج وكتب لها ليطمئنها إقراراً على نفسه بمسئوليته عن الجنين وأنه زواج شرعي، وترك لها الورقة المؤرخة فى الخامس عشر من يونيو سنة 1925 بنص هذه الصيغة وكتب الإقرار الكامل:
أقر أنا الموقع على هذا محمد على شعراوى نجل المرحوم على باشا شعراوى من ذوى الأملاك ويقيم بالمنزل شارع قصر النيل رقم 2 قسم عابدين بمصر أننى تزوجت الست فاطمة كريمة المرحوم/ سيد بيك المروانى المشهورة باسم «فاطمة سري» من تاريخ أول سبتمبر سنة 1924 «ألف وتسعمائة وأربعة وعشرين أفرنكية» وقد حملت منى مستكناً فى بطنها الآن فإذا انفصل فهذا ابنى وهذا إقرار منى بذلك وأنا متصف بكافة الأوصاف المعتبرة بصحة الإقرار شرعاً وقانوناً وهذا الإقرار حجة على تطبيقاً للمادة 135 من لائحة المحاكم الشرعية وإن كان عقد زواجى بها لم يعتبر إلا أنه صحيح شرعى مستوف لجميع شرائط عقد الزواج المعتبرة شرعاً.
وعندما تسرب هذا الخبر إلى مسامع «هدى شعراوي» غضبت وقررت عدم إتمام هذا الزواج ولم يستطع ابنها أن يواجه أمه فسافر وترك لزوجته خبراً بأن تلحق به فى أوروبا وكان التنقل بين مدن أوروبا ميسوراً له وكأنه يسير بسيارته بين أحياء القاهرة فكان يسافر من مدينة إلى مدينة بين دول أوروبا وفى كل مرة يترك للزوجة المسكينة خبراً بأنه سبقها إلى مدينة أخرى وأمر خادمه أن يصحبها ويكون طوع أمرها لأنها حامل وعلى وشك الولادة حتى التقت به فى باريس وهناك سألها عن الإقرار فأنكرت أنها أحضرته وأبدى مخاوفه من أن تلد فى باريس ويتسرب الخبر إلى الملك فؤاد عن طريق القنصل زوج ابنة الملك، إذا ما سجلت المولود هناك فغادرت فاطمة سرى إلى فينا لتلتقى هناك «بمصطفى النحاس» الذى كان فى زيارة وكان محامياً كبيراً فى مصر فنصحها بألا تعطى زوجها أصل الإقرار وأن تصوره صورة زنكوغرافية إذ خشى النحاس تصرف الفتى العابث الذى ترك زوجته تضع وليدها فى بلاد غريبة.
وللحديث بقية