إذا أردت أن ترى درة العمارة الإسلامية والتى توجد فى مصر المحروسة صاحبة التاريخ العظيم فما عليك إلا ان تمسك بورقة مالية فئة المئة جنيه والتى تزينها صورة مسجد السلطان حسن على وجهها فيما ترسم صورة أبوالهول على ظهرها، هذا المسجد الذى يقع فى وسط القاهرة ويعتبر واحداً من اشهر مساجد القاهرة «مسجد السلطان حسن» بميدان صلاح الدين «ميدان الرميلة» بحى الخليفة، ويعتبره المعماريون أكثر آثار القاهرة الإسلامية تناسقاً وانسجاما كما انه يمثل مرحلة نضوج العمارة المملوكية. أنشأه السلطان الناصر حسن بن الناصر محمد بن قلاوون خلال حقبة المماليك البحرية لمصر فى عام 757 هـ / 1356م. وكان موقع المسجد قديماً يسمى سوق الخيل وكان به قصر بناه الناصر محمد بن قلاوون لسكنى الأمير يلبنفا اليحياوي، ثم قام السلطان حسن بهدم هذا القصر وبنى محله هذه المسجد ومدرسة، ويقع بجواره عدة مساجد أثرية وهى مسجد الرفاعى ومسجد المحمودية ومسجد ثانى باى الرماح ومسجد جوهر لا لا بالإضافة مسجد محمد على ومسجد الناصر قلاوون بقلعة صلاح الدين ومتحف مصطفى كامل. ولد السلطان الملك الناصر حسن سنة 537 هـ وتولى العرش وعمره ثلاث عشرة سنة وأصغر سنة ناب عنه فى إدارة شئون البلاد الأمير بيلاروس حتى بلغ سن الرشد. وقد فتن الكتاب والفلاسفة على مر العصور بالمسجد والمدرسة التى تعتبر جزءاً منه فقالوا عنه الكثير ومنهم المقريزى الذى وصفه بقوله «لايعرف فى بلاد الإسلام معبد من معابد المسلمين يحاكى هذا الجامع وقبته التى لم يبن بديار مصر والشام والعراق والمغرب واليمن»، ووصفه غرس الدين بن شاهين الظاهرى بقوله «ليس له نظير فى الدنيا»، اما السلطان سليم فقال «هذا حصار عظيم»، اما عبدالغنى النابلسى فكتب عنه «إن هذا الجامع من أعظم الجوامع على شكل القاعة العظيمة وإذا نظرنا إلى إيوانه القبلى ومنبره والمحراب فإذا هو إيوان كبير عظيم»، ووصفه جوما. بقوله «إنه من أجمل مبانى القاهرة والإسلام ويستحق ان يكون فى المرتبة الأولى من مراتب العمارة العربية بفضل قبته العالية وارتفاع مئذنتيه وعظم اتساعه وفخامة وكثرة زخارفه التى تكسو الأرضية والحيطان». ويتكون البناء من مسجد ومدرسة للمذاهب الأربعة «الشافعية، والمالكية، والحنابلة، والحنفية»، وفى هذه المدرسة كان يدرس علوم تفسير القرآن والحديث والنبوة والقراءات السبع بالإضافة إلى مكتبتين لتحفيظ القرآن للأيتام وتعليمهم الخط. وقد أحاط الغموض بالفنان الذى شيد هذا البناء وبَقى اسم المهندس غير معروف لم يذكره أحد المؤرخين، ولكن استنتج هرتس باشا من أسلوب عمارته انه أجنبى ورجح انه بيزنطى تلقى أصول الطراز الإسلامى فى أحد البلاد السلجوقية. ويعتبر هذا المسجد والمدرسة أجمل مساجد مصر حيث خلد اسم صاحبه، كما يعتبر خير أبنية عصر المماليك وفخر العمارة الإسلامية فى الشرق بأجمعه. وقد استمر العمل فى بنائه طوال حياة السلطان حيث رصد له ميزانية ضخمة وصرف عليه بسخاء، وقرر لمدارس المذاهب الأربعة مدرسين ومراقبين وعين لهم مرتبات كما قرر لكل مذهب شيخاً ومائة طالب من كل فرقة خمسة وعشرون متقدموا وعين مدرساً لتفسير القرآن ومدرساً للحديث النبوى ومقرئاً لقراءة الحديث وأعد مكتبة وعين لها أميناً. وقد وضع تصميم المدرسة على طريقة التعامد التى تشمل أربعة أيونات يتوسطها صحن مكشوف، وقد اتخذ المماليك من المبنى حصناً لهم لوقوعه أمام قلعة الجبل كلما وقعت فتنة بينهم حيث كانوا يصعدون لأعلى المبنى ويضربون القلعة. ويعتبر المسجد حالياً من أهم الاماكن السياحية التى يتوافد عليها السياح كما يحتوى على مدرسة صغيرة للأطفال لحفظ القرآن وتقام به العديد من الحلقات والندوات الثقافية.