استدامة تأثير الدراما على الوجدان المصرى، يتوقف دومًا على ما تحمله بين ثناياها من أفكار بناءة، تعكس منظومة القيم النبيلة التى تربينا عليها؛ ومن ثم يحاكيها المواطن، أو المتلقى، ويستفيد منها بصورة وظيفية فى حياته المليئة بزخم مجريات الأحداث؛ حيث يستلهم الصورة الذهنية، التى تمكنه من أن يتعامل بصورة صحيحة، مع ما يتناوله من قضايا تخصه، أو ما يتم تعاطيه بالشأن العام، وهنا نتحدث عن تعزيز للسلوك المرغوب فيه الذى يتقبله المجتمع، فى ضوء ميزان النسق القيمى، الذى يؤمن به منذ فجر التاريخ.
دراما القيم تساعد دون مواربة فى بناء إنسان يمتلك وعيًا قويمًا، يصبح بمثابة سياج الحماية له؛ فلا تنال منه غايات المغرضين، ولا تشوش أفكاره شائعات مغرضة، تبث على مدار الساعة، عبر أبواق ممولة؛ لذا فهى باقية فى الأذهان، راسخة فى الوجدان، تتبادلها الأجيال تلو الأخري؛ فترى المجتمع لا يقبل التغيير فى نسقه الأصيل، ولا يخضع للإسفاف، وغايات التحديث الخبيئة، التى تستهدف تفكيك المجتمع، وتجعله يتخلى عن هويته، ويستهين بقوميته، ويتخلف عن الركب، ويغوص فى زيف أحلام الوهم والضياع.
مصر دون غيرها من دول العالم، تمتلك أصحاب التفرد والتميز، فى المجال الفنى، والذين لهم بصمات، نتفق جميعًا على إنها إبداعية، وهنا نتحدث عن طرفى المعادلة؛ فهناك مرسل مبدع، وهناك متلقى، يفرز الغث من السمين، ويتعطش لمشرب القيم النبيلة، ويلفظ ما يخالف عاداته وتقاليده، التى تربى عليها لذا ندرك سبب استقرار وبقاء دراما القيم فى الوجدان المصرى، وفى المقابل نخشى من تفشى الدراما، أو الأعمال التى تحمل فى طياتها، ما يهدر قيمنا، وينال من ثروتنا البشرية، فيصيبها بالعطب.
نتطلع لمزيد من الأعمال الدرامية، التى تتناول واقعنا المعاش؛ فتصفه بدقة؛ وتضع له سيناريوهات للعلاج، الذى يربأ الصدع، ويصحح المفاهيم، ويجعل المواطن، يحترم مؤسسات الدولة، ويقدر رموزها، ويقدس ترابها الغالى، ويعمل على حماية مقدرات وطنه؛ فتزداد طاقته نحو العمل، والإعمار، ونحصد جراء ذلك مزيدا من العطاء المستدام، فى شتى مجالات التنمية؛ فتزدهر البلاد، ويحيا المجتمع حياة كريمة مستقرة، تتوافر فى مكونها ومكنونها الرضا، والتماسك المجتمعى.
مجتمعات العالم قاطبة، لا تعيش بعيدًا عن مشكلات حياتية متباينة، ومتجددة مثل النهر الجاري؛ لذا فمسئولية الدراما المصرية تبدو جلية؛ حيث ينبغى أن تركز فى مضمون محتواها الهادف، على هموم المجتمع، وأزماته، ومشكلاته، وتحدياته، وترسم رؤى، وأطروحات قابلة للتنفيذ، يستلهم منها المجتمع وأفراده، ما يمكنه من صناعة القرار الصحيح؛ فيستبصر، أو يستقرئ، أو يستنتج الحلول الناجزة، مهما تباينت، أو اختلفت متغيرات الحياة.. ودى ومحبتى لوطنى وللجميع.