ازدادت صعوبة الأوضاع الإنسانية على الفلسطينين داخل قطاع غزة بعد اعلان حكومة بنيامين نتيناهو وقف دخول المساعدات الانسانية إلى القطاع منذ مطلع الشهر، وتشديد الحصار الإسرائيلي من خلال إغلاق معبر كرم أبو سالم إغلاقاً كاملاً ومنع دخول أي مساعدات، سواء كانت غذائية أو طبية أو وقود أوغيرها. وتبع ذلك قطعاً كامل للكهرباء عن القطاع الذي بدأ شبح المجاعة يدور حوله بعد نفاد أغلب المواد الغذائية التي دخلت الى القطاع الأسابيع الماضية بعد تنفيذ هدنة وقف إطلاق النار في 19 يناير الماضي، ويضاعف من المأساة تعمد حكومة الاحتلال استهداف مخازن الغذاء والأسواق بالطائرات المسيرة، ويضاف إلى كل ماسبق، التجريف الكبير للأراضي الزراعية التي أتت عليها الجرافات الزراعية بعد اجتياحها القطاع قبل أكثر من عام ونصف، وأصبح أغلبها غير قابل للزراعة.
تعقيباً على الاحداث أكد السفير الدكتور محمد حجازي مساعد وزير الخارجية الأسبق لـ «الجمهورية الإسبوعي» أن الدبلوماسية المصرية تعمل في مشهد شديد التعقيد، وقال» تلعب مصر دوراً محورياً للحفاظ على الأمن القومي والأمن العربي. وساهمت بجهد هائل مع الوسيطين الأمريكي والقطري طوال 15 شهراً للتوصل إلى اتفاق وقف اطلاق النار وتنفيذ الهدنة وملحق البروتوكول الإنساني». وأضاف» واجهت مصر منذ اللحظة الأولى كل المخططات الداعية إلى تهجير الفلسطينيين خارج أراضيهم حفاظاً على القضية الفلسطينية مع التأكيد على الحق الفلسطيني في إقامة دولته. وتواصلت هذه الجهود الجبارة حتى نجحت في رسم خطة متكاملة المراحل لإعادة إعمار غزة مع وجود ابناء القطاع داخله، وهي الخطة التي تبنتها القمة العربية الإسبوع الماضي لتصبح خطة عربية بدعم عالمي».
ومن جانبه قال اللواء طيار اركان حرب دكتورهشام الحلبى مستشار الاكاديمية العسكرية للدراسات العليا والاستراتيجية» ان هناك انتهاكات صارخة من اسرائيل لحقوق الانسان فى شكلها العام و القانونى منذ بداية الحرب على غزة مما جعل محكمة العدل الدولية تصدر ادانات ضد ما تفعله اسرائيل فى حقوق الشعب الفلسطينى». و أكد على ان اسرائيل تمارس اساليب ضغط على الفلسطينيين لتهجيرهم قسراً أو طوعا عن طريق تصعيب كل اشكال الحياة الادمية كقطع الكهرباء و المياة و تدمير المنازل و المستشفيات بجانب انشاء آلية لدفع الفلسطينيين على مغادرة قطاع غزة الى بعض الدول خاصة التى لديها برامج هجرة فى جميع أنحاء العالم. واضاف «ان الموقف المصرى حاسم وواضح وقوي وقاطع ورافض تماما لمخطط التهجير وتظهر جميع البيانات الرسمية و الشعبية ذلك وان مصر تعمل جاهدة على ادخال المساعدات و التغلب على عقبات تنفيذ مراحل الهدنة خاصة المرحلة الثانية».
و قال» ان الموقف المصرى يترجم سياساته الى افعال تنفيذية على ارض الواقع بخلاف بعض المواقف، وان إسرائيل تستغل انشغال المجتمع الدولي بقضاياه مثل انشغال الصين بملف تايوان، وانشغال دول اوروبا بالحرب على اوكرانيا ومتغيراتها الجديدة الأمر الذى يجعل تاثيرهم ليس قويًا على القضية الفلسطينة».
وفى سياق متصل أصدر المركز الفلسطيني لحقوق الإنسان ورقة عمل تحت عنوان» سياسة التجويع الإسرائيلية في ظل جريمة الإبادة الجماعية»، أشار فيها إلى حكم محكمة العدل الدولية في يناير 2024 الذي يدين تل أبيب بارتكاب جرائم إبادة جماعية في قطاع غزة، ومنها سياسة التجويع. وقالت» في ضوء الأزمة الإنسانية المتفاقمة في القطاع، عادت جنوب أفريقيا إلى المحكمة في 6 مارس 2024، لطلب اتخاذ إجراءات طارئة إضافية ضد إسرائيل من أجل تجنب »التجويع الجماعي« في قطاع غزة وقالت إن إسرائيل تنتهك الحكم الأولي الصادر عن المحكمة، وتهدد الفلسطينيين في قطاع غزة بمجاعة جماعية».
كما أوضحت الورقة الأسانيد القانونية لارتكاب الاحتلال الإسرائيلي جريمة حرب وجريمة إبادة جماعية باستخدام التجويع كوسيلة حرب، إذ يعتبر تعمد تجويع المدنيين كوسيلة حرب، بحرمانهم من المواد الأساسية للبقاء، جريمة حرب وفقًا لمادة 8 من النظام الأساسي للمحكمة الجنائية الدولية ومادة 54 من البروتوكول الإضافي الأول لاتفاقيات جنيف. وتحظر هذه المواد التجويع كوسيلة حرب، ويعد استخدامه ضد المدنيين جريمة إبادة جماعية إذا كان يهدف إلى تدمير مجموعة قومية، أو إثنية أو دينية كليًا أو جزئيًا.
وقال فيليب لازاريني، المفوض العام لوكالة غوث وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين (أونروا)، إن قرار إسرائيل حظر دخول المساعدات الإنسانية والإمدادات التجارية إلى قطاع غزة يهدد حياة المدنيين الفلسطينيين، وأضاف» إذا أقدمت على إغلاق جميع المعابر، فإنك تخلق حالةً تستخدم فيها المساعدات الأساسية والغذاء أداة لتحقيق هدف سياسي أو عسكري، وهو ما يتعارض مع أي معيار إنساني دولي».
جوزيب بوريل، كبير دبلوماسيي الاتحاد الأوروبي، أكد على إن إسرائيل تستخدم المجاعة عمدا كسلاح في الحرب. وقال» إن تعليق المساعدات يهدد التقدم المحدود الذي تحقق خلال الأسابيع الماضية لمنع المجاعة، خاصة بعد مرور أكثر من 15 شهرًا على الحرب، حيث أصبح السكان بلا مأوى ويعتمدون على المساعدات للبقاء على قيد الحياة».
مارتن جريفيث وكيل الأمين العام للأمم المتحدة للشئون الإنسانية، قال»لم تكتف إسرائيل بالقتل واسع النطاق وتدمير قطاع غزة بل تمضي في تصعيد سياسات الإبادة الجماعية عبر فرض ظروف معيشية أكثر فتكاً تؤدي إلى القتل التدريجي، من خلال حصار شامل غير قانوني يخنق القطاع بمنع دخول المساعدات الإنسانية والمواد الأساسية، ويحول دون إصلاح البنية التحتية والخدمات الضرورية لنجاة السكان». وحذر من كارثة إنسانية وشيكة مع استمرار الحصار، إذ بدأت الأسواق تشهد نفادًا للبضائع، وتوقفت العديد من مراكز الإغاثة والتكايا عن العمل، في ظل الإغلاق المستمر للمعابر ومنع دخول الإمدادات منذ 2 مارس الجاري، ما يفاقم معاناة المدنيين ويدفع نحو المجاعة الحتمية.