نعيب زماننا والعيب فينا.. وما لزماننا عيب سوانا
ونهجو ذا الزمان بغير ذنب.. ولو نطق الزمان لنا لهجانا
هذه الأبيات للإمام محمد بن إدريس الشافعي.. تعبر عن حال بعضنا من المصريين.. أبيات تشكل وتترجم وتوضح الأمور الحياتية لمواطن ما.. وطريقة تعامله مع الشارع.. يرمى قمامته وسط الشارع.. يتناول المأكولات والمشروبات ويلقى بالمخلفات فى الطريق أو يتركها فى الحديقة أو فى وسيلة المواصلات العامة التى استقلها لكى يذهب لقضاء مصالحه.. وفى النهاية يشكو نفس المواطن من عدم نظافة الشارع والحى الذى يقطن به ووسائل المواصلات.
الواقع المر أمامنا فى كل مكان.. فى الشارع.. فى المترو.. فى العمل.. فى أماكن تقديم الخدمات.. فى الحدائق.. واقع لا يكذب ولا يتجمل.. هناك اغتيال لكل ما هو جميل فى حين ان المواطن يجب أن يكون آداة فعالة للحفاظ على بيئته التى يعيش فيها أو يعمل بها.. واقع أليم نعيشه يتطلب منا جميعاً بذل كل الجهد.. والتكاتف.. والتناغم.. والانصهار لتحويل قبح الشارع إلى جمال.. والمشيب إلى الشباب.. وليعمل الجميع فى إطار منظومة واضحة معلومة.. شفافة من أجل أن تعود للقاهرة نظافتها ورونقها ورقيها وبهجتها.. وتعود قاهرة المعز رائعة ناعمة.. صامتة.. هادئة.. ساكنة.. حنونة وقورة.. شامخة.
لا بد أن نعمل.. ونتعاون ونتكامل وصولاً لشارع نظيف وحى وحارة مصرية راقية.. يجب علينا النزول إلى الشارع ونشارك جميعًا من خلال حملة قومية للنظافة والتجميل.. لتتحول مصرنا للوحة فنية جميلة يرسم كلا منا بريشته جزء فيها بالتعاون مع الجهات المعنية سواء وزارة الإدارة المحلية ووزارة الداخلية وغيرهما.. لا بد أن يشهد الشارع المصرى حالة من النظافة والجمال والرقى والقضاء على الاشغالات وعودة الرصيف لاصحابه.. وانسياب فى حالة المرور وانتشار للاشجار للمساحات الخضراء.. وليكن هناك دور اساسى وفعال للمواطن الذى يجب مشاركته فى هذه الجهود الرامية نحو توفير بيئة صحية ونظيفة له.. ثم يأتى دوره أيضًا فى المحافظة على الإنجاز إذا تم.. بعدم إلقاء مخلفاته بالشارع.. وهنا أيضًا يأتى دور المحلات فى توفير صناديق لإلقاء القمامة أمامها إلى جانب ما توفره الحكومة والمجتمع المدنى الذى يجب أن يكون دورًا محوريًا ومؤثرًا فى هذا الصدد.
ويجب تفعيل القانون ضد من يلقى أى مخلفات بالشارع.. لقد سافرت إلى دول عديدة على مستوى العالم لم أجد هذا الكم من رجال النظافة منتشرين بشوارعها كما هو الحال فى مصر.. لم أشاهد مواطناً يتناول طعامًا أو شرابا ويرمى مخلفاته على الأرض.. لم أشاهد قائد سيارة يروى ظمأه بمشروب ويقذف العلبة من شباك السيارة إلى الشارع.. لم أشاهد أى مرتاد لحديقة يفترش الأرض ويترك وراءه مخلفاته مبعثرة بين الزهور والحشائش لأنه إذا فعل ذلك فسوف يحاسب بالقانون.. لذلك نجد النظافة هى العنوان الرئيسى فى مناحى الحياة.. بدأ ذلك بالخوف من العقاب إلى أن أصبح عادة لدى المواطن.