عندما نتحدث هذه الأيام عن (سيناء) والمخطط المشبوه للتهجير.. نتذكر الراحل العظيم جمال حمدان.. فمثلما عاش فى صمت وعزلة.
رحل جمال حمدان (العالم المصرى العظيم) فى صمت وعزلة. صحيح، تناولت (صاحب موسوعة: شخصية مصر) بعد رحيله، وطرفاً من سيرته وعلمه بعض الأقلام فى الأيام التالية لوفاته – مختنقاً بالغاز – وصحيح أن البعض ألقى باللوم على الزمان، وعلى المكان، وعلى الوطن الذى أنجب (حمدان) ورحل فى موكب لا يتعدى مائة شخص من تلاميذه وأقربائه. وصحيح أيضاً أن أحدهم قد همس باكياً فى تلك الجنازة، بأنها جنازة تليق «برجل شريف»، لأنه لو لم يكن «عالماً» ــ لكانت الجنازة أكثر عدداً و صخباً! صحيح كل هذا.. ولكننا اليوم نتذكره ومع المخاطر التى تهدد الامن القومى المصرى من بوابة (سيناء ) نتذكره.. فماذا تقول رؤيته وتحذيراته بشأن سيناء؟
فى عام 1993 صدر عن دار الهلال – بعد رحيل مؤلفه مباشرة الدكتور العلامة جمال حمدان – كتاب (سيناء) وهو بمثابة فصل كامل فى موسوعته الشهيرة (شخصية مصر) وهو (الفصل العاشر) يقول نصا وفى ثنايا كتابه (من يسيطر على فلسطين يهدد خط دفاع سيناء الاول، ومن يسيطر على خط دفاع سيناء الأوسط يتحكم فى سيناء، ومن يسيطر على سيناء يتحكم فى خط دفاع مصر الأخير») الكتاب هو الفصل العاشر من موسوعته الفذة (عبقرية مصر) إن هذه هى (القاعدة التاريخية) الثابته للامن القومى المصرى وعليها بنى كل الامن القومى المصرى وتحددت خطواته ومعاييره وحدوده.. إن سيناء ليست مجرد (جغرافيا) ثابتة بل (حياة وتاريخ ومستقبل لشعب حي) إن سيناء ووسط هذه الهوجة العمياء لتصريحات غربية مغرضة عن التهجير ليست مجرد صحراء بل (وطن ينبض بالسعادة لكل مصر) هكذا فهمها جمال حمدان وهكذا نفهمها!
يخطئ من يظن أن كتابات جمال حمدان تقف فقط عند (شخصية مصر ـ دراسة فى عبقرية المكان) بأجزائها الأربعة. فللرجل إسهاماته الأخرى الهامة، والجديرة بالتسجيل. صحيح أن (شخصية مصر) هو أنضجها وأعمقها إلا أن ثمة تراثاً ضخماً يقف خلف (حمدان)، متحدثاً باسمه، متحدياً التراجع الحضارى العربى والمصرى السابق لوفاته ولنتذكر فقط هذه الإسهامات لجمال حمدان:
– دراسات فى العالم العربى 1958.
– نمو وتوزيع السكان فى مصر 1959.
– المدنية العربية 1963.
– بترول العرب دراسة فى الجغرافيا البشرية 1964.
– أفريقيا الجديدة دراسة فى الجغرافيا السياسية 1966.
– قناة السويس ـ نبض مصر 1975.
– من خريطة الزراعة المصرية 1983.
تلك فقط بعض النماذج مما خط جمال حمدان من كتب، أما مقالاته ودراساته فلم تتوقف عن التدفق فى العديد من المجلات المصرية والعربية، مثل مجلة (الكاتب) و(الطليعة)، وجريدة (الأهرام).
إذن.. نظلم كثيراً جمال حمدان، بأن نختصر تاريخه الفكرى فى (شخصية مصر)، دون سواهاً من الإسهامات الفذة، ونظلمه أكثر بأن نكتفى بعدم تقديم القشور من المعلومات عما كتبه، وعما آمن به من أفكار ورؤى وبخاصة ما سطره فى موسوعته الرائعة (شخصية مصر).
ووفقا لجمال حمدان أن سيناء هى مصر الصغرى لأنه طبواغرافيا ومناخيا وجيولوجيا تشبه صحراء مصر الشرقية ثم يتناول – فى الفصل العاشر من موسوعته الفذة وفى كتابه المهم (سيناء) – النباتات والمناخ والتضاريس التى تبعد كل البعد عن مثلها فى الجزيرة العربية ويختم وبهذا فإن السؤال حول «أفريقية سيناء أم أسيويتها» محسوم علميا ولا مبرر لحيرة أو تناقض فسيناء على المستوى الطبيعى أفريقية أكثر مما هى أسيوية ومصرية.. كل هذا على المستوى الطبيعى فى الجغرافيا والجيولوجيا والأرض أما فى التاريخ فتلك قصة أخرى وكل ما يمكن قوله إن مصر كما هى فى أفريقيا بالجغرافيا فإنها فى آسيا بالتاريخ وفى هذا المفهوم فإنه بكل بساطة سيناء جزءا لا يتجزأ من مصر وأمنها القومي).
إن العلامة الدكتور جمال حمدان يحذرنا عبر كتابه العظيم (سيناء ) وموسوعته الفذة (عبقرية مصر) الى أهمية سيناء للامن القومى المصرى وضرورة الدفاع عنها وعدم التفريط فى مصريتها لان ذلك سيمثل تخلى طوعى عن أحد أهم أركان الامن القومى لمصر ويمثل تهديدا ووجوديا لمصر كلها.. أيضا علينا اليوم (2025) وبعد التصريحات الحمقاء لبعض المسئولين الغربيين أن (نعمر سيناء) برؤية جديدة وإستراتيجية دائمة حتى لايطمع فى بلادنا الاعداء.. علينا بالتخطيط المتكامل والنهائى ووضع تصور للرؤية المستقبلية للتعمير والتنمية الشاملة لسيناء باستخدام الأسلوب العلمى بحيث تكون (كياناً اجتماعياً واقتصادياً وأمنياً متماسكاً ) يحمى سيناء من ثلاثة مخاطر كبري: 1- مخاطر التهجير وما يتصل به من خرافات وقنابل دخان بعض القادة الغربيين 2- ومخاطر غياب التنمية المستقلة، 3- ومخاطر الفتن التى تبذرها قوى التطرف الديني.
* إن سيناء هى البوابة الشرقية الثابتة والتاريخية للامن القومى المصرى وتلك التحديات الثلاث هى العناوين الثابتة له.. وقد نجحنا فى السنوات الماضية فى التعامل معها بمشروع تنموى عملاق كما نواجه مخطط التهجير بغزة.
*إن «د. جمال حمدان ــ احتج بلغته الخاصة على عصر الانحطاط العالمي، والتراجع – أنئذ – العربى و المصري، فقدم موسوعته (شخصية مصر) – وكتاباته الفذة، عن الأرض، والإنسان، والحضارة. وتحدث عن (سيناء) وأهميتها للامن القومى المصرى وهانحن اليوم تنذكره دفاعا عن عبقرية موقع وموضع – وفقا لتعبيره الخالد – (مصر بسيناءها)! حفظها الله.